السبت، 5 ديسمبر 2020

متى تبدأ معاناة الانسان

 متى تبدأ معاناة الانسان؟

يحدث في اذهاننا ان تتوارد إليه الأفكار بمعدل يتراوح ما بين 70,000 الى 100,000 فكرة في كل يوم، هذه الأفكار تساعدنا في تفسير العالم من حولنا، وهي التي تصف لنا ما يحدث حولنا، كما أنها تساعدنا على فهم الأصوات والروائح والمشاعر والصور، يحدث كل هذا دون ان نكون في حالة إدراك لهذه العملية، فنحن طوال الوقت نقرر أن شيئا لطيفا يحدث لنا او ان شيئا مقرفا يحدث لنا، او أن هناك شيء خطير وسيء يحدق بنا أو أن شيء آمن يرافقنا.
الأفكار ببساطة هي نبضات كهروكيميائية في دماغنا تعمل على إضفاء المعنى للأحداث التي تجري حولنا في الخارج أو التي تجري في داخلنا عبر عمليات التذكر او الخيال والتصور، او عبر الحديث الذاتي وإنشاء السيناريوهات المختلفة لحياتنا وعلاقاتنا وما يمكن ان تؤل اليه حياتنا. ان هذه الأفكار ببساطة يمكن القول فيها بأنها بيانات لا تمثل الحقيقة. الأفكار نتيجة لعملية التفكير التي لا نستطيع ان نوقفها وانما نستطيع ان نتحكم في نوعية الأفكار التي تراودنا وهذا ما يمنحنا القوة او الضعف وبحسب نوعية الأفكار التي تعبر من خلالنا، فالأفكار السلبية تمنحنا الضعف والأفكار الإيجابية الصحيحة تمنحنا القوة والإرادة في صنع حياتنا الأفضل.
1 - تبدأ معاناة الإنسان في الحياة عندما يقوم بمنح تفسيرات ومعاني للأحداث بطريقة غير عقلانية، وعادة هذه التفسيرات تكون مرتبطة بتجاربنا السابقة و تربيتنا وثقافتنا ومعتقداتنا العامة والدينية وقيمنا الاسرية والاعلام الذي نتعرض له، والعادات المنتشرة في البيئة والمجتمع (أي ما تم برمجتنا عليه)، فنفس الحدث نجد له تفسيرات مختلفة تتوافق مع عدد الأفراد الذين تلقوا هذا الحدث وذلك حسب البرمجة التي حدثت لكل فرد، والتي تختلف عن الفرد الاخر، فالحدث واحد انما تفسيره مختلف عند كل فرد.
إن التفاسير المختلفة هي أفكار مختلفة تحدث في أذهان الناس، فمنها ما هو صحيح وباني للحياة ومنها ما هو خطأ وهادم للحياة، وأغلب الناس لا يدركون تلك العملية التي تحدث ألاف المرات يومياً، وهي التي تؤثر على حالتنا المزاجية وعلى مشاعرنا وهذه في النهاية سوف تؤثر على تصرفاتنا وسلوكنا في الحياة.
فمثلا: أم أرسلت ابنها الى المدرسة كالمعتاد، وحدث أن تأخر عن موعد وصوله الى البيت عن الوقت المألوف للأم، ما الذي سيحدث في ذهن الام؟ تفسير للحدث الخارجي بحسب تربية الأم وخبراتها السابقة والإعلام الذي تعرضت له، ولنفترض أن ذلك كان سلبيا بالمجمل، فإنها سوف تفسر الحدث الحالي المتمثل بتأخر ابنها بطريقة سلبية، حيث تفترض بأن ابنها تعرض لمكروه ما، وبناء على هذا التفسير ستشعر بالقلق والتوتر والخوف وستقضي كل الوقت وهي عاجزة عن القيام بأي عمل بطريقة صحيحة. (هذا افتراض قد يكون صحيح أو غير صحيح.)
هذا الحدث يتكرر بصورة مستمرة بأشكال مختلفة ويسبب الكثير من المعاناة للأمهات والآباء بسبب الافتراضات المسبقة للأسباب السلبية للحدث الذي نفسره عمليا في ذهننا، بينما في الواقع قد يكون الموضوع مختلف تماما عن تفسيراتنا. بالطبع الإنسان يقلق ويخاف على أبنائه بصورة مستمرة انما يجب ان يكون هذا القلق مفهوم لدى الإنسان كيف يتشكل نتيجة عملية التفسير للحدث، وإن فهمنا لهذه العملية يمنحنا الفرصة للسيطرة على افكارنا وتوجيهه التوجيه الصحيح.
2 - وايضاً تبدأ معاناة الإنسان عندما يقوم بمجادلة الواقع الحادث عندما يسأل لماذا يحدث معي هذا دون الناس جميعاً، أو لماذا أنا.
ان تعلم تفهم الواقع كما هو عندما يصبح الحدث واقعا، وعدم محاولة ان تجادله بان تجري المقارنة مع أفكارك وما تتمناه وبين ما حدث وبين ما تعتقد أنك تستحقه، فذلك سيضعك في موقع الضحية والضعف والاستكانة، وهذا يحدث أيضا بصورة مستمرة في حياتنا. تعلم أن تفحص أفكارك التي تواجه الواقع وجها لوجه وتحقق منها ومن قدرتها على منحك القوة وتحمل المسؤولية والمواجهة دون الهروب والتنصل وإلقاء اللوم على الواقع وعلى الآخرين. تعلم ان تفعل ذلك دون ان تسبب الضرر لنفسك او الاخرين.
3 - وأيضا تبدأ معاناة الانسان عندما يصدق أفكاره الخاطئة، والتي عادة تأتي اليه بدون وعي منه أو فحص وتدقيق عن مدى صحتها وبدون ضوابط او معايير، وهي أفكار في العادة تتعارض مع الواقع، فكل فكرة تتعارض مع الواقع تسبب الألم والمعاناة لصاحبها، الغاية الأساسية هنا الوصول الى الادراك للعمليات الذهنية التي تجري داخل رؤوسنا والتي تكون السبب في منحنا القوة او منحنا الضعف، اننا هنا نتعلم فن السيطرة الذاتية على افكارنا لكي نجعلها تقف الى جانبنا ونحن واعين بما يحدث داخل اذهاننا من عمليات وكيف ان لهذه الأفكار دور كبير على مشاعرنا، وكيف لمشاعرنا الدور الكبير ايضاً في تفكيرنا، وان هناك علاقة سببية مستمرة بين المشاعر والأفكار والسلوك وفهمنا لذلك سيحسن الكثير من ادائنا، وسيجنبنا أيضا الكثير من المعاناة والالم .
تخطر الأفكار التالية في بال الناس في أكثر الأحيان كما يخطر في بالهم غيرها وكل حسب ما يفكر به ويعتقد:
- يجب ان يكون الناس لطفاء ومهذبين معي.
- على الجميع ان يحترمني.
- يجب ان يسمع اولادي كلامي دائماً.
- على زوجتي / زوجي ان يطيع اوامري وان يكون رأيه / رأيها متوافق مع رأي.
- ما أقوله وافعله هو الصح، والاخرون خطأ.
- لماذا انا لست في وضع مادي جيد.
- انا استحق ان أكون المدير هنا.
- انا استحق هذه المرأة/ هذا الرجل.
- لماذا يحدث معي هذا. أنا استحق الأفضل.
القائمة تطول وكلها تشير الى الأفكار والى الطرق التي نرغب بها ان يتغير الواقع ليتوافق مع افكارنا، انها عمليات ذهنية نصدق بها افكارنا، كما انها تجادل الواقع، وهي بنفس الوقت تفسيرات نستخدمها لإضفاء المعنى على الاحداث التي تجري. ان الضغط النفسي ينشأ بسبب تلك الأفكار عموماً.
ما لذي يعطي قوة أكبر القول: ليتني لم أفقد وظيفتي وانا جدير بها ان الحياة ليست عادلة.
ام القول: لقد فقدت وظيفتي ماذا عساي ان افعل الان؟
ما حصل قد حصل، وتفكيرك ببساطة الان لن يغير هذه الحقيقة إذا بقيت مستمراً في الاعتراض عليها لأنها أصبحت واقعاً.
بالطبع هذا لا يعني إنك توافق على هذا الواقع، انما فقط انت تفهم هذا الواقع دون مقاومة او ارتباك او تذمر او ضعف.
لا أحد منا يريد ان يمرض أولاده او ان يتعرضوا لمكروه، كما اننا لا نحب ان نخسر اموالنا او نفقد احبتنا، انما ما جدوى مجادلة الواقع بعد ان يحدث الحدث.
د. أيمن قتلان

كيف تستخدم عقلك الباطن؟

العقل الباطن

كيف تستخدم مفهوم العيش بشجاعة للقضاء على المخاوف؟

 كيف تستخدم مفهوم العيش بشجاعة للقضاء على المخاوف؟

يقول نيلسون مانديلا :

لقد تعلمت أن الشجاعة لم تكن هي غياب الخوف، بل هي الانتصار عليه، الإنسان الشجاع ليس هو من لا يشعر بالخوف، بل من ينتصر على هذا الخوف.

فالشجاعة لا تعني غياب الخوف، بل المضي قدماً لمواجهة الخوف والانتصار عليه، فإذا لم يكن هناك خوف، فمن سوف يحتاج إلى الشجاعة، ليصبح شجاعاً.

إن الشجاعة هي نوع من القوة والطاقة والتصميم لمواجهة ظرف مخيف، حيث يتم استدعاء الشجاعة عندما نواجه حالة صعبة ومخيفة ومؤلمة ومقلقة، عندما يتم تحدي مواردنا أو دفعها إلى الحد المطلق، عندما نشعر بالتهديد أو الضعف أو الترهيب أو الترعيب، عندما يكون رد فعلنا الغريزي الأول هو الفرار والهروب، ففي مثل هذه الأوقات تسألنا الحياة عن مسألة وجودية: هل يمكننا العثور على الشجاعة لمواجهة وهزيمة خوفنا، أم أننا سنهزم به؟ هل سنختار أن نكون شجعان؟ أم نختار أن نكون جبناء؟

لا شك أن هناك مخاطر حقيقية في الحياة يجب تجنبها، لكن هناك فجوة كبيرة بين الاستهتار والشجاعة، أنا لا أشير إلى الشجاعة البطولية المطلوبة للمخاطرة بحياتك لإنقاذ شخص ما من مبنى محترق، ما أعنيه بالشجاعة هو القدرة على مواجهة تلك المخاوف التخيلية واستعادة الحياة التي حرمت نفسك منها بسبب مخاوفك من الفشل أو الرفض أو الإذلال أو الوحدة أو التحدث أمام الجمهور، الخوف من النجاح، الخوف من الأشياء والحيوانات والمرض والموت.

كم من هذه المخاوف التي تعيقك وتعيق حياتك؟

هل سبق لك أن أقنعت نفسك أنك لا تخاف من أي شيء؟

إن الشجاعة ليست غياب الخوف، بل هي الحكم على أن شيئاً أخر أكثر أهمية من الخوف. فالشجاعة هي مقاومة الخوف والسيطرة على الخوف وليس غياب الخوف، إن الشجاعة تعني القدرة على حمل نفسك على اتخاذ إجراء على الرغم من الخوف.

إن الحياة تتقلص وتتوسع بما يتناسب مع شجاعة الفرد وثقته، وإن الشجاعة الحقيقية هي مهارة عقلية وليست عاطفية، إنها قدرة على استخدام ذكائك البشري والإرادة المستقلة للتغلب على القيود التي ورثتها من دماغك الأوسط العاطفي.

الشجاعة أمر لا يمكن أن تجربه إلا بمفردك، أنه انتصار خاص وليس نصراً عاماً. إنه استدعاء الشجاعة للإنصات إلى عمق أفكارك، عندما تمارس الشجاعة فسوف تنضج في النهاية إلى الحد الذي يمكنك فيه قبول تحديات الحياة ومسؤولياتها علانية كإنسان واعِ تماماً.

إن عدم التفاعل مع الحياة يولد الشك والخوف، بينما العمل والحركة فإنهما يولدان الثقة والشجاعة، فإذا كنت تريد التغلب على الخوف لا تجلس في المنزل وتفكر في ذلك، اخرج واخلق في نفسك عملاً تنشغل به.

إن الحياة مليئة بالصعوبات وبغض النظر عن ذلك، فإنه يمكنك أن تختار العيش بوعي وألا تستسلم لهذا العالم غير الواعي القائم على الخوف، مارس موهبتك من الشجاعة وابني قوة بشكل تدريجي لمواجهة مخاوفك العميقة، عش ككائن شجاع وحيوي.

تمرين بناء الشجاعة للقضاء على الخوف:

احضر دفتر ملاحظات وقلم. واجلس في مكان هادئ، خالي من المقاطعات والإلهاءات.

قم بالإجابة على الأسئلة التالية:

1 . هل تذكر وقتا كنت خائفا فيه، وقد انتصرت به على خوفك؟

2 . ماذا لاحظت وفكرت وشعرت في ذلك الوقت الذي كنت خائفا فيه؟

3. ما الذي ذكرته أنت أو الأشخاص المحيطين بك، بماذا فكروا وماذا فعلوا لمساعدتك في مواجهة خوفك؟

4. في أي نقطة بدأ خوفك ينخفض؟ ما هو شعورك بعدئذٍ؟

5. فكر الآن في وضع ما في الطفولة كنت قد واجهت فيه خوفك وانتصرت عليه، هل هو شيء مختلف عن الموقف الأول، أم أنه نفسه؟

6. فكر في موقف تواجهه حالياً يخلق الخوف أو القلق، ما أكثر شيء يخيفك؟

7. الآن، هل هناك طريقة لتطبيق نفس المهارات التي استخدمتها في الحالتين السابقتين لتكون أكثر شجاعة في هذا الموقف. ذكّر نفسك بأن لديك هذه المهارات وأنك قد استخدمتها بنجاح في الماضي. ما هي الحواجز العقلية أو البيئية التي تقف في طريق استخدامك لهذه المهارات؟

كيف يمكنك التعامل مع هذه الحواجز أو التخلص منها؟

كرر هذا التمرين على مدار عشرة أيام، مستخدماً قراءتك عن الشجاعة في هذه الفقرة، اكتب تعاريف خاصة بك عن الشجاعة.

8. استخدم تعريفك الخاص عن الشجاعة كأسلوب لمواجهة مخاوفك في المستقبل والآن.

وأخيراً وعلى الرغم من أن دور الخوف هو أن يحافظ على سلامتنا وأمننا، إلا أن العيش من خلال الخوف لا يوقظ إمكاناتنا وقدراتنا، فعندما تعيش في عقلية لا أستطيع أن أفعل ذلك، أو أنا لست جيداً بما فيه الكفاية، فإنك تضيق نافذة نجاحك إلى فتحة صغيرة جداً.

فحكمة الشعور بالخوف تدعونا لاتخاذ إجراءات لمواجهة خوفنا، حيث يتوجب علينا، استئصال الخوف من حياتنا اليومية من خلال جهودنا المستمرة التي تعزز قوتنا وأمننا الذاتي، فبعد كل شيء نحن جميعاً نملك السمة المتأصلة في الشجاعة الدائمة التي خلقنا عليها لمواجهة مخاوفنا التي اكتسبناها خلال الحياة، فالشجاعة فضيلة ترشدنا لكي نعيش بأمان بمواجهة الخوف وبمواجهة الإحباط .

د. أيمن قتلان