الخميس، 30 أغسطس 2018

كيف تتغلب على مشاعر الاحباط وخيبات الامل؟




                     حكمة الشعور بالإحباط وخيبة الأمل

إن محاولة تجاهل مشاعرك تجاه شيء ما، لا يمكن أن يؤدي إلى تفاقم تلك المشاعر فحسب، بل يؤدي أيضاً إلى الشعور بالإحباط، فالإحباط يحدث كلما واصلت القيام بأشياء لا تفي بتحقيق احتياجاتك، فالشعور بالإحباط ينمو ويتطور كشعور من الدرجة الثانية بعد أن تفشل في تلبية احتياجات مشاعر الدرجة الأولى (الشعور بالملل، والغضب، والشعور بالذنب، والحزن، والنقص، والوحدة، والإجهاد، والخوف)، وبعد أن ترى كل جهودك التي تقوم بها لم تصل بك إلى النتائج المطلوبة والتي ترغبها.
الإحباط هو صوت داخلي يقول: ما أفعله لا يؤدي إلى نتائج، والإحباط هو ليس من مشاعر الدرجة الأولى بل هو من مشاعر الدرجة الثانية، وإذا لم تتعامل مع الإحباط بشكل جدي، فإنه ينتقل إلى مشاعر الدرجة الثالثة والمتمثلة بالكأبة والاكتئاب.
إذاً، إذا تجاهلت الإحباط، فأن الألم الذي تختبره من مشاعرك الأولية سيزداد حدة، ومع تراكمها وعدم القيام بمعالجتها فإنها يمكن أن تتحول في النهاية إلى الاكتئاب.
إن الرسالة الأساسية التي تخبرك بها مشاعر الإحباط وخيبة الأمل، هي أن ما تقوم به حالياً لتلبية احتياجاتك، لا يعمل بطريقة جيدة، أو أنه غير فعال، ولا يؤدي بك إلى النتائج المرغوبة، مما يتطلب منك البحث عن أشياء جديدة تمكنك من الوصول إلى ما تريد.
إذا بقيت مستمراً بالقيام بما تقوم به، فقد يصبح ألم احتياجاتك غير المحققة كبيراً لدرجة أنك لن تكون قادراً على التأقلم والتكيف.
من المهم جداً أن تنصت إلى إحباطك، لأنه يود أن يخبرك أن ما تقوم به من أعمال، لم يكن نافعاً، ولم يوصلك إلى النتائج التي ترغبها، وأنه يجب عليك أن تبحث عن أدوات ووسائل جديدة تساعدك على تحقيق ما تريد وعلى عيش حياة أكثر أشباعا.
عندما نلاحظ أن لدينا شعور سيء، وندرك بأننا غير مستقرين فإن رد فعلنا على الشعور السيء يكون من خلال صرف الانتباه عن ذلك الشعور والالتهاء بأشياء غير نافعة، مما يفاقم المشاكل.
فالحاجة غير الملباة تعمل على تكثيف الشعور وتفاقمه، ولقد عرفنا سابقاً أن الحاجات غير الملباة تنشأ عن شعور، وهذا الشعور إذا لم تحل مشكلته فسوف يتحول إلى إحباط وخيبة أمل ومن بعده إلى الكأبة واكتئاب.
إن مشاعر الإحباط هي بمثابة دعوة للتغيير، وفحص لكافة الأعمال التي تقوم بها ومراجعتها واستبعاد ما هو غير مفيد واستبداله بأشياء جديدة تعمل على تلبية احتياجاتك.
الشعور بالإحباط وخيبة الأمل يأتي نتيجة عدم قدرتك على تلبية احتياجاتك أو رغباتك من خلال تصرفاتك وجهودك التي لم تأتِ بثمارها المتوقعة.
تذكر هذه النقطة لأنها مهمة جداً، فالناس يميلون إلى الشعور بالسعادة حيال حياتهم بالتناسب المباشر مع مقدار السيطرة التي يمتلكونها تجاه أنفسهم.
إذا كنت تشعر بأن لديك الكثير من التحكم في طريقة حياتك، فمن المحتمل أن تشعر بالسعادة ومغزى ومعنى الحياة، ومع ذلك إذا كنت في موقف لا تتحكم فيه إلا بقدر ضئيل في كيفية ظهور الأشياء، فأنت أقل عرضة للشعور بالسعادة ومغزى الحياة.
أن السبب في ذلك بسيط جداً. الناس لا يملكون السيطرة على حياتهم، بحيث يكونون مليئين بمشاعر عدم اليقين وعدم الأمان، لأنهم سوف يكونون تحت رحمة شخص ما يتحكم بهم، أو تحت رحمة شيء أخر يقوم بهذا المقام.
هذا المبدأ نفسه ينطبق على الشعور بالإحباط، فعندما تعاني من الإحباط، فهذا يعني بأن الأشياء التي تقوم بها لا تمنحك القدرة على السيطرة على حياتك، وبالتالي عدم اليقين وعدم الأمان، وهما بدورهما يولدان الخوف والقلق. وكما عرفنا سابقاً فإن الخوف يأتي نتيجة لخطر محسوس (حقيقي أو وهمي) سواء أكان جسدي أو انفعالي، والذي يسبب لك عدم القدرة على السيطرة الشخصية لحياتك، وأنك غير قادر على تجنبه.
إن الإحباط الذي تشعر به، يعني أن ما تقوم به حالياً لا يعمل وغير مفيد، لذلك يجب عليك أن تجرب شيئاً أخر قبل أن تتفاقم الأمور إلى مرحلة الاكتئاب.
إن الشعور بالإحباط وفق حكمة المشاعر ورسائلها يعتبر أداة قوية للتفكير مجدداً بطريقتك في الحياة، وماهية أهدافك، وكيفية تنفيذك للوصول إلى أهدافك.
-     تعريف الشعور بالإحباط:
الإحباط هو الشعور الذي يتولد عن الأشياء التي تريدها ولكنك لا تتمكن من الحصول عليها، مما يجعل حياتك بائسة، لأنك تبذل باستمرار الجهود وأنت لا ترى النتائج.
ويمكن تعريف الإحباط أيضاً بأنه أحساس مزمن وعميق من حالة انعدام الأمن وعدم اليقين وعدم الرضا الناجم عن مشاكل لم تحل، أو احتياجات لم يتم تلبيتها.
الإحباط مشاعر من عدم اليقين وانعدام الأمن التي تنبع من الإحساس بعدم القدرة على تلبية الاحتياجات، وهذه بدورها تسبب عدم الارتياح والإحباط واستمرار ذلك قد يؤدي إلى حالة من الاكتئاب والغضب وفقدان الثقة بالنفس والميل نحو العدوان وأحياناً العنف.
وعادة يحدث عدم القدرة على تلبية الاحتياجات بطريقتين مختلفتين، داخلية وخارجية، فعدم القدرة على تلبية الاحتياجات التي تحدث بسبب المنع الداخلي في عقل الفرد، إما من خلال الاعتقاد بعدم القدرة، أو فقدان الثقة، أو تضارب الأهداف أو الرغبات أو بسبب المخاوف المتخيلة، بينما يحدث المنع الخارجي لتلبية الاحتياجات عند الفرد لأسباب خارجه عن سيطرة الفرد مثل الحواجز المادية، او المهام الصعبة أو ضياع الوقت وهدره دون تحقيق الإنجازات بسبب الأخرين.
إن الإحباط هو شعور يحدث في الحالات التي يتم فيها عدم وصول الشخص إلى نتائجه التي يرجوها، فعندما يصل الإنسان إلى أحد أهدافه يشعر بالسرور، وكلما وجد حائل بين الإنسان وأهدافه يمنعه من الوصول إلى ما يريد، فإنه يستسلم إلى مشاعر الإحباط والضيق والانزعاج والغضب، وكلما كان الهدف أكثر أهمية وقيمة، زاد الإحباط والغضب وفقدان الثقة بالنفس.
الإحباط وفق مفهوم حكمة المشاعر هو ليس مؤشراً سيئاً بل هو مؤشر مفيد لمواجهة المشاكل ومحفز للتغيير وللبحث عن أدوات ومناهج عمل جديدة تكون أفضل من التي كنا نستخدمها سابقاً والتي لم توصلنا إلى ما نريد.
يمكن أن يكون الإحباط مدمراً في حالة استسلامنا للعجز والقنوت واليأس وعدم البحث عن بدائل نافعة، حيث يقودنا ذلك إلى حالة من الاكتئاب والقلق والتوتر.

-     أسباب الشعور بالإحباط:
يتم الشعور بالإحباط عندما لا تبدو النتائج التي كنا نتوقعها ملائمة للجهد والإجراءات التي كنا نقوم بتطبيقها، فالإحباط سيحدث عندما تنتج أفعالك نتائج أقل، وأقل مما كنت تعتقد وتتوقع، حيث يمكن النظر إلى الإحباط الذي نختبره كنتيجة لنوعين من انسداد الأهداف، أي أن مصادر الإحباط قد تكون داخلية أو خارجية، فعادة ما تتضمن المصادر الداخلية للإحباط خيبة الأمل، التي تحصل عندما لا يمكننا الحصول على ما نريد نتيجة لعيوب شخصية حقيقية أو متخيلة مثل عدم الثقة، أو الخوف من المواقف الاجتماعية، وهناك نوع الإحباط الداخلي ينتج عندما يكون للشخص أهداف متنافسة تتداخل مع بعضها البعض فيفشل في تحقيق أيٍ منها.
النوع الثاني من الإحباط ناتج عن أسباب خارجية تنطوي على ظروف خارج إرادة الإنسان مثل الحواجز المادية التي نواجهها في الحياة بما في ذلك الأشخاص الأخرين والأشياء التي تعوق مسيرتنا نحو أهدافنا. إن أحد أكبر مصادر الإحباط في عالم اليوم هو الإحباط الناجم عن إدراك الوقت الضائع والمهدور في حركات المرور والانتظار على الدور في البنوك والمؤسسات الحكومية، أو بسبب المكالمات الهاتفية التي تتلقاها دون هدف واضح منها، بالطبع يمكن اختيار بدائل وطرق تخفف من سطوة الظروف الخارجية وبالتالي التخفيف من شعورنا بالإحباط.
والمبدأ الأساسي للتخفيف من الشعور بالإحباط هو قبول الأشياء التي لا نستطيع أن نغيرها.
في بعض الأحيان يمكن أن تكون مشاعر الإحباط التي نختبرها قوية لدرجة أنها تخفي مشاعرنا الحقيقية عنا، وهذا يمكن أن يؤدي إلى إحساسنا بالإحباط دون معرفة سبب واضح لذلك، أو دون معرفة ما الذي يحتاجه احباطنا لكي يزول، وعلى العموم عندما يحدث ذلك استخدام الأسلوب التالي عبر سؤال نفسك:
    ما الذي يشعرني بالإحباط؟
على سبيل المثال تعطل جهاز الكمبيوتر.
    ما الذي أحاول القيام به؟
على سبيل المثال الانتهاء من عملي.
    ما الذي أحتاج إلى تحقيقه؟
على سبيل المثال حاجتي إلى النمو والتطور.
الفكرة الأساسية هنا، أنه بمجرد أن تكون لديك فكرة عما تحتاج إلى تحقيقه، ستكون في وضع أفضل لفهم ما هو شعورك الأساسي، لذا فاستمراراً للمثال الوارد أعلاه، قد أقرر أن شعوري الأساسي هو الغضب لأن جهاز الكمبيوتر الخاص بي يتعطل بصورة مستمرة عندما أحاول القيام بعملي.
عندما أفهم شعوري الأساسي، يمكنني حينئذٍ الرد بشكل مناسب عليه من خلال تذكر الرسالة التي يحاول الغضب أخباري بها، حيث يخبرني الغضب أن شيئاً عن هذا الوضع غير عادل أو غير صحيح، ولذلك يجب أن أفعل شيئاً حيال ذلك لجعله صحيحاً. قد تتضمن الاستجابة المناسبة لهذا الغضب العثور على كمبيوتر أخر للعمل عليه، أو القيام بإصلاح جهاز الكمبيوتر الخاص بي.
إذا لم أقم بهذه الإجراءات لاكتشاف شعوري الأساسي، قد أقوم بضرب شاشة الكمبيوتر. وهذا لن يفيد في تلبي حاجتي للعمل على الكمبيوتر من أجل النمو والتطور.


إن أغلب الأسباب الشائعة حول الشعور بالإحباط يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:
1.   فقدان القدرة على التحلي بالصبر، ورغباتنا بتحرك الأشياء والأحداث بسرعة كبيرة، مع إهمالنا لقيمة الوقت الحقيقية وإهدار الجزء الأكبر من الوقت على الأمور غير النافعة.
2.   انتشار البطالة وغياب الأهداف وغياب الأهداف البانية للحياة، فالعقل الفارغ هو ورشة عمل الشيطان بداخله.
3.   الشعور بعدم الجدوى وانعدام الثقة والشعور بالنقص.
4.   الإفراط في استخدام التكنولوجيا والادمان على وسائط التواصل الاجتماعي.
5.   الإفراط والمبالغة في طلب استخدام الملابس بطريقة المشاهير وأبطال السينما ونجومها.
6.   عدم تخصيص الوقت الكافي للعائلة، فقد وجدت الأبحاث أن الأباء والأمهات الذين لا يقضون وقتاً كافياً مع أطفالهم يسببون لهم حالة من الإحباط والغضب بداخلهم.
7.   مشاهدة أفلام الرعب والعنف بكثرة وكذلك لعب الألعاب الإلكترونية العنيفة.
8.   المقارنة المستمرة مع الأخرين.
9.   محاولة القيام بأشياء لا تشعر بأنك مؤهل لها.
10.  عندما تفعل شيئاً خاطئاً، ويبقى الناس يذكرونك به طوال الوقت.
إن فهمنا للإحباط ورسائل المشاعر الأساسية ذات الدرجة الأولى يمكن أن يكون بمثابة أكبر محفز للطموح والتغيير نحو الأفضل.  
إن الإحباط هو مثل أي عاطفة مؤلمة، فهذا ما يبدو ظاهرياً ومع ذلك يمكن أن تكون مشاعر الإحباط مفيدة إذا تم توجيهها بالطريقة الصحيحة، دعونا نلقي نظرة على بعض فوائد الشعور بالإحباط فهذه الفوائد سوف تساعدك على فهم أفضل لحكمة الشعور بالإحباط وخيبة الأمل، والأثر الإيجابي الذي يمكن أن تحدثه تلك المشاعر في حياتك.
    الشعور بالإحباط هو بمثابة تحفيز لدوافعك لمواصلة المحاولة حتى تصل إلى النتائج المطلوبة، باعتماد طرق جديدة.
    الشعور بالإحباط يعمل على تحفيز خيالك وتعبئة حواسك، والسبب في حدوث ذلك هو أن عدم الرضا عن ظروفك يدفعك إلى أن تبقى مصمماً على إنجاز الأمور وتحقيق النتائج، وهذا سيجعلك تحرك حواسك لمحاولة اكشاف شيء ربما قد فاتك سابقاً وهذا بدوره يحرك التفكير لديك والقدرات الإبداعية للبحث عن وسائل جديدة لحل المشكلات وتلبية الاحتياجات.
إن الإحباط جزء مستمر من الحياة، قد لا تشعر بالإحباط اليوم، ومع ذلك، عاجلاً أم أجلاً سوف تحدث الأشياء غير المتوقعة، وسوف تختبر شعور الإحباط غير المريح في جسدك، وقد آن الأوان لكي تكون مستعداً للتعامل مع مشاعر الإحباط وخيبة الأمل.
-     ما الذي يجب القيام به إذا كنت لا تحقق النتائج:
إذا كنت بالفعل على دراية بشعورك الأساسي، ولكنك لا تزال تعاني من الإحباط نتيجة لجهودك، فقد يكون ذلك لعدة أسباب:
    أنت لا تبذل الجهد اللازم كما ينبغي أن يكون.
    أنت لا تنسق جميع جهودك.
    أنت تتوقع أن تحصل على نتائج فورية كما أنك لا تعطي لنفسك الوقت الكافي للقيام بالأمور بالشكل الصحيح.
    طريقتك في تلبية احتياجاتك غير الملباة هي طريقة صحيحة انما تحتاج إلى بعض التعديلات البسيطة عليها.
    ما تقوم به لا يحقق لك أية نتائج، فأنت بحاجة إلى البحث وتجربة شيء جديد يمكن أن يوصلك إلى تلبية احتياجاتك ويحقق لك النتائج التي تريدها.
أياَ كان السبب، عليك أن تتذكر دائماً أن المحاولة بجدية أكبر في شيء لا ينفعك، سيسبب لك المزيد من الإحباط لذا حاول أن تكون مبدعاً وأن تفكر في طرق جديدة لمعالجة المشكلة.
هناك طريقتان لوقف الشعور بالإحباط، يمكن القيام بها:
أ‌.    البحث عن الاستجابة المناسبة وهي الطريقة المرغوبة فيها أكثر من غيرها والتي تتمثل باتخاذ بعض الإجراءات الفعالة في تلبية احتياجاتك غير الملباة.
على سبيل المثال، إذا كنت تشعر بالوحدة (شعور أساسي من الدرجة الأولى) ونتيجة لجهودك تجد صديقاً تتعرف عليه، فإن مشاعر الشعور بالوحدة سوف تتلاشى بسرعة، وبما أنك قد نجحت الأن في تلبية حاجتك لعلاقة ما، فإن مشاعرك بالإحباط من محاولة العثور على شريك سوف تختفي أيضاً.
هذه هي المقاربة المثالية، وما يجب أن نهدف إليه جميعاً هو أن نقوم بتلبية احتياجات المشاعر الأساسية التي تحقق لنا الرضا وحالة الاشباع.
ب‌.   التوقف عن محاولة تلبية احتياجاتك، وهذا سيؤدي إلى انخفاض مستوى الإحباط، إن عدم اتخاذ أي أجراء من أجل تلبية الاحتياج الأساسي، فإن الألم الناتج عن عدم تلبية الاحتياج الأساسي سيبقى موجود. إنما سيساهم بشكل مؤقت في التخفيف من الإحباط، وبالعودة إلى المثال السابق، إذا كنت وحيداً، يمكنك التوقف عن البحث عن أشخاص لتكوين علاقة معهم، وقبول ما أنت عليه، فهذا سيؤدي إلى أنهاء الإحباط الناتج عن عدم القدرة على العثور على صديق جيد، إنما ستبقى تشعر بالوحدة.
-     كيفية التغلب على الإحباط:
المقصود من الحياة أن تكون أغنية من الفرح، فكلما تحقق لنا هدف، نشعر بالغبطة والسعادة، ونشعر بالتزامن مع أغنية الحياة، وكلما تم منعنا من الوصول إلى أهدافنا، فمن المحتمل أننا قد نستسلم للإحباط، ونشعر بالضيق وسرعة الانفعال، وبما أن الإحباط ينفي السعادة، فإنه لا يوجد أي معنى للاستسلام إلى الإحباط، فالاستسلام للإحباط هو من يجعل الهزيمة المؤقتة لأهدافنا، هزيمة دائمة.
إن الإحباط له معنيان، الأول منهما هو الشعور بخيبة الأمل التي يحصل عليها بعض الناس عندما لا يستطيعون الحصول على ما يريدون، بينما المعنى الثاني هو عرقلة خططنا أو جهودنا بسبب شخص ما، فالإحباط بهذا المعنى أمر لا مفر منه، إذاً لا بد من إحباط بعض خططنا، وهذا أمر قد لا نستطيع فعل شيء تجاهه في بعض الأحيان، وكل ما نستطيع فعله إذا كان الأمر كذلك، هو قبول الحياة بما فيها من سلبيات وإيجابيات، وإن قبول الحياة الواقعة هو أحد أسرار تجنب الإحباط ويذكرني هنا دعاء لبناء المستقبل:
رب هب لي شجاعة وقوة وحماسة لتغيير الأشياء التي أستطيع تغييرها، رب أمنحني السكينة والهدوء والرضا والقبول للأشياء التي لا أستطيع تغييرها. رب أمنحني الحكمة وبصورة مستمرة لكي أعرف ما الذي أستطيع تغييره وما لا أستطيع تغييره، لكي أتخذ القرار الصحيح دائماً لبناء المستقبل الأفضل ونوعية الحياة والأحسن والأجود.
إن الإحباط يمكن أن يعلمك الكثير عن مشكلتك، عندما يتم التعامل معه بوعي وفهم وإدراك عالي، فالإحباط يمكن أن يساعدك على اكتساب المهارات اللازمة لإدارة مشاعر أخرى أساسية من الدرجة الأولى، (كما مر معنا سابقاً) الإحباط حسب مفهوم حكمة المشاعر هو ليس بالشعور السيء هو مؤشر بلون أحمر يقول لك أن شيئاً ما يحتاج إلى الاهتمام به أكثر وعدم تجاهله وخصوصاً مشاعر الغضب والقلق والنقص والملل.
وفيما يلي إليك بعض النصائح للتغلب على الإحباط المحتمل:
1.   حاول تحويل مشاعر الإحباط إلى شيء مريح، فالشعور بالإحباط هو مفتاح لمنتج مستقبلي يمكنك أنشاؤه، فأنت محبط لعدم قدرتك على القيام بشيء ما حتى تقوم بإيجاد الحل الخاص الذي يمكنك من الوصول إلى ما تريد. قم بالبحث عن الحل.
2.   أختر عدم العيش في الجهل، أبحث عن التعلم المستمر لكي ترفع من وعيك وتزيل العقبات التي تقف في طريقك.
3.   تذكر تجاربك السابقة التي تعرضت فيها للإحباط، وكيف استطعت أن تنجح في معالجة إحباطك، فطالما أنك نجحت سابقاً، فأنت تستطيع أن تنجح الأن.
4.   تبادل الأفكار مع الأخرين، أبحث عن صديق موثوق ومؤهل وناقش معه قضية إحباطك، وانصت على توجيهاته وقم بتطبيقها.
5.   كن نشيطاً وحيوياً ومرناً، ولا تكن جامداً في الحياة، ففي كثير من الأحيان يُولَد الإحباط بسبب التوقعات، وبسبب ميلنا إلى تنفيذ الأمور بطريقة معينة، وعندما لا نستطيع أن نفعل ذلك يرتفع مستوى الإحباط لدينا، حاول أن تكون مرناً، وأن تكون ممتناً لما لديك.
6.   ذكّر نفسك أن العقبات والفشل ليست إلا تجارب وخبرات على طريق النجاح.
7.   لا تركز على إحباطك، بل ركز على ما يجب أن تكون ممتناً له في هذه اللحظة، ثم ركز على إيجاد حل لإحباطك.
8.   نظم حياتك وخطط لكافة المراحل والخطوات، واجعل ذلك واضحاً في رأسك، فعدم الوضوح يؤدي إلى الفوضى، والفوضى تؤدي إلى الإحباط.
9.   حاول أن تغيير نفسك باستمرار نحو الأفضل، ولا تحاول أن تغير الأخرين، بمعنى أجعل تركيزك الأول على حياتك وكيفية بناء نموها وتطورها، وبعدها ساعد من يحب أن يتطور.
إن الإحباط عاطفة قوية ومفيدة عندما تقوم بمساعدتك في تحقيق أهدافك، وهذا لن يحدث إلا إذا فهمت الرسالة الأساسية لحكمة الشعور بالإحباط والتي تدعوك إلى تجريب أشياء جديدة للوصول إلى ما تريد.
وإليك بعض الخطوات التي تساعدك على تحويل مشاعر الإحباط إلى عملية نجاح تعمل لصالحك:
أ‌.    تحمل المسؤولية تجاه مشاعرك بالإحباط، ولا تعتبر نفسك ضحية للظروف والأحداث والأشخاص.
ب‌.   لا تَخف من مشاعر الإحباط، فالإحباط هي مجرد مشاعر مؤقتة ما دمت غير مستسلم لها، فمفتاح التحكم بمشاعر الإحباط ليس الخوف منها بل بالعمل عليها بشكل مناسب.
ت‌.   أفهم العلاقة بين الإحباط والنجاح، مشاعر الإحباط ليست بالروح الشريرة التي ستجعلك تنهار في الظلام، إنها قوة يمكن التحكم بها لكي تدفعك إلى الأمام، فالإحباط محفز قوي للنجاح.
ث‌.   أستفيد من فهمك للإحباط الذي سيمنحك فرصة لإزالة الأشخاص السلبيين من حياتك، فالإحباط هو فأس يساعدك على تحديد ما يجب قطعه في حياتك من أشخاص ومن منغصات وعقبات.
-     الخطوات الأربعة لعلاج الإحباط:
استخدم الإرشادات التالية لمساعدتك في علاج الشعور بالإحباط والاستجابة له بشكل مناسب وعملي:
1.   تذكر حكمة الشعور بالإحباط ورسالته الإيجابية، فالشعور بالإحباط يخبرك أن ما تقوم به حالياً لا يعمل على تلبية احتياجاتك، ولذلك، يجب ان تجرب أسلوباً مختلفاً.
2.   تعرف على الشعور الذي تعيشه، فالإحباط يجعلك تشعر كما لو كان لديك سيطرة ضئيلة أو معدومة على البيئة المحيطة بك، كما يمكن أن يجعلك تشعر بالاستسلام لأن لا شيء تفعله يؤدي بك إلى تحقيق ما تريد. يترافق مع الإحباط مشاعر الخوف والغضب.
3.   قرر لماذا تشعر بالإحباط، إذا كنت تشعر بالإحباط اسأل نفسك:
أ‌.    ما هي الأعمال التي أقوم بها ولم تحقق نتائج؟
ب‌.   هل شعوري بالإحباط قادم كنتيجة لي من إلهاء نفسي عن مشاعري؟ أم هو ناتج عن مظاهر حقيقية ألمها بالواقع؟
4.   اتخذ إجراءات لتغيير مشاعرك، لإنهاء حالة الإحباط لديك، عليك أن تفعل شيئاً يعمل على تلبية احتياجاتك غير الملباة في الوقت الراهن.
قم أولاً بتحديد أي شعور أو مشاعر تسبب لك الألم الحالي ثم حدد الرسالة والحكمة التي يحاولون إيصالها لك وفق ما تعلمت في الفصول الماضية، وإليك تلك المشاعر التي تساهم وتؤدي إلى الإحباط والرسالة المحتملة التي تحملها لك:
أ‌.    الشعور بالملل (الحاجة إلى التحفيز الذهني والاهداف الجديدة).
ب‌.   الشعور بالغضب (الشعور بأن هناك ظلم واقع عليك).
ت‌.   الشعور بالذنب (الظلم واقع منك على الاخرين).
ث‌.   الشعور بالحزن (يخبرك عن الخسارة والفقد وضرورة مواصلة الحياة).
ج‌.   الشعور بالوحدة (الحاجة لأن تكون مع الأخرين).
ح‌.   الشعور بالإجهاد (الحاجة إلى فهم الضغوط والاسترخاء).
خ‌.   الشعور بعدم الكفاية والنقص (عدم الثقة في قدراتك).
د‌.    الشعور بالخوف (توجيه نحو معرفة المخاطر والتحديات).
    أفحص أي من هذه المشاعر التي تعتقد أنها تسبب لك الإحباط؟
    ابحث عن الإجراءات المناسبة التي يمكن أن تتخذها للتخفيف من الإحباط أو القضاء عليه، قم باتخاذ مساراً فعالاً يؤدي إلى تلبية احتياجاتك الأساسية، وعندما تفعل ذلك، فسوف تتمكن حينئذٍ من التخلص من إحباطك.
الخلاصة:
    أن الشعور بالإحباط يأتي نتيجة عدم تلبية الاحتياجات للمشاعر الأساسية من الدرجة الأولى، والتي يتم تجاهلها باستمرار عبر الإلهاء والتشتيت للانتباه.
    تأتي مشاعر الإحباط لتخبرنا بأن ما نعمله وما نبذله من جهود لم تأت بالثمار المطلوبة، لذا يجب علينا محاولة القيام بأشياء أخرى وأساليب جديدة من أجل الوصول إلى النتائج التي نرغبها.
    إن الإنصات إلى حكمة مشاعر الإحباط يمنحك الفرصة للتقليل من الالم الذي تعاني منه مع مشاعرك الأساسية، عبر اتخاذ طريق فعال يؤدي إلى تلبية احتياجاتك.
    وكذلك فإن الإنصات إلى حكمة مشاعر الإحباط يمكن أن تمنع عنك الدخول في مشاعر الاكتئاب والكأبة، بينما عدم القيام باتخاذ إجراءات تصحيحية في مرحلة الإحباط سوف يؤدي بك إلى حالة الاكتئاب.
د. أيمن قتلان

الاثنين، 27 أغسطس 2018

الاكتئاب وكيفية التعامل معه؟





حكمة الشعور بالكأبة والاكتئاب
أكثر من 450 مليون إنسان يعانون من الاكتئاب في العالم.
والنساء أكثر عرضة للاكتئاب من الرجال بنسبة 70%.
وتبلغ تكاليف العلاج في انحاء المعمورة بما لا يقل عن 250 مليار دولار سنوياً.
فالاكتئاب مرض شائع في جميع أنحاء العالم، وهو حالة صحية نفسية شائعة ومعقدة، وهو اضطراب في المزاج يؤثر على الطريقة التي يفكر بها الشخص ويشعر ويدير أنشطته اليومية، يعاني العديد من الأشخاص المصابين بالاكتئاب من مزاج حزين أو فارغ، ومترافقاً مع مشاعر اليأس، وفقدان الاهتمام للأنشطة التي تجلب المتعة والسعادة، مع انخفاض الطاقة وحصول الإرهاق والتعب المزمن، فعندما يكون لديك اكتئاب، فإنه يتدخل بشدة في حياتك اليومية، ويسبب لك الألم ولأولئك الذين يهتمون بك، أنه انتشار لمزاج منخفض ومستمر، يصاحبه انخفاض احترام الذات، وفقدان الاهتمام أو المتعة في الأنشطة المعتادة، كما يمكن أن يعني الاكتئاب وجود حالة معنوية منخفضة، فالمكتئب قد يتوقف عن قيادة حياته اليومية بشكل غير طبيعي وكما هو معتاد قبل أن يكون مكتئباً، فالاكتئاب يجعل كل شيء يمكن القيام به صعب جداً، كما يجعل الأشياء غير جديرة بالاهتمام، وفي أسوء حالاته، يمكن أن يكون الاكتئاب مهدداً للحياة، حيث يجعلك ببساطة تتخلى عن إرادة الحياة، وقد يدفعك إلى الانتحار.
الاكتئاب يجعلك تشعر وكأنك عالق تحت سحابة رمادية سوداء وضخمة، وأنك تعيش في ظلمة وعزلة، وهو من يدعك تشعر بالضيق والاختناق مع كل فرص الحياة التي تقترب منك، وهو الذي يجعلك عديم السعادة والراحة والرضا.
نحن لدينا جميعاً أوقات يكون فيها مزاجنا منخفضاً، ونحن من وقت لأخر نشعر بالتعاسة والحزن والإحباط في الحياة، وعادة تأتي هذه المشاعر لفترة مؤقتة ثم ترحل في وقت قصير، ولكن إذا كانت هذه المشاعر تتدخل في حياتك ولا تختفي بعد أسبوعين، او أنها تعاودك مراراً وتكراراً لبضعة أيام في كل مرة، فقد يكون ذلك علامة على أنك تعاني من الاكتئاب.
إن الاكتئاب هو صوت في داخلكم يقول: هناك شيء مؤلم أكثر من اللازم، فالمشاعر الأساسية من الدرجة الأولى (الملل، الغضب، الشعور بالذنب، والحزن، الوحدة، الشعور بالنقص وعدم الكفاية، الاجهاد والتوتر، الخوف)، إذا لم تلبى احتياجاتها فسوف تؤدي إلى الإحباط، والإحباط بدوره سوف يؤدي إلى الاكتئاب، وإن ارتفاع الإحباط، سيؤدي إلى ارتفاع الاكتئاب، فالعلاقة بينهم جدلية وطردية.
لقد استعرضنا سابقاً أن الإحباط يؤدي إلى الاكتئاب من خلال المعادلة البسيطة التالية
شعور سيء  يؤدي الى الاحباط وهذا بدوره يؤدي الى  الاكتئاب.
الشعور السيء والمزعج يبدأ مع حاجة لم يتم تلبيتها، وعرفنا أن الحاجة التي لم يتم تلبيتها سوف تولد الألم والمعاناة العاطفية.
وأيضاً يمكن القول إذا كانت هناك محاولات لتلبية الحاجات بطريقة غير صحيحة وفاشلة، فإننا سوف نحصل على جرعة ألم إضافية، مما يدفع بنظامنا العصبي إلى الشعور من الدرجة الثانية والمتمثل بالإحباط، وهذا الإحباط لا يمكن إزالته أو التخلص منه، إلا بتلبية الحاجة الأساسية، أو الحاجات الأساسية، التي أدت إلى الشعور الأساسي، وإذا بقيت المحاولات في إرضاء الشعور الأساسي غير ناضجة، فإن الشعور بالإحباط سوف يتكاثف ويقوى، وإن استمرار الجهود، دون تحقيق النجاح المطلوب في تلبية الحاجات الأساسية، سوف يزيد من شدة الإحباط، وأن هذه الألية مهمة جداً في فهم الاكتئاب.
فإضافة إلى ما تم عرضه في بداية الفصل عن الاكتئاب، فإن الاكتئاب هو اجهاد داخلي ناجم عن الفشل في تلبية الاحتياجات الأساسية، فإذا كنت لا تزال مستمراً في دورة من الجهد الذي يليها عدم النجاح، فإن ذلك سوف يؤدي إلى إحباط متزايد ومستمر، والإجهاد المستمر والزائد سوف يبدأ بالتأثير على صحتك وهذا بدوره سوف يؤدي إلى المشاعر من الدرجة الثالثة والمتمثلة بالكأبة والاكتئاب.
-         تعريف الاكتئاب:
بسبب طبيعة الاكتئاب، فإن التعريف لهذا الشعور، قد يكون متباين، فليس من السهل أن نذكر تعريفاً شاملاً للاكتئاب يعكس الحالة بشكل صحيح، فحسب منظمة الصحة العالمية يكون تعريف الاكتئاب هو اضطراب عقلي شائع، يتميز بالحزن وفقدان الاهتمام بمباهج الحياة والمتعة، مع الشعور بالذنب، وتدني قيمة الذات، واضطراب في النوم والشهية، والشعور بالتعب وضعف التركيز. وذلك لفترة طويلة ومتكررة، مما يضعف بشكل كبير، قدرة الشخص على العمل، والتعامل مع الحياة اليومية.
وأما حسب تعريف آرون بيك (1) فيمكن اعتبار الاكتئاب على أنه تغيير محدد في المزاج، سواء كان حزناً أو لامبالاة أو وحدة.
مع صورة للذات سلبية تنطوي على اللوم الذاتي، والرغبة في العقاب الذاتي، والرغبة في الهروب والاختفاء، يضاف إليها التغييرات الفيزيائية المعبر عنها بفقدان الشهية والرغبة الجنسية وحلول الأرق وقلة النوم أو كثرة النوم، وتغيرات في مستوى النشاط سواء كان هناك زيادة في التحريض أو فرض النشاط أو الانسحاب والتقاعس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) آرون بيك: طبيب نفسي أمريكي، صاحب نظرية العلاج المعرفي السلوكي، وهو العلاج الذي يعتمد ويركز على تغييير أنماط التفكير السلبية لإحداث تغييرات في السلوك. وقد استخدم هذا الأسلوب في علاج الاكتئاب.








وعليه فأن الاكتئاب يختلف عن الحزن البسيط أو الحداد، والتي هي استجابات عاطفية مناسبة لفقدان الأحبة أو الأشياء، عندما تكون هناك أسباب واضحة لتعاسة الشخص.
يعتبر الاكتئاب حاضراً إذا كان المزاج الحزين طويل أو شديد بشكل غير متناسب مع الحدث الناشئ.
ويمكن تعريف الاكتئاب وفق حكمة المشاعر على أنه حالة تغير في المزاج والسلوك مستمرة وطويلة الأمد، تنشأ عن الإحباط وخيبة الأمل المستمران واللذان ينجمان عن الفشل في تلبية الاحتياجات للمشاعر الأساسية من الدرجة الأولى.
-         علامات واعراض الاكتئاب:
v    الحزن المستمر والدموع والفراغ واليأس.
v    نوبات من الغضب والتهيج حتى على المسائل الصغيرة.
v    فقدان الاهتمام والمتعة في كل الأنشطة العادية.
v    اضطرابات النوم، بما في ذلك الأرق، أو النوم الطويل والكثير.
v    التعب المزمن وضعف الطاقة وعدم القدرة على أداء المهام البسيطة.
v    انخفاض الشهية وفقدان الوزن، أو الرغبة الشديدة في تناول الطعام وزيادة الوزن.
v    ارتفاع حالة القلق أو الإثارة، أو الارق.
v    بطئ في التفكير أو التحدث أو حركات الجسد.
v    وجود مشاعر عدم القيمة، أو الشعور بالذنب، مع التركيز على إخفاقات الماضي، أو اللوم الذاتي.
v    صعوبة في التفكير والتركيز واتخاذ القرارات وتذكر الأشياء.
v    وجود أفكار متكررة حول الموت والانتحار.
v    محاولات الانتحار.
v    مشاكل جسدية غير مبررة مثل الام الظهر، والصداع.
v    ارتفاع كبير ومستمر في حالات التشاؤم.
تتراوح أعراض الاكتئاب ما بين الشديدة والمتوسطة والخفيفة وللاكتئاب أنواع، ومن المفيد أن تكون على دراية أولية بها.
-         الاكتئاب الشديد: وهو ما يعرف أيضاً بالاكتئاب الرئيسي، أو الاكتئاب السريري، أو الاكتئاب احادي القطب، أو يمكن القول ببساطة اكتئاب ينطوي على مزاج منخفض أو فقدان الاهتمام والمتعة في الأنشطة المعتادة، فضلاً عن ظهور كافة الأعراض السابقة أو أغلبها، حيث تستمر هذه الأعراض في معظم الأيام وتستمر على الأقل لمدة أسبوعين.
-         المالنخوليا السوداء: هذا المصطلح مستخدم لوصف شكل حاد من الاكتئاب، حيث توجد العديد من الأعراض الجسدية للاكتئاب وأهم ما يميز هذا النوع، هو أن الشخص يصبح بطيء الحركة بشكل كبير، كما أنه أكثر عرضة لمزاج يتميز بفقدان المتعة في كل شيء.
-         الاكتئاب الذهاني: في بعض الأحيان يمكن للأشخاص الذين يعانون من اضطراب اكتئابي أن يفقدوا الاتصال بالواقع، ويعيشون في حالة ذهان، وقد يتضمن ذلك الهلوسة (رؤية أو سماع أشياء غير موجودة) أو أوهام (معتقدات زائف لا يعترف بها الأخرون)، مثل الاعتقاد بأنهم سيئون أو أشرار، أو أنهم يخضعون للمراقبة أو المتابعة، كما يمكن أن يكونوا مصابين بجنون العظمة، ويشعرون وكأن الجميع ضدهم أو أنهم السبب في مرضهم، أو أنهم السبب في الاحداث السيئة التي تحدث حولهم.
-         اكتئاب ما قبل الولادة وما بعدها: تتعرض النساء لخطر متزايد من الاكتئاب أثناء الحمل وما بعده، وأن ما يقرب عن 10% من النساء سيعانون من الاكتئاب أثناء الحمل، و16% من النساء سيعانون من الاكتئاب بعد الولادة وخصوصاً في الأشهر الثلاثة الأولى التي تلي الولادة، ويحدث هذا الاكتئاب نتيجة الاجهاد والتغيرات الهرمونية التي تطرأ على المرأة أثناء فترة الحمل وما بعد الولادة.
-         اضطراب ثنائي القطب: تم الاعتياد على تسميته بالاكتئاب الهوسي لأن الشخص يعاني من فترات الاكتئاب وفترات من الهوس وفترات من المزاج الطبيعي.
يبدو الهوس وكأنه معاكس لحالة الاكتئاب، حيث يمكن أن يتفاوت في شدته، وتشمل أعراض الهوس، والشعور بالمتعة، ووجود الكثير من الطاقة، والأفكار المتزاحمة، والحاجة الضئيلة للنوم، التحدث بسرعة، صعوبة في التركيز على المهام، والشعور بالإحباط وسرعة الانفعال.
أحياناً الشخص يفقد اتصاله بالواقع ويبدأ بالدخول في حالة هلوسة (رؤية أو سماع شيء غير موجود) أو وجود أوهام (على سبيل المثال الشخص يعتقد أنع يملك قوى خارقة).
يبدو أن اضطراب المزاج ثنائي القطب يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتاريخ العائلة. يمكن أن يؤدي التوتر والصراع إلى حدوث نوبات للأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة.
-         اضطراب المزاج الدوري: إنه شكل أكثر اعتدالاً من اضطراب ثنائي القطب، ففي اضطراب المزاج الدوري، يعاني الشخص من حالة مزاجية مزمنة ودورية تستمر لمدة عامين على الأقل، حيث تتضمن فترات من الهوس الخفيف والمعتدل، وفترات من أعراض الاكتئاب مع فترات قصيرة جداً (لا تزيد عن شهرين) من الحالة الطبيعية.
وفي العموم تكون الأعراض أقل من اعراض الاضطراب ثنائي القطب.
-         اضطراب الاكتئاب الجزئي: تتشابه اعراض الاكتئاب الجزئي مع أعراض الاكتئاب الشديد ولكنها أقل حدة، ويعتبر هذا الاكتئاب أكثر اعتدالاً من الاكتئاب الشديد.
-         الاضطراب العاطفي الموسمي: وهو اضطراب مزاجي له نمط موسمي، وسبب هذا الاضطراب غير واضح تماماً، ولكن يعتقد أنه مرتبط بالتغير في التعرض للضوء خلال المواسم المختلفة، وهو اكتئاب يبدأ وينتهي في موسم معين، والأكثر شيوعاً منه هو اكتئاب موسم الشتاء الذي ينحسر في انتهاء فصل الشتاء.
-         اضطرابات ما قبل الحيض: هو اضطراب يحمل علامات الدورة الشهرية، ويعتقد أن اضطراب المزاج هذا ناجم عن التغييرات الهرمونية المرتبطة بدورة الطمث، ويمكن ملاحظة الأعراض على أنها تقلبات مزاجية مفاجئة فيها غضب ملحوظ، وتهيج، والشعور بالإرهاق، والقلق، حيث يمكن أن يؤثر ذلك على العمل والأنشطة الاجتماعية والعلاقات.
-         الاكتئاب الذاتي: وهو نوع من الاضطراب الاكتئابي الرئيسي الذي يحتوي على مشاعر مستمرة وحادة من الحزن واليأس لفترات طويلة من الزمن. السمة المميزة لهذا النوع من الاكتئاب هو أنه لا يوجد سبب واضح لحدوثه، حيث يعتقد أن هذا النوع من الاكتئاب قد يكون مرتبطاً بالعوامل البيولوجية والوراثية عند الشخص.
-         ما هي الأسباب الرئيسية للاكتئاب؟
هناك العديد من العوامل التي قد تزيد من فرصة الاكتئاب، مع انه لا يوجد سبب واحد معروف للاكتئاب، إلا أنه من المحتمل أن ينتج عن مجموعة من العوامل الوراثية والكيمائية الحيوية والبيئية والنفسية، وإليكم بعضاً منها:
1.     التعرض للإساءة والاعتداء الجسدي أو الجنسي أو العاطفي في الماضي وخصوصاَ في مراحل الطفولة والمراهقة.
2.     النزاعات الشخصية والنزاعات مع افراد العائلة والأصدقاء.
3.     الحزن على فقد الأحبة.
4.     وجود أمراض مزمنة.
5.     المشاكل الشخصية والعزلة الاجتماعية.
6.     العوامل الوراثية في العائلة.
7.     الصدمات الشديدة.
8.     مرض قصور الغدة الدرقية.
9.     عادات النوم السيئة وقلة النوم.
10.                        البقاء لفترات طويلة على منصات التواصل الاجتماعي.
11.                        نشدان الكمال والمثالية العالية.
12.                        طبيعة النظام الغذائي غير المتوازن.
13.                        استخدام بعض الأدوية لفترات طويلة، حيث يعتبر الاكتئاب هو أحد الأثار الجانبية لبعض الأدوية، لذلك حاول أن تقرأ النشرة الطبية مع كل دواء تتعاطاه لفترة طويلة.
14.                        الاستهلاك الكبير للمعلومات بشكل غير منظم وغير مبرر، وخصوصاً الأخبار السلبية والحزينة، والأفلام العنيفة والمأساوية، والمواد الإباحية.
إن كل شخص هو فرد مختلف، وغالباً ما يكون مزيج من العوامل التي يمكن أن تسهم في تطوير الاكتئاب، أو تغيير الظروف الصعبة. فالشيء الأكثر أهمية هو أن تعترف بأعراض الاكتئاب وعلاماته، وأن تبادر فعلياً إلى طلب المشورة من الاخصائيين، وأن تقوم بمعالجة الاكتئاب دون ابطاء أو تقصير، فالفرص والخيارات المتاحة كثيرة جداً، ويمكن لها أن تحقق لك الخروج الأمن من حالة الاكتئاب، والعودة إلى الحياة التي تتمناها.
-         كيفية التغلب على الاكتئاب وعلاجه:
لحسن الحظ هناك العديد من الطرق الفعالة للتغلب على الاكتئاب، حيث يمكننا التحكم في افكارنا ومشاعرنا، وأكثر بكثير مما يدركه معظم الناس، وذلك عبر ما يكفي من الجهد والعمل الجاد، وإذا كنت تتناول الدواء قوم باستشارة وسؤال طبيبك فيما إذا كان الدواء الذي تتناوله يسبب لك الاكتئاب، فهناك الكثير من الادوية التي قد تكون سبباً في اكتئابك، فالعديد من المهدئات والحبوب المنومة، والكثير من أدوية ضغط الدم المرتفع، وموانع الحمل الفموية، وبعض الأدوية المضادة للالتهابات، وبعض أدوية القرحة، فقد يكون تغيير الدواء هو البلسم الشافي لحالة الاكتئاب.
إن أغلب الناس يمكنهم التغلب على الاكتئاب من خلال الاقتراحات الواردة ادناه، حتى أولئك الأفراد الذين يتعاطون أدوية مضادة للاكتئاب.
ربما يكون أحد الأسباب الأكثر شيوعاً للاكتئاب هو عدم وجود ما يكفي من الأهداف والمصالح والأنشطة، فالأنشطة القليلة والروتينية تصبح مملة في كثير من الأحيان.
تعتبر الأنشطة والمهام مهمة جداً في مجال الصحة العقلية، حيث تساهم في تقدير الذات والسعادة، ويمنحون الرضا، ويجنبون عقلك من المشاكل والأفكار والعواطف السلبية مثل الحزن والغضب والقلق والشعور بالذنب والنقص، فعلاج هؤلاء يمكن أن يزيل عنك الاكتئاب.
وكذلك عندما تريد معالجة الاكتئاب عليك أن تبدأ بمعالجة الإحباط، من خلال إعادة النظر إلى تجديد أنفسنا وتهدئتنا.
يجب أن تتعلم أن تنظر إلى الأمور بطريقة مختلفة، والقيام ببعض العصف الذهني للبحث عن إجراءات بديلة، أو طلب الحصول على المساعدة من شخص أو مختص لديه خبرة حول المسألة التي أنت فيها.
الفكرة الأساسية هنا أن تتوقف فوراً عما تفعله، وعلى ما اعتدت ان تفعله.
القاعدة في ذلك هو: إذا اعتدت أن تقوم بفعلٍ ما، فسوف تحصل على ما اعتدت الحصول عليه، غيّر ما تفعله، تتغير نتائجك.
يجب أن نبدأ فوراً في فهم احتياجاتنا وأن نسعى جاهدين للعمل على تلبية هذه الاحتياجات، وطالما نحن نفعل ذلك، فإن مزيداً من الأمل سوف يرافقنا، وإذا كنا نفكر بأن جهودنا لن تنجح وأنها بدون فائدة سيصبح الإحباط أكبر وأقوى من أملنا.
إن عدم محاولتنا ببذل الجهد واتخاذ الإجراءات المناسبة، أو الشعور بالفشل المستمر، سيسبب لنا اليأس، واليأس يضعف حافزنا ودافعنا، وهذا بدوره سيمتعنا من اتخاذ أي إجراء، وهذه عي علامات الاكتئاب.
من المهم والأفضل لنا أن نفهم الاكتئاب على أنه رسالة من اليأس والألم. وفي المعالجة المهنية يجب أن نفهم أن الاكتئاب هو نتيجة وليس هو المشكلة، والاكتئاب هو عرض من أعراض المشكلة الأساسية، لذلك إذا أردت أن تعالج اكتئابك، عليك أن تبحث عن طرق جديدة تساهم في تحقيق وتلبية احتياجاتك التي تريدها وترغبها.
يجب أن تمتلك الأمل والعمل، لكي تنهي حصارك داخل اكتئابك والمك، وذلك عن طريق سؤال نفسك بالبداية ما الذي جعلك تشعر بالإحباط؟ حاول أن تكتب ذلك بطلاقة أذكر ما هي احتياجاتك بكل صراحة، وابحث عن الطرق التي تستطيع من خلالها تلبية احتياجاتك، ثم اكتب خطة عمل من خلالها تستطيع أن تحقق احلامك وطموحاتك وحاجاتك غير الملباة، والتي أدت إلى شعورك الأساسي الذي أوصلك إلى الإحباط ومنه إلى الاكتئاب.
وإليك الخطوات العمل مع الذات للانتصار على الاكتئاب:
1.    تطوير الاهتمامات، والمشاركة في الأنشطة:
ربما يكون أحد الأسباب الأكثر شيوعاً للاكتئاب، هو عدم وجود ما يكفي من الأنشطة والمهام، فالعدد الصغير منهم يميل إلى أن يصبح روتيناً ومملاً في كثير من الأحيان.
تعتبر الاهتمامات والأنشطة مهمة جداً في مجال الصحة النفسية والعقلية، فهي تساهم في رفع تقدير الذات والشعور بالرضا والسعادة، كما أنها تعمل على تجنيب عقلك من المشاكل والأفكار والذكريات السلبية، فمن المحتمل جداً، عندما توجد الأنشطة والمهام التي تعمل عليها، أن تخلصك من الاكتئاب، ومن الحزن، ومن الغضب، والقلق المفرط، والشعور بالذنب.
لقد أثبتت التجارب أن الأطفال الذين لديهم الكثير من الأنشطة والمهام هم أقل عرضة لمشاكل السلوك.
هناك ثلاثة أنواع رئيسية من الاهتمامات والأنشطة التي يمكنك أن تعمل عليها، وهي:
أ‌.        الأنشطة المنتجة والبناءة: وهي الأنشطة التي من خلالها تنجز شيء ما نافع ومفيد، وهي التي تعطيك الشعور بالفخر، مثل تنفيذ المهام المنزلية، أو العمل في مشروع، أو ممارسة مهارة، أو دراسة موضوع يثير اهتمامك.
ب‌.   الأنشطة الإيثارية: وهي الأنشطة التي تشمل الأعمال الخيرية والتطوعية ومساعدة الأخرين، فهذه الأنشطة تعطيك الرفقة والامتنان من الأخرين، والشعور بالفخر، فمساعدة الناس هي واحدة من أفضل الطرق لرفع نفسك روحياً.
ت‌.   الأنشطة الممتعة: وهي الأنشطة التي تمنحك الراحة والاسترخاء والمتعة، على سبيل المثال متابعة برنامج تلفزيوني هادف أو ترفيهي، مشاهدة فلم هادئ وأسروي.
2.    المحافظة على الموقف الإيجابي:
تلعب عادات التفكير السلبية دوراً مهماً في الاكتئاب، حيث تشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب يميلون إلى التقليل من انجازاتهم ومواهبهم وصفاتهم، فهم لديهم ميل لأن يروا أنفسهم على أنهم أقل شأناً وأقل كفاءة.
تركز عاداتهم الفكرية على المبالغة في المشاكل والعيوب، وتقليل أو عدم رؤية الأشياء الجيدة في حياتهم. كما أنهم يميلون إلى تذكر الأشياء السلبية في أكثر الأحيان، أكثر من الأشياء الإيجابية، وكذلك يميلون إلى التقليل أو التغاضي أو نسيان مشاعر الفرح والسرور في حياتهم.
الناس السعداء يحافظون على موقف إيجابي عن طريق قبول الحزن بأمان كجزء من الحياة الطبيعية، ويبذلون كل ما في وسعهم لكي يحلوا مشاكلهم، ويحسنون تواصلهم الاجتماعي، وهم يدركون أن الحياة تحدي وحب وشجاعة، فلا يستسلمون ولا يحبطون، ويعملون بصورة مستمرة على تحسين نوعية حياتهم، رغم كل المصاب التي تعترض طريقهم.
3.    بناء التوقعات الواقعية:
إعادة النظر في توقعاتك، وأولوياتك في الحياة، وإذا لزم الأمر، قم بتعديلها لتناسب الواقع بشكل أفضل.
غالباً ما يعتقد الأشخاص المكتئبون أنهم لا يمكن أن يكونوا سعداء دون أشياء معينة، مثل وجود حبيب، أو ممتلكات مادية، أو دخل عالي.... الخ. يمكنك القضاء على هذه المشاكل عن طريق تغيير تفكيرك السلبي، وتعلم قبول الموقف والواقع، ومن ثم محاولة تحسين وضعك بالجهد والبناء والمثابرة.
4.    قم بحل مشاكلك ولا تتجاهلها عبر خطوات بسيطة:
قم بتحديد الأوضاع السلبية والمجهدة الموجودة في حياتك، وأسأل نفسك ما الذي يمكنك فعله حيالهم، لا تستسلم ولا تسمح لمشاكلك أن تستمر، اطلب المساعدة من الأخرين في حل المشاكل التي تعترض طريقك، حافظ على عقلك مفتوحاً تجاه الخيارات والحلول الممكنة، فلا يوجد شيء مستحيل، بل كل شيء ممكن.
5.    تعامل مع عاداتك السيئة:
إن تغيير العادات يعتبر مدخلاً مهماً للقضاء على الاكتئاب، قم باستبدال الفكر السلبي بالفكر الإيجابي بشكل يومي، لا تحاول أن تلقي اللوم على الأخرين أو الظرف، قم بمكافحة هذه الأفكار بجدية، واستخدم مهارات الحزم، ومهارات حل المشكلات، وركز أكثر على حل المشكلة وليس المشكلة، واجه ضغوط الحياة بالتعلم والمعرفة وإيجاد الحلول المناسبة لها، حاول أن تبني مشاعر الفرح والسعادة والنبطة والامتنان كعادة يومية في حياتك العائلية والمهنية.
6.    اعمل على تطوير الصداقات والعلاقات:
تساعد المهارات الاجتماعية الجيدة، والشبكة الجيدة من الصداقات التي تتراوح بين العرضي والحميمي على الوقاية من الاكتئاب، ومواجهة ضغوط الحياة، وتسريع الشفاء من الاكتئاب.
العلاقات الزوجية المجزية والمفيدة غالباً ما تكون مهمة في علاج الاكتئاب والحماية منه، فالعلاقات الزوجية السيئة قد تكون سبباً بالاكتئاب، ساهم في بناء سلوكيات زوجية إيجابية، فربما يفتقر زواجك إلى علاقات حميمة لتبادل المشاعر وتلقي القبول والفهم والدعم العاطفي من قبل بعضكما البعض، فتقاسم المشاعر هو أكثر أهمية من مجرد تبادل الحقائق مع زوجك.
تشير الأبحاث إلى أن الأشخاص المصابين بالاكتئاب أكثر عرضة من غيرهم للتفاعل مع أزواجهم وأطفالهم بطرق عدائية وغضب شديد، لذلك حاول أن تكون متفهم لذلك، وابذل جهد في تحمل المسؤولية تجاه نفسك وأطفالك وزوجك.
حافظ على علاقات جيدة مع الأخرين وقم بتطوير صداقاتك القديمة وأبني صداقات جديدة.
7.    اكتشف لماذا أنت مكتئب؟
إذا كنت لا تعرف سبب شعورك بالاكتئاب، قم بالبحث عن القرائن والأدلة من خلال مقارنة حياتك وتناقضاتها الأن، مع الأوقات التي كنت فيها سعيداً بالسابق، فأفضل طريقة لفهم الاكتئاب هي دراسته بعناية. استخدم مقياس متدرج من الصفر حتى المائة، لتقييم اكتئابك عدة مرات في اليوم، وقم بتسجيل جميع الأفكار والظروف والأحداث المرتبطة بحالتك. فمن خلال تقييم الاكتئاب سوف تكتشف أن مزاجك ليس دائماً منخفضاً، وعادة ما يشعر المكتئبون بتحسن عندما يظلون مشغولين (في العمل، والطهي، والزيارات، وما إلى ذلك).
إن أسرع طريقة لتغيير المشاعر هو أن تتصرف بالطريقة التي تشعرك بالسعادة، قم بالابتسام بشكل منتظم، تصرف بطريقة ودي تجاه الأخرين، وشارك في الكثير من الاهتمامات والأنشطة، بما في ذلك الأنشطة الممتعة، لا تنتظر حتى تكون في مزاج جيد للقيام بهذه الأنشطة، فقد لا يأتي ذلك الوقت، إن الأشخاص المكتئبون الذين يواظبون على الأنشطة الممتعة سوف يزداد شعورهم بالبهجة والسعادة مع زيادة الممارسة، وتدريجياً تصبح هذه السلوكيات مريحة وطبيعية، حاول باستمرار أن ترفع رأسك وتشد اكتافك وأن تحافظ على لغة جسد صحية وصحيحة، فلا يكون فيها الانحناء أو الانكسار، أو تدلي الرأس وانخفاضه باتجاه الأرض، أو أن تكزن مشيتك بطيئة وزاحفة، وكلما عملت على لغة جسدك زادت فرصك في التغلب على اكتئابك.
8.    اصنع التوازن في حياتك:
يحتاج الناس إلى توازن سليم بين المتعة والعمل، فمن الخطأ أن يكون لك توقف عن العمل وممارسة الأنشطة، فوقت الخمول والكسل غالباً ما يؤدي إلى التفكير السلبي والاكتئاب، لذلك حاول أن تختار المزيد من الاهتمامات والأنشطة، والتي تمنحك الشعور بالسعادة والمتعة، وحاول أن تشارك اهتماماتك مع الأخرين، فالنشاطات والمشاركات تمنحك المزيد من الطاقة والحيوية، وبعد أن تحصل على التعب الكافي نتيجة بذل الجهد في الأنشطة الكثيرة والمتعددة، يمكنك أن تنشد الاسترخاء والهدوء لكي تجدد من حيويتك ونشاطك.
9.    استخدم دفتر لكتابة يومياتك:
أفتح سجلاً وقم بالكتابة فيه بشكل منتظم عن كل التجارب السعيدة التي مررت بها، وقم بوصف لحظاتك الأكثر خصوصية بدقة، بما في ذلك مشاهد الطبيعة الجميلة، وخاصة تلك اللحظات التي كنت فيها قريباً من أحبائك، دون أوقات المرح وأيام الاستسلام وتجاربك الروحية الدينية والأخلاقية، دون سماتك الإيجابية، وتحدث عن مواهبك وفضائلك وانجازاتك وما إلى ذلك، ثم اكتب التأكيدات الإيجابية من أجل تحسينك الذاتي، على سبيل المثال: سأسعى لأن أكون مثالاَ للرحمة والحب والسعادة والسلام في هذه الحياة.


10.                       توقف عن الشكوى والتنهدات والنظرات الحزينة:
عندما تبكي أو تتذمر أو تتحدث عن المشاعر الحزينة، أو تناقش مشاكلك، قد يستجيب الأهل والأصدقاء والأحبة بتعاطف ورعاية محببة. لكن لسوء الحظ: فإن هذه الاستجابات المحببة، تكافئ وتساعد في الحفاظ على السلوكيات الاكتئابية، حتى أن بعض الأصدقاء أو العائلة يقومون بالأعمال المنزلية من أجل شخص مكتئب كي يبقى في السرير أو يطلب المساعدة، وهذا أيضاً يكافئ السلوك السلبي، وفي أحيان أخرى يقوم الشخص المكتئب نفسه بمكافأة نفسه بتناول الطعام الكثير، أو إنفاق الأموال الكثيرة، أو ممارسة الجنس بصورة مستمرة، وغيره الكثير من المكافأت التي يعمل من خلالها المكتئب على تغطية اكتئابه.
لذلك أقول توقف عن السعي للحصول على التعزية للنفس من خلال الشكاوي والتذمر، والتنهدات، والنظرات الحزينة، والبكاء، قم بجعل تفاعلاتك الاجتماعية أكثر إيجابية، من خلال إظهار الدفء تجاه الأخرين، والاهتمام بهم، وتطوير ومشاركة المصالح والأنشطة معهم.
أطلب من الأهل والأصدقاء التوقف عن مكافأة سلوكياتك الإكتئابية، وأنت بدورك توقف عن الشكوى لهم، وحاول أن تتصرف معهم بطرق أكثر طبيعة، أخبرهم بألا يشفقوا عليك، واطلب منهم عدم القيام بالمهام والواجبات التي يمكنك القيام بها بنفسك.
لا تقلق بشأن ما إذا كنت سعيداً. طور من اهتماماتك وأنشطتك وصداقاتك، وكن لطيفاً، وساعد الأخرين وأبذل جهداً لكي تكون فاضلاً وتقبل الألم العاطفي، واعمل على قهر مشكلاتك الشخصية، وقم بتحسين عاداتك في التفكير، فهذه الأشياء سوف تؤدي إلى شعورك بالسعادة، قد يستغرق قهر الاكتئاب وقتاً من الزمن فلا تبتأس من ذلك، إنما ثابر بجهودك، فلكل جهد عائد مضاعف.
إن كسب المعركة والانتصار على الاكتئاب يتطلب الأمل والجهد والمثابرة فالنجاحات تبدأ بخطوات صغيرة، فقم بها الأن ولا تتردد في فعل ذلك.
-         خطوات العمل في علاج الاكتئاب:
تساعد العلاجات النفسية في تغيير أنماط تفكيرك وتحسين مهاراتك في التأقلم والتكييف، لتكون أكثر جاهزية في التعامل مع ضغوط الحياة والنزاعات والإحباطات، وكذلك سوف تساعدك في البقاء على خير ما يرام من خلال تحديد وتغيير الأفكار والسلوكيات غير المفيدة.
إن أكثر من 80% من الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب الشديد سوف يتعافون بشكل تلقائي من الاكتئاب خلال فترة تتراوح بين 4-10 أشهر، وعادة ما يجد الناس طريقهم في الخروج عندما تبدأ المساعدة الفعلية التي تقدم لهم.
من الأمور المهمة التي يجب أن نفهمها عن الحياة، هو أنها تتصف بالدورية، وهذا يعني أن التحديات تحدث بشكل طبيعي في الحياة، وهي جزء من الحياة كما هو حال السعادة والفرح، فخيبة الأمل والإحباط والحزن والتوتر والإجهاد موجودون في أي حياة، والشخص الذي لديه أسلوب تفكير تشاؤمي حول تلك المواضيع سوف يصاب بالاكتئاب، وعلى ذلك، فإن الاكتئاب هو مزيج من أحداث الحياة المؤلمة (الحاجات غير الملباة) بالإضافة إلى أسلوب التفكير الخاطئ.
إن الهدف من العلاج ليس أن يعتقد الشخص أن كل شيء سوف يصبح رائع وجميل، فإن محاولة جعل الشخص مبتهجاً، سوف تعود به لاحقاً إلى نفس المشكلة، أن الهدف من العلاج الناجح هو تعليم الشخص فهم ما حدث، وما يمكن أن يحدث.
وأيضاً تعليم الشخص كيف يركز على السعادة بدل التركيز على الألم، فعادةً الأشخاص المكتئبون يضخمون صور المعاناة والألم على حساب السعادة والفرح، وعلى الأكثر يعتبرون ذكريات الألم هي الحقيقية، بينما ذكرات المتعة هي مجرد ذكريات خاطئة مرت في تاريخهم، وفي أغلب الأحيان يلجؤون إلى أسلوب تفسير الأحداث بشكل سلبي، أن كل ما يحتاجونه المكتئبون هو أن يتعلمون كيف ينأوون بأنفسهم عن ذكريات الألم والمشاكل، وكيف ينفصلون عن تجاربهم السلبية.
وما يجب أيضاً أن يتعلمه الشخص المكتئب كيف يفهم الماضي وكيف يركز على الحاضر، وكيف يبعد نفسه عن قلق المستقبل.
وأيضاً عليه أن ينتبه إلى طبيعة الحديث الذاتي الاجتراري، فحديث الذات السلبي المستمر يؤدي إلى جعل الاكتئاب قوياً في مكانه، ومع ازدياد الحديث السلبي مع الذات يزداد الاكتئاب قوة.
وبالطبع لا ننسى أن قلة الحركة، وعدم ممارسة الرياضة، ستساهم في صناعة الاكتئاب وتعزيزه، فقد وجد الباحثون، أن ممارسة الرياضة عبر المشي السريع يومياً لمدة عشر دقائق، ترفع حالة المزاج لمدة ساعة إلى ساعة ونصف.
إذاً كيف تنتهي من الاكتئاب؟
اكتب ردود أفعالك على الخطوات التالية في دفتر ملاحظاتك لخلق حياة أفضل الأن وفي المستقبل:
1.     حدد الشعور وقم بتسميته (اكتئاب، ركود، نكوص، يأس، حصر).
2.     قم بتحديد السبب الذي أدى بك إلى الاكتئاب:
أ‌.        ماذا كنت تفعل وتعمل حتى وصلت إلى ما عليه الأن؟
ب‌.   ما هي المحاولات والطرق التي قمت بها في حياتك؟
ت‌.   ما هو الإحباط الذي عشته وكان مؤلم؟
ث‌.   ما هي المحاولات التي قمت بها ولم تكن ناضجة؟ حدد كيف يمكن استبدالها؟
3.     ضع في قائمة بردود أفعالك المناسبة والملائمة لمواجهة الاكتئاب من خلال:
أ‌.        الدعم العائلي أو الأشخاص الاخرين.
ب‌.   قم بإجراء عصف ذهني للبحث عن الحلول وتوليد الأفكار وتوسيع الموارد التي تساعدك على بناء منهج لتلبية احتياجاتك الخاصة التي تريدها، وانتبه إلى الأدوات النافعة والتي تحقق لك النجاح، وتوقف عن استخدام الأدوات التي لم تؤدي إلى النتائج المرجوة.
ت‌.   توجه إلى أخصائيين العلاج النفسي لطلب المشورة والمساعدة.
وأخيراً، فإن الاكتئاب هو مزيج من أحداث الحياة المؤلمة بالإضافة إلى أسلوب التفكير الخاطئ، وأن أقوى أداة مضادة للاكتئاب هي المعرفة والتعلم عن اكتئابك، ومن ثم بذل الجهد الشخصي للخروج من هذه المحنة، فالكثير يمرون بهذه التجربة، ويخرجون منها بالجهد والمثابرة والاصرار على الشفاء، وبإمكانك أنت أن تكون واحداً منهم، فلقد حان الوقت لكي تتخلص من اكتئابك.
د. أيمن قتلان