الثلاثاء، 6 أغسطس 2013

نظرية المؤامرة وتشويه الحقيقة.


نظرية المؤامرة كبش الفداء العظيم.

ليست المشكلة في المؤامرة لانها موجودة دائما. المشكلة كيف اعددنا تفكيرنا للتعامل مع المؤامرات . من السهل جدا ان تقول هناك مؤامرة لكي تعلق مايحدث الى قوى خارج سيطرتك فتظهر وكانك ضحية حتى لا تتحمل المسؤلية وتعالج المشكلة من جذورها . انه اسلوب في التفكير مقابل المؤامرة يعتمد على استجرار العواطف والوجدان ولا يخاطب العقل وهو اسلوب للتبرير عن الفشل والعجز, وايضا تبرير من أجل ان تتخذ كل الاجراءات المؤلمة التي تنهي بها عملية الصراع فتستخدم العنف والقتل والتدمير وهذا الاسلوب من حل للمشكلات القائمة سببه التمسك من قبل انصار المؤامرة ومناهضتها بأعتى الاساليب القذرة التي تنفي الانسان وتخرب الاوطان وكله مبرر ومشروع لديك ولدى المريدين عندك ومن يصرخون بصوتك وبسلاحك .انك تتعرض الى مؤامرة المؤامرات التي يجب ان تتصدى لها بكل حزم وقوة والنتيجة ضياع الانسان وتدمير البلاد. انه اسلوب رخيص ومضلل للانسان لانه يستخدم العاطفة والتاريخ والاحقاد والمذهبية والطائفية ليصنع من يتبع هذا الاسلوب في حل المشكلات مصالحه الشخصية والفئوية ,وياحسرة على العباد الذين قد اغشيت عيونهم كي لايكتشفوا الحقيقة والواقع الاليم انها طريقة لصرف الانتباه عن المشاكل المصيرية من خلال توجيه عاطفة الناس وافكارهم وتصرفاتهم الى محور اخر بعيد كل البعد عن الحقيقة فتضيع الاوراق وتختلط الامور وتحدث الفوضى ويصبح الناس في حالة انقسام وعجز ويأس وضياع وفي حالة فقدان الاتجاه الصحيح .يجب ان تعرف ايها الانسان بان كل مايحدث مع أو ضد هو مخطط له من قبل عقلية واحدة ترسلها في اتجاهين مختلفين من أجل حدوث الصراع وتفاقمه واضعاف القدرات وفقدان الموارد انها دوامة لا تنتهي الا بوعيك ايها الانسان وباستخدامك عقلك التحليلي دون تحيز لافكارك السابقة . اسئل نفسك سؤال هل انا على خطأ ؟ لماذا يحدث مايحدث ولمصلحة من يحدث ؟ هل انا انسان مفكر وينظر الى الامور من منظار الاخر ومصلحة البلد؟ ام انني انا انسان اتحرك بناءا على تحيزاتي الفكرية التي تربيت عليها ولازلت احشو دماغي بها؟ ياترى هل توجد بدائل تختلف عن طريقتي ومفاهيمي ؟ كيف يمكن ان نخرج من أزماتنا بدون خسائر فادحة ومؤلمة ؟ لماذا يقنعونا دائما يجب ان يكون الثمن باهظ ويجب ان نبذل الغالي والرخيص من اجل الوطن وفلان وعلتان ؟ ماذا لو فكرنا بطريقة مختلفة تقوم على مبدأ الثمن القليل والكلفة البسيطة ونجنب الناس الالم والتشرد والقتل والخراب ؟ هل نستطيع فعليا ان نصل الى هذه الحلول والافكار !؟ نعم اذاكنت قد أدركت وفهمت بعيدا عن التعصب والتمذهب .
نستطيع ان نصل معا الى طريق المستقبل الافضل الذي يضمن حياتنا معا وبرخاء وسعادة , واذا لم تفهم وتدرك تأكد بأنك لن تحصد الا ما زرعت ومن نفس النوع قد تطول عملية الحصاد انما تأكد بأنك ستقطف ثمار مافعلت خيراً
أوشراً . انه درس الحياة وسنة الله التي لاتتبدل. استيقظ ايها الانسان.

الاثنين، 5 أغسطس 2013

العدل في القرأن يعني الفاعلية في الاداء



الفعالية والجدارة هي رموز الانسان الحقيقي في القرأن الكريم. 

من فكر العلامة جودت سعيد.
وقدعبر عنه القرآن في مثل الرجلين الذي ضربه الله فقال : ( وضَربَ الله مثلاً رَجلَينْ : أحَدهُما أبْكَمُ لا يَقدِرُ على شيء ، وهو كَلٌ على مولاهُ ، أينما يوجهْهُ لا يأتِ بخير ؛ هل يستوي هو ومَن يأمُرُ بالعدل ، وهو صراطٍ مستَقيم ؟ ) النحل - 76 .
فإذا فهمنا معنى الفعالية واللافعالية فبإمكاننا أن نفهم أن الكلمة التي وردت في الآية وهي كلمة (الكَلّ) هي الكلمة القرآنية المقابلة لمصطلح اللافعالية والسلبية ، بل كلمة القرآن أدلُّ على هذا المعنى حيث أن كلمة (الكَلّ) لا تدل على اللافعالية فحسب بل تدل على أنه عبء على من يتولاه سواء كان فرداً أو مجتمعاً . كما وأن كلمة (العدْل) في القرآن تقابل مصطلح الفعاليَّة بشكل أدق ، لأن الفعالية لا تشترط دائماً أن تكون فيما ينفع بل قد يكون المرء فعالاً فيما يضر . أما كلمة العدل ففعاليته في الحق دائماً ، كما وأن أمره بالعدل ذاتي الانبعاث وليس مدفوعاً إليه .
والآية تدل بشكل دقيق واضح على الفعاليَّة واللافعالية في مَثَل الرجلين الذي ضربه الله : مثل الرجل الأبكم الذي لا يقدر على شيء وهو كّلُّ على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير . إنَّه وصف دقيق للافعالية في عدم القدرة على شيء وفي عيشه عالة على الآخرين . كما تدل على أن عجزه عام وليس في جانب واحد لأنه أينما يوجَّه لا يأتِ بخير . وإذا لاحظنا أن الفعالية واللافعالية تظهران في كل جوانب الحياة ، وتَعُمان كل أجزائها ، فإن من الخطأ محاولة علاج مسألة جزئية من نتائج اللافعالية دون معرفة شروط الفعالية ، التي سيوفِّر تحصيلها خيراً كثيراً ، ويختصر لنا الطريق .
ايمن قتلان

الأحد، 4 أغسطس 2013

مذهب ابن ادم الانساني

مذهب ابن ادم الاول في محددات الاداء والواجب العام.
يقول العلامة جودت سعيد :اقتباس
 قال ابن آدم الأول :
( لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقتُلَنِي مَا أَنا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيكَ لأَقتُلَكَ إِنِي أَخَافُ اللهَ رَبَّ العَالَمِينَ ) ] المائدة 5/28 [ .
 المقصود من مذهب ابن آدم الأول
فما ذهب إليه ابن آدم الأول هو الذي نريد أن نبينه :
1- القصد من هذا هو ألا يكون ذنب المسلم الدعوة إلى قتل أو اغتيال أو دفع الناس إلى شيء من هذا .
2- والقصد من هذا ألا يكون للمسلم ذنب إلا أن يؤمن بالله العزيز الحميد ، إلا أن يقول ربي الله .
3- القصد من هذا ألا يكون للمسلم ذنب إلا أن يتقبل الناس دعوته إلى الله .
4- القصد من هذا ألا يعرض الإنسان رأيه بالقوة على الآخرين ، وأن لا يتنازل الإنسان عن رأيه خوفاً من القوة .
5- القصد من هذا ألا يتخذ المسلم في دعوته إلى الله غير الطريقة التي سار عليها الأنبياء من مبتدئها إلى منتهاها .
6- القصد من هذا أن تتحمل الآلام من أجل مبدئك لا أن تفرض مبدأك بالآلام على الآخرين .
7- القصد من هذا أن تبذل نفسك في سبيل هداية الآخرين وإرشادهم .
8- القصد من هذا أن تقرب المثل الأعلى للخلق في التمسك بالمبدأ .
9- القصد من هذا أن لا تتبنى شيئاً لا تلتزمه إلا إذا كنت مستعداً لالتزامه وتبنيه في كل وقت وعلى مشهد من الناس جميعاً .
وخلاصة القول في هذا كله :
أن لا توجه إلينا تهمة غير التهمة التي وجهت للأنبياء كما وردت في القرآن ، وهي قول : ( رَبُّنا الله ) .
 تنبيه مهم وتمييز ضروري بين من يعمل لبناء المجتمع الإسلامي ومن يمثله
وهنا عند هذه النقطة أرى من الواجب علي أن أفصل في موضوع مهم يلتبس فيه الأمر على كثير من الناس ، قد يقول قائل :
أين أنت من آيات الجهاد والقتال في القرآن ؟ هل تريد أن تؤمن ببعض الكتاب فقط ؟ أم هل تريد أن تنسخ آيات القتال من القرآن ؟
أسارع إلى القول : إنني لا أريد أن أنسخ الكتاب ، ولا أن أُعطل آيات الجهاد والقتال ، حاشا لله أن أفعل ذلك . إلا أنني أريد أن أفرق بين حالتين :
1- حال من يدعو إلى إنشاء المجتمع الإسلامي أو إصلاحه والحيلولة دون فساده .
2- وحال من يمثل المجتمع الإسلامي المتميز الذي أسلم وخضع للإسلام .
إن واجب الصنف الأول فقط هو الذي أبحثه بينما أنت تريد أن تكلفني واجب الصنف الثاني .
ولأجل أن يتوضح لك هذا بصورة أدق ، أضرب مثلاً يقرب الأمر ويزيده وضوحاً :
إن الله يأمر بقطع يد السارق . فيا أيها المسلم الذي تعيش في مجتمع لم يخضع لأمر الله ، هل ترى واجباً عليك أن تقبض على السارق وتقطع يده ؟ وهل إن لم تفعل ذلك تكون قد أبطلت آيات الله ونسختها ؟
إن الذي يقطع يد السارق هو الذي يمثل المجتمع المسلم .
فكيف تريد أن تقطع يد السارق الذي يعيش في مجتمع لم يخضع لأحكام الإسلام أو انه تحلل من أحكام الإسلام ؟
هل اقتنعت الآن بأنك لست معطلاً لآيات الله إن لم تقطع يد ذلك السارق ؟ وإن كان الأمر كذلك في حدود الله فكيف ظنك بأمر الجهاد إلى يُعتبر من أخطر الأمور(1) ؟
هل تظن أنه ينبغي أن تنفذه ؟ هل أعطاك الله هذا الحق في هذا الوضع ؟ هل تعتقد أن الله قد فرض عليك هذا الواجب ، واجب القتال في مجتمع لم يخضع للإسلام ، بينما تعجز عن الأمر الذي أوجبه الله عليك في كل الحالات ، ألا وهو قول الحق حيثما كنت لا تخاف في الله لومة لائم ؟
إن قول الحق هو الذي أُمرتَ به ، وبه يتكون المجتمع الإسلامي .
فعندما يتكون المجتمع الإسلامي ، ويدعوك من وُكِّل إليه أمر الجهاد وتتخلف ، تكون بذلك قد تخليت عن فرض عظيم من فرائض الإسلام :
( وَمَن يُوَلِهِم يَومَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِفاً لِقِتَالِ أَو مُتَحَيزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَد بَاءَ بِغَضَبٍ مَنَ اللهِ وَمَأوَاهُ جَهَنَّمُ وَ بِئسَ المَصِيرُ ) ] الأنفال 8/17 [ .
يتبين مما سبق ، أنه إذا اجتمع بعض الأفراد سراً ، وأصدروا حكم الإعدام ، أو قرروا القيام بحركة انقلابية ، وأعطوا لأنفسهم سلطة تنفيذ مثل هذه الأحكام ، لا يكونون قد خدموا الإسلام وأيدوه ، لأن الإسلام لا يعطي أمر إصدار مثل هذا الحكم وتنفيذه ، حتى في القصاص من القاتل المعتدي ، لأي فرد عادي في المجتمع الإسلامي ، ولا لبعض الأفراد الذين لم يسلم لهم المجتمع بذلك .
فكيف يخول المسلم لنفسه تنفيذ مثل هذا الأمر الخطير ، واستباحة الدماء ، في أوضاع فيها كثير من الالتباس والغموض ، بحيث يُقدم بهذا ما يسوغ للآخرين أن يلصقوا به تهم الإرهاب وغيره ؟!
وإني لا أتَهم هؤلاء في حسن نواياهم ، وصدق إخلاصهم ، وحبهم للإسلام ، وإنما أرى أن مثل هذا الخطأ ناشئ عن نقص في الإدراك الفني للموضوع ( فقه القضية ) أكثر من أن يكون مأتاه من الإعواز الخلقي .
وإذا تبين لك الفرق بين واجب من يدعو إلى إنشاء المجتمع الإسلامي أو إصلاحه ، وبين من يمثل المجتمع الإسلامي المتكون ، سهُل عليك حل كثير من المشكلات التي تخفى على كثير من الناس .




(1) راجع كتاب السياسة الشرعية لابن تيمية .

السبت، 3 أغسطس 2013

المنطق البديل

   ان الحياة مليئة بالمشاكل وقد تبدو في كثير من الاحيان هذه المشاكل مستحيلة الحل .

 مشاكل عائلية مشاكل شخصية مشاكل العمل مشاكل المجتمع ومشاكل الحياة الكثيرة.

   لقد فقد الناس التوجه نحو الحل ودخلوا جميعا في احسن الاحوال بخلافات ومنازعات
  متنوعة ربما لانتهي وربما تتطور الى صراعات متطرفة لتصبح شديدة التأثير على 
  الفرد والمجتمع فبدلا من التقدم نحو المستقبل المزدهر والحياة السعيدة نتراجع نحو   التخلف والمرض والفقر والجهل حيث تزداد الامور سوءا ونفقد الامل ونبدأ بالاستسلام
وننتظر النهاية التي لانعرف عنها شيئا .
هل من أمل هل من حل بالطبع نعم ويوجد الكثير من الامل والكثير من الحلول فقط عندما 
نعلم مبدأ اساسي استخدمه كل العظماء في حياتهم هؤلاء الذين تميزوا بالفعالية والكفاءة والجدارة هذا المبدأ هو حل لكل المشاكل الحياتية التي بدت مستحيلة الحل والتي شعرنا بضيق شديد تجاهها وكم كان ذلك مؤلما ومدمرا لنا جميعا .
اذا تشاركنا جميعا في تفعيل هذا المبدآ فاننا نصنع معا مستقبل مليء بالحب والسعادة والتسامح والرضى والسلام مستقبل يضمن لنا وللاجيال القادمة التمتع بكل الموارد التي 
اوجدها الله لنا جميعا .
هذا المبدأ كما قال المبدع ستيفن كوفي يصلح لحل المشاكل في المجتمع والعمل والعائلة
يصلح لان يطبق في السياسة والاقتصاد والتعليم والبيئة .
يزداد التطرف والتعصب ويزداد العنف بكل اشكاله والجميع يعتقد انه على صواب والاخر على خطا والاخر يخطط لك لتصبح على قناعة أكثر بانك على صواب لكي تزداد تطرفا وتعصبا وبالتالي هو يجب ان يدافع على نفسه وتبدأ الحلقة وندور نحن جميعا بها .
العنف سيولد عنف والحرب ستولد حرب والكره سيزيد الاحقاد وهكذا نبدأ بالدوران في دائرة تدمر كل شئ .
يجب ان نبدأ الان لنتعاون معا على تغيير طريقة واسلوب تفكيرنا حتى نبني المستقبل لنا جميعا وهنا تاتي نقطة التحول نحو العظيم .
لنكتشف معا جميعا هذا المبدأ كيف يعمل وكيف عمل في الماضي وكيف يعمل ما بقيت الحياة قائمة بأمر الله .
ماهو هذا المبدا  ----- انه قادم اليكم في الحلقة القادمة انشاء الله .

التلاعب بالعقول وصناعة الخوف


التضليل والتلاعب بالعقول وصناعة الخوف

من الذي جعلك تعمل ضد حياتك ورفاهيتك وسعادتك ؟
المتلاعبون بالعقول يقومون بتضليل عقول البشر من اجل استمرار الهدر والقهر ,والتلاعب بالعقول يمثل احدى الادوات التي تسعى النخبة من خلالها الى تطويع الجماهير لاهدافها الخاصة عبر وسائل بسيطة وبواسطة اشخاص يظهرون وكانهم قديسين يدافعون عن وجودك المهدد باخطار قادمة انت لا تعرفها وهم كما يقولون بانهم يعرفونها.
التضليل عملية علمية لها اصول من علم النفس والسياسة وعلم الاجتماع والاعلام وعلم الاعصاب . التضليل اداة من ادوات القمع تستخدمه النخب عندما تتعرض مصالحها للخطر من اجل توجيه الاحداث بعيدا عن الحق والحقيقة.
ان العبقرية المرعبة لتقنية التلاعب بالعقول تقوم على توجيه الناس ضد مسار حياتهم الطبيعية وضد مصالحهم المشروعة والاخلاقية بحيث يسود اقتناع راسخ لدى الجمهور بان مايحدث هو مؤامرة قذرة وان المبرر المقدم هو الحقيقة التي يجب ان تؤمن بها دون سواها. 
مع انه وباستخدام ابسط انواع التحليل الذي يستند على الحس الفطري والبديهة الطبيعية والحكمة الموروثة عبر التاريخ تستطيع ان تكتشف زيف الادعاء والتضليل لان هذه الممارسات قديمة قدم التاريخ وبالطبع حتى تبدو الا كاذيب مقنعة والتضليل فعال يقوم المتلاعبون بالعقول على تغذية التفكير العصبي الذي يجمع الطائفة او القبيلة او الاقلية كما يقولون بحالة من الخطر والتهديد المباشر لحياتهم . مما يدفع الناس من حيث لايدرون للاصطفاف وراء النخبة المدافعة عن حقوقهم وعن حقوق الوطن الكبير .
هذه الامور موجودة بفعل المدرسة السلوكية التي تم اسغلالها لتعديل وتوجيه سلوك البشر نحو اهداف النخبة وبعيدا عن المدرسة المعرفية التي تستخدم الفكر والعقل والحكمة والاخلاق والفضائل.
يجب ان ننتبه جميعا لما يحدث , حكموا العقل والمنطق والحكمة.
 ان خمسة اشياء يتم اسخدامها بطريقة ممنهجة لاضعاف التفكير والعقل :   
الخوف والقلق المصنوع من الاخصائيين. 
. التدين الاعمى والايمان بدون علم 
تحالف الثروة والسلطة وافساد النفوس بالمال . 
. الاكاذيب المحبوكة والاستمرار الممنهج بالكذب الى حد ان من يقوم بالكذب يصدق مايكذب به 
 الهجوم المستمر على كرامة الانسان والقيام بهدر حياته وهدر قدراته لتوصيله الى مرحلة اليأس وفقدان الامل وسيطرة حالة من التردد والشك في كل شئ .
الخوف أقوى اعداء العقل والتفكير . الخوف والعقل جوهريان في حياة الانسان . العقل يبدد الخوف ,والخوف يغلق العقل ويوقفه عن العمل , وعندما يحل الخوف محل العقل تكون النتيجة دوما بغضا وخلافات واحقاد وكراهية وحروب وصراعات وكل هذه الاشياء وجدت بفعل الخوف وابتعادا عن العقلانية والمنطق والحكمة الذين بامس الحاجة لهم في هذه الحياة دوما من اجل الحب والتعاون والتسامح واحترام فكر الاخر.
الخوف المصنوع يستنزف الارادة الوطنية ويضعف الشخصية الوطنية ويصرف الانتباه عن التهديدات الحقيقية.
ان القادة والزعماء الشرفاء والذين يستخدمون الاخلاق معيارا لسلوكهم يساعدون شعوبهم للتغلب على مخاوفهم , بينما الطغاة والمستبدين والذين يسخدمون الولاء والانتماء معيارا في حياتهم فانهم يصنعون الخوف لشعوبهم وبطريقة ممنهجة ويستغلون هذا الخوف فيما بعد لتحقيق مكاسب شخصية وسياسية واقتصادية.
الخوف يسلب كل قوى العقل والحب الصادق والمشاعر النبيلة . الخوف يبعدك عن التصرف السليم والتفكير الصحيح الهادف . التفكير الفاعل والمؤثر . الخوف يقبع وراء اكثر مشاكلنا . الخوف من دأبت المدرسة السلوكية على ترسيخه في عقولنا منذعقود طويلة وهذه هي نتائجه الاخيرة ودون عودة . لقد دخلت البشرية عهدا جديدا من المعرفة التي تعتمد على العقل والتفكير وللاسف الاكثرية لايدركون ذلك فلا تكن منهم . انتمي الى المستقبل الافضل والحب والتعاون والتسامح ولاتكن مضللا لتندم لاحقا.

قوة الفكر أم قوة الجسد.

                          قوة الفكر أم قوة الجسد
قوة الفكر ام قوة الجسد ماتقوله وتفعله يجب ان يكون متطابقا مع الفهم الصحيح للايمان والعدل والقسط.
من فكر العلامة جودت سعيد : 
العدل وفصل معترك الأفكار عن معترك الأجساد
أيها الناس! إنكم تحبون الوزن بالقسط والعدل ما دمتم مظلومين ومستضعفين، أما حين تصير لكم السيطرة والقوة ؛ فسوف ترفضون كلمة السواء وكلمة التوحيد، ولا تقبلون أن يتساوى الناس جميعاً أمام كلمة السواء وميزان واحد.
امتحِنْ ذاتك، وستعرف انك لن تستطيع أن تكون عادلاً ؛ إلا إذا فصلت معترك الأفكار عن معترك الأجساد باطمئنان، وقبلت قانون معترك الأفكار، ورفضت إدخال معترك الأجساد في معترك الأفكار.
ينبغي أن تصل إلى إيمان ابن آدم وموقفه، حتى يكون قولك مطابقاً لعملك، وإلا لن تكون صادقاً بادعائك قبول كلمة السواء، وادعائك انك فصلت معترك الأفكار عن معترك لأجساد، ولن نصدّق أنك فهمت الهدف والمغزى من قوله تعالى: (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) ] البروج: 85/8 [، كلاّ ولن نصدق أنك فهمت المغزى والهدف الذي جاء من اجله الأنبياء الذين قالوا: (وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا) ] إبراهيم: 14/12 [، ولا الهدف والمغزى من قوله تعالى: (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ) ] الأنعام: 6/34 [.
إنك إن لم تصل إلى إيمان ابن آدم وفهمه، فانك لا تكون دخلت معترك الأفكار ولا ذقت قوانينها.
إن الأمور لازالت ملتبسة، حتى إننا لم نؤمن بعد بفعالية عالم الأفكار، ولم نشعر أننا نستطيع أن نربح معترك الأفكار، ولذلك فنحن منهزمون قبل أن ندخل إلى هذا المعترك، وبموجب هذه العقلية فإننا سنخنق الأفكار في مهدها، وسندفنها حيّة ؛ متى صار لنا قوة وسلطان، ولن نصبر على أي فكر يخالفنا.
كم مرّة تكرر هذا في تاريخنا؟!!
ماذا يحدث لدعاة حرية الرأي.
ماذا يحدث لدعاة فكرة (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)؟
تأمل في قوله تعالى: (فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا) ] الأنعام: 6/34 [!
إذا كنت لا تصبر على التكذيب والأذية في معترك الأفكار، وتلجأ بدلاً عن ذلك إلى معترك الأجساد، فإنك بدل أن يتعمق دخولك إلى عالم الأفكار وتنحرف عنه.
لا تتحدث عن الأفكار حين تكون في معترك الأجساد، لأن الأفكار عندها لن يكون لها مكان في ميدان تتصارع فيه الأجساد، ولا يوجد أناس يلتزمون بمعترك الأفكار على أساس دائم وثابت واستراتيجي.
إن الذين ينجّرون إلى معارك الأجساد بالتحرشات والايذاءات، هؤلاء لم يتعمقوا في الإيمان بعالم الأفكار ولم يفهموه، لأن بالإمكان إخراجهم منه، هؤلاء الذين لديهم استعداد للخروج من عالم الأفكار والوقوع في حبائل الغواية والإغواء ؛ جدير بهم ألا ينجحوا في معترك الأفكار، وحتى وان نجحوا في معارك الأجساد ؛ فإنهم لن يستطيعوا أن يحيوا قوانين معترك الأفكار، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، هو فَقَدَ معترك الأفكار وانجرَّ إلى حمأة المعارك الجسدية، ولهذا لن يستطيع أن يحمي عالم الأفكار وقوانينه.

قانون المنافع والمضار وحوار ابرهيم عليه السلام

                                       قانون المنافع والمضار وحوار ابراهيم عليه السلام


قانون المنافع والمضار وابراهيم عليه السلام وحواره المتقدم.
من فكر العلامة جودت سعيد . ايها الناس اسمعوا وعوا.
أيها المسلم، أيها المؤمن! لا تلبس إيمانك بالدنس والظلم والجاهلية، لا تنس الآيات التي سقتها لك من سورة الأنعام في محاجة إبراهيم عليه السلام لقومه، إبراهيم الذي شعر بسلامة الأفكار، وسلامة الفهم، والإدراك الصحيح للمشكلة ؛ حدثت له الاستنارة والهداية: (أَتُحَاجُّونِي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ)، عن الشعور بالهداية، وبالهيمنة الفكرية ؛ يزيل الشعور بالخوف، ولهذا قال إبراهيم عليه السلام: (ولا أَخَافُ) ، هذا الشعور يعبّر عن حالة فكرية رائعة، لا يمكن حدوثها بالادعاء، ولا تتأتى إلا بتوافق تام بين الشعور واللاشعور في موضوع الأمن، لهذا علينا أن نفهم كلمة: (لا أَخَافُ)، وأن نحللها ونفككها، ونجزئها إلى عناصرها الأولية.
حين قال إبراهيم كلمة: (لا أَخَافُ) ؛ حاول أن يشرحها ويحللها أيضاً فقال: (وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ، وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ) ] الأنعام: 6/80-81 [، أين سلطان الخوف، وأين سلطان الأمن؟ من ذا الذي يتسلط عليه الخوف، ومن ذا الذي يأتيه الأمن؟
الخوف في التحليل: هو الخشية من وقوع الخسارة في مالٍ أو شرف أو مكانة، وهو يحدث من تقدير الموقف، ومن التصورات التي يمتلكها الإنسان على ما يتمتع به، وأنه لن يسلب شيئاً يملكه، وقد علل إبراهيم عليه السلام حدوث الخوف وعدمه،ولكن علينا أن نُرجع معنى الشرك أيضاً إلى عناصره الأولية.
لقد كان إبراهيم منسجماً مع نفسه وأفكاره، من البداية وحتى النهاية، فهو الذي واجه الأصنام وعبادتها في مجتمعه بالتساؤل الإبراهيمي الكبير: (قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ وْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ؟ قَالُوا: بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ) ] الشعراء: 26/72-74 [، كان يعود إلى المرجعية الأساسية، إلى مرجعية النفع والضرر، وبهذا المعنى كان إبراهيم هو البراغماتي الأول الذي سأل عن نفع الأشياء وضررها، أما الذين كانوا يحاجونه ؛ فكانت مرجعيتهم تستند إلى الآباء: (بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ).
لم يضيع إبراهيم المرجعية الأساسية، ألا وهي قانون الله في معرفة الحق والباطل: (كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً، وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأرْضِ) ] الرعد: 13/17 [، هذا هو القانون الذي يحكم العالم، إنه روح العالم الذي تجسد في الإنسان، وهو يعني أن الأنفع هو الذي سيبقى، وأن الأقل نفعاً سيزول مهما طالت حياته، ومهما امتد عرضاً وعمقاً.
الخير والأبقى هو الذي سوف يستمر، والزبد سوف يذهب جفاءً غير مأسوفٍ عليه، ولن تبكي عليه أرض ولا سماء، لأن الذي سيأتي بدلاً منه هو الأنفع.
إن الذي يدرك قانون التاريخ وسنة الله وميزان النفع والضرر ؛ يتخلص من الشرك، ويزول عنه الخوف، ويصبح مثل إبراهيم عليه السلام الذي قال: (وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ، وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأمْن) ] الأنعام: 6/81 [.
بعد هذا التحليل، نعلم مقام إبراهيم عليه السلام في تاريخ النبوة، وفي تاريخ المرجعية التي تفصل الحق عن الباطل: (أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا) ] آل عمران: 3/68 [، (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ) ] التوبة: 9/114 [.
إبراهيم وسقوط مرجعية الآباء:
إبراهيم هو الذي سمانا المسلمين (هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ) ] الحج: 22/78 [، وهو الذي تحدث بالقانون الكوني، قانون الزبد، فكانت الحجة الإبراهيمية: (قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ، وْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ) ] الشعراء: 26/72-73 [.
هذا هو قانون التاريخ، وليس هذا فحسب ؛ بل هو قانون الحلال والحرام: (يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ: فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ، وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ) ] البقرة: 2/219 [، لأن إثمهما أكبر من نفعهما تحولا إلى رجس: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنصَابُ وَالأزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ، فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ] المائدة: 5/90 [، وأما الحلال فهو الطيب النافع: (يُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ) ] الأعراف: 7/57 [، ومن هنا كانت القاعدة الفقهية الشاملة: « الواجب هو ما كان نافعاً أو غالباً، والحرام هو ما كان ضاراً دائماً أو غالباً ».
هذا هو القانون، وهذه هي المرجعية التي نعرف بها الحق من الباطل، والصحة من الخطأ، وهذا ما انتهى إليه محمد إقبال حين درس الحضارات والثقافات، وقرر أن الحكم لأي من الحضارات أو الثقافات يكون لها أو عليها، بالنظر إلى نموذج الإنسان الذي تنتجه، وهذا ما ذكره الإنجيل للتفريق بين الأنبياء ومدعي النبوة حين قال: « من ثمارهم تعرفونهم، هل يمكن أن تجني من الحسك تيناً، ومن الشوك عنباً ».
إن المرجعية لا تكون في الآباء، وإلا كان تفكيرنا مثل تفكير قوم إبراهيم، بل المرجعية هي مصير ما كان عليه الآباء خلال التاريخ.
إنها ليست في الانتساب إلى الله وملائكته وكتبه ورسله،: (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ، مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) ] النساء: 4/123 [.
ما قصة معترك الأفكار في التاريخ؟ كيف تعامل الناس مع مشكلة الفهم خلال التاريخ؟ كيف تعاملوا مع معترك الأفكار والأجساد؟
هل استطاعوا أن يفصلوا معترك الأفكار عن معترك الأجساد؟ هل استطاعوا أن ينادوا بهذا الفصل أو يعملوا له؟
لقد قام المؤرخ توينبي برصد التاريخ خلال ثلاثة آلاف من السنين، وذكر نحو ستة شخصيات لا تزال تؤثر في العالم أكثر من غيرها، منهم كونفوشيوس، وبوذا والمسيح عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم ، وذكر أن القاسم المشترك الأعظم الذي يميز هذه الثلة عن غيرها أنهم كانوا يدعون إلى الخروج من عبادة المجتمع (الآباء)، وأن أكثرهم كانوا يؤمنون بحياة أخرى.
إن التمكن من الخروج من مرجعية الآباء ؛ يُعد تطوراً في حياة الإنسان وتاريخه، وإن كانت فكرة التوحيد الإبراهيمي التي تجعل المرجعية في النفع والضرر ؛ لم تصر مرجعاً موحداً بين الناس، ولم يتطور البشر بعد ليتخذوا من ميزان النفع والضرر أساساً في تحديد المرجعية.
إن كل جماعة ترى في آبائها مرجعاً، ولكن سقوط مرجعية الآباء أحدثت بلبلة في العالم الفلسفي في العصر الحديث، ولّما يبدأ الفلاسفة بعد بإقامة القانون الموحد بين الناس جميعاً، ولازالت روح الاستكبار تحول دون تعميم القاعدة، وتوحيد المرجعية.
                                                         روح حرة
الروح الحرة والفكر الطليق.
يقول الخالق سبحانه: 
لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ البقرة. (256).
وهذا ما جاء به الأنبياء، جاؤوا من أجل أن يحكموا حرية الفكر ويزيلوا العراقيل التي تقف أمامه، جاؤوا بمبدأ: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ).
ارفع الإكراه وأطلق الروح تحلق، إن الروح لتسمو وتتعلم من عثراتها، تتعلم ألا تسقط، دعوا الروح تسمو إلى خالقها. إنها متجهة نحوه!!..
لقد علّم الأنبياء الناس كيف يفكّرون في الأشياء التي لم يفكِّرْ فيها، إن الأنبياء هم الذين جاؤوا بما لم يسمع به من قبل، إنهم هم القدوة في الإبداع والخروج عن المألوف، ومن أكبر إبداعاتهم أنهم لم يطالبوا بأن يسمح لهم بالتفكير والقول والحديث والحوار ؛ بل مارسوا التفكير عملياً.
لقد اعتبروا ذلك من أقدس الواجبات، وجاؤوا أيضاً بالفرقان، جاؤوا بالرشد، ورفعوا الإكراه، وأنكروه، أنكروا استخدام القوة الجسدية، في مجالات الفكر، هذا هو الفرقان، هذا هو القول الفصل الذي ما هو بالهزل، وبهذا الفصل بين الاستخدام الجسدي والاستخدام الفكري ؛ تم الارتقاء، وتبين الرشد من الغي.
لقد آمنوا بالله، آمنوا بالروح الذي نفخ فيهم، والتزموا كلمة التقوى، ولم يرتدوا على أعقابهم، فَمَنْ قَبِلَ مَبدأ (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) ؛ فقد أمن على وجوده، وحمى نفسه ودينه، وعرضه ودياره، لا يطلب منه بعد ذلك شيء: (فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) ] النساء: 4/90 [، (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً {النساء: 4/94 }.
من فكر العلامة جودت سعيد.
                                                          قانون الروح ومدخل الفكر
قانون الروح والفكر والوجدان والمعرفة والابدع ,فلا تتخازل وتنكص ايها الانسان.
يقول المفكر والعلامة جودت سعيد :
رحلة الارتقاء الانساني أتركُ عالم الغيب، عالم الملائكة الذين توقعوا الفساد من الإنسان، وعالم الجن الذين قالوا: (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً) ] الجن: 110/72، واعود إلى عالمنا لأدرس كيف كان فهم الناس لوضعهم وإمكاناتهم، وكيف كان تفاعلهم مع الإبداع الذي اودع فيهم والروح الجديدة التي صُبغ بها الوجود حين نُفخت الروح في الإنسان، وتعلّم الاسماء، وأُمر بالقراءة، وأوكِل إليه اصلاح ذاته بذاته وتغيير وضعه عن طريق تغيير ما بنفسه وتزكيتها، وبالتعامل مع الواقع والنظر إلى العواقب.
لقد نفخ في الإنسان روح الفهم والعلم والمعرفة والاكتساب، ثم أنزل إليه الروح: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا، مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ، وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا، وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ) ] الشورى: 52/42-53
كيف يمكن أن يعرف البشر بما نفخ فيهم؟ كيف نهديهم إلى ما أودع فيهم من إمكانات الكشف عن الكون والذات وصولاً إلى القدرة والتسخير وبناء العالم الجديد؟!!
إن الذي أُودع ‍فيهم هو العلم القابل للزيادة، وروح المعرفة، روح قانون حياة الجسد، وقانون الروح الذي هو العلم والكتاب والفهم والتسخير: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا، مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ، وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا، وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللَّهِ ) ] الشورى: 52/42-53
لقد خَرَجْتَ أيها الإنسان من قوانين عالم الجسد، وارتفعت عنها، لأنك خلق آخر نفخ فيك الروح، فلا تنكص ولا تتراجع. لا ترجع إلى قانون الجسد، بل تمسك بقانون الروح والعلم والفكر والابداع. لا تخف وأمسك بنور التاريخ. لا تنسَ تاريخك. لقد كنت هيدروجينياً، ثم تحولت إلى عناصر أخرى في قلب الشموس، ثم صرت مع لابات البراكين، ثم تحولت إلى زهرة وثمرة، ثم تحولت إلى كائن حيٍّ يسمع ويبصر، ثم نفخ فيك الروح، وأنت تتطلع إلى مقعد دق عند مليك مقتدر في الخالدين!!.

                                          ولادة علم جديد


ولادة فكرة وعلم عظيم أفلا تعقلون.
يقول العلامة المفكر جودت سعيد:

دعني أتحدث إليك عن ميلاد الأفكار وتطورها ورسوخها، دعني أتحدث عن تاريخ الأفكار، عن تاريخ العلم، عن تاريخ الإيمان.
إن الإيمان هو العلم الراسخ الذي وقر في القلب وصدقه العمل، ولا يشترط أن يكون هذا الذي وقر في القلب وصدقه العمل صواباً، لأن الإيمان قد يتعلق بالخطأ كما قد يتعلق بالصواب، فهو قد يكون إيماناً بالحق، وقد يكون إيماناً بالجبت والطاغوت.
ولكن ما شان تاريخ الأفكار وتاريخ العلم والفهم؟
فالفكرة تتكون جنينً في البداية، ثم يأتي المخاض المفاجئ فتولد ولادة هشةً، وعندها تكون بحاجة إلى رعاية وتربية ودعم.
ان ميلاد فكرة فصل معركة الجسد عن معركة الفكر، كان مرافقاً لولادة الإنسان، بل قبل ذلك حين كان الإنسان مشروعاً للإيجاد:
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً، قَالُوا: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ، وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ؟ قَالَ: إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ، وَعَلَّمَ آدَمَ الأسْمَاءَ كُلَّهَا) البقرة: 30/2-31.
لقد كان الإنسان مشروعاً وخطة وهدفاً، ولم يكن منبعثاً إلى الوجود، كان نموذجاً في الوجود، خلقاً آخر من الإبداع المحير والتطور غير القابل للفهم والمحير للإدراك، كان يحمل إمكان الفساد وإمكان الصلاح، ولكن الذين عاصروا ميلاده لم يتمكنوا من فهمه، وقد عذرهم الله، واكتفى بان قال: (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ، وَعَلَّمَ آدَمَ الأسْمَاءَ كُلَّهَا).
إن المتشائمين معذورون لأنهم لم يعرفوا قانون الخلق ولم يدرسوا تاريخ الخلق، ولم يدركوا أن عملية الابداع مستمرة، ولذلك فهم لا يستطيعون أن يتصوروا إبداعاً.
إنهم لم يفهموا سنة الخلق وتاريخ الإبداع، وإمكانية استمرار الإبداع، لم يفهموا المرجع والقانون، ولهذا كان جواب الله مقتضباً وممتداً وغير قابل للإغلاق: (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ).

     لا إكراه بالدين


صراع فكر ام صراع جسد.
يقول العلامة جودت سعيد:
بسم الله الرحمن الرحيم .. (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ) ]البقرة: 265/2، هل حقاً قد تبين الرشد من الغي؟
يجب أن يفهم الإنسان أن صراع الأفكار مختلف عن صراع الأجساد ؛ وعندما يفهم الانسان ذلك يكون قد دخل عالماً جديداً، وحين يميز ويفصل عالم الأفكار عن عالم الأجساد ؛ يكون قد أمسك بالفرقان، وبالقول الفصل الذي ليس بالهزل، وبالميزان: (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ) ] الرحمن: 55/7، وامسك بـ (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) ] البقرة: 265/2، فلا يعود يستخدم قوة الأجساد لفرض الدين والعقيدة، ولا يستخدم الإكراه الجسدي في فرض الأفكار، وما لم يتحرر الإنسان ويتطهر ويفصل معركة الفكر عن معركة الجسد لا يكون قد دخل في التوحيد. لا اله الا الله.
إن إشراك وخلط معركة الجسد في معركة الفكر ؛ هو إشراك فيما يجب توحيده. إن القوة الاكراهية نُسخت في عالم الأفكار بـ (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) ولكنا نعيش المنسوخ.
إن المنهزمين فكرياً يحاولون جَرَّ أصحاب الأفكار إلى المعارك الجسدية، ولذلك ينبغي على أصحاب الأفكار أن يكونوا من الوعي والوضوح بحيث يستطيعون فصل الأمرين عن بعضهما فصلاً تاماً، ولا يقعون فيما يسعى الآخرون إلى إيقاعهم فيه، وبالقدر الذي يكون فيه أصحاب الفكر غامضين وغير صريحين ولا واضحين، فإن أصحاب الصراع الجسدي لن يكفوا عن التلويح بالجسد، وسيتمادون في اتهام الآخرين بأنهم يريدون القضاء على الجسد.

   الفهم والقربان


الفهم والقربان.
يحدثنا القرآن العظيم أن الانسان لايفهم ويرى السيء من العمل وكأنه العمل الحسن.بل يصل به الامر احيانا الى تقديم نفسه والاخرين فرابين من اجل الحفاظ على مافي ذهنهم من مفاهيم وصور وخيالات.
من فكر العلامة جودت سعيد.

يحدثنا القرآن العظيم بأن البشر يصلون إلى درجة من عدم القدرة على الفهم، تجعلهم لا يسعون إلى الفهم، وليس هذا فحسب ؛ بل يقاومون الفهم بكل جهودهم.
فالإنسان يصل إلى درجة لا يكون قابلاً معها للفهم، وإنه لممتع أن نتتبع الوضع الإنساني في القرآن، وذلك حين يصف من أحواله أنه يرفض التأمل، ويعجز عن الفهم والتذكر.
ينبغي أن ندرس هذه الحالات، والحالات الأخرى التي تجعله يفهم الموضوع على عكسه، ويرى السيئ حسناً، والحسن سيئاً: (زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً) { فاطر: 35/8 }، ولا ينتفع من سمعه وبصره: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ، خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَعَلَى سَمْعِهِمْ، وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ) { البقرة: 2/6-7 }، بل إنه يصل إلى درجة يقبل معها تقديم نفسه والآخرين قرابين في سبيل الحفاظ على ما في ذهنه.

قوانين الله للانسان والحرب .{بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ}.


يقول المفكر جودت سعيد.
وحين قالوا: (نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، قُلْ: فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ؟ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ).

(بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ)؟ من الذي سيبين للناس أن السُّنة البشرية والقانون الإنساني لا يحابي احداً منهم، وان الكلمات التي يتسمى بها الناس ما انزل الله بها من سلطان: (إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ)  النجم: 53/23 .
إننا لا نزال ندَّعي أن غيرنا لا يمكن أن يدخل الجنة، وأنّ الآخرين ليسوا على شيء، ونبيع الجنة ونتوازعها فيما بيننا فقط، وإن كنا نسخر من الذين باعوها من قبلنا، فمن ذا الذي سيكتب في معنى: (بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ)؟ ومن ذا الذي سيفهم معنى (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) ]النساء: 4/123 .
لقد فرّغت هذه الكلمات من معناها، فكيف تُملأ بالمعنى من جديد؟ وكيف تم تفريغها من قبل؟ من الذي سيدرس هذا الموضوع؟
إننا نفرغ الكلمات من معناها  ونملؤها بمعانٍ نريدها ونهواها، وكشف هذا مفيد جداً، ومن غير كشفه ستظل الكلمات تخدعنا، ولكن خداع الكلمات وتفريغها وتحريفها وملأها وتوجيهها لا يغير قوانين الوجود، ومهما قلنا: إن الله معنا، سنجده يتخلى عنا ويذيقنا بأس بعضنا بعضاً، ولن يتغير قانون الله: (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً)  فاطر: 35/43 ، ولكن نحن الذين سنتغير، سيتغير مفهومنا عن الله وقوانينه وسننه، ولن يمل الله حتى نملّ، وسنقوم بالحروب حتى نملَّ ونشعر ونؤمن بأنها لا تخدم أصحابها، بل تطلب منهم أثماناً باهظة، وتطلب المزيد: (هَلْ مِنْ مَزِيدٍ)  ق: 50/30 .

                    قراءة قصص القرآن وسنن الله التي لاتتبدل 

من فكر العلامة جودت سعيد.

يصل الإنسان إلى درجة تجعله غير قادر على الفهم ؛ هذه المقولة صحيحة بشرطيها الزماني والمكاني، ولكن الزمان سيرغمنا على قبول الحقائق طوعاً أو كرهاً، وإذا لم تكفِ الأدلة التي سيقت لحصول الفهم فانتظر المستقبل، لأن الأدلة ستأتي، وإذا لم تتمكنوا انتم من الوصول إليها فإن أبناءكم أو أحفادكم سيصلون، وسيخرج من أصلابهم من تكون له القدرة على الفهم والتغيير.
أين الشعراء؟ أين الكتاب؟ أين المتبصرون اين العلماء اين الحكماء واين العقلاء الذين يتمكنون من رؤية الحدث وفهمه بسننه، وتبليغه كما فهموه.
لقد ألغينا عِبر التاريخ وقوانين الأحداث، ومن ألغى عِبر التاريخ فإنه سيُطَالب بدفع الثمن، وسيظل يدفع الثمن إلى أن يملَّ ويضطر إلى قبول الأشياء التي ظل يرفضها طويلاً، صاغراً مطأطئ الرأس: (وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ الْمَثُلاتُ) ] الرعد: 13/6 [، (وَعَاداً وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً، وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ، وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً، وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ، أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا، بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً، وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً، إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا، وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً، أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً، أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ، إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً، أَلَمْ تَرَى إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً) ] الفرقان: 25/38-45 [.
لم يذكر القرآن أحكام المواريث إلا مرّة واحدة، ولكن كم مرّة ذكر أحكام هلاك الأمم ونهوضها؟: (وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ، وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً)، وكم مرّة ذكر فرعون ذي الأوتاد؟ ذي الأهرامات التي تتحدى الأجيال: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ، إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ، فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ، وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ، يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمْ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ، وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ، بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ، ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ، وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمْ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ، وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) ] هود: 11/96-102 [(وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ، وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ، وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ، وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ، فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا، وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ، …، وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ، وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ) ] العنكبوت: 29/38-43 [.
كيف نعيد الحياة إلى موات التاريخ والأحداث؟
كم يبدئ القرآن ويعيد أمثلة التاريخ وأحداثه التي حدثت في الماضي، وكم يحث على انتظار المزيد ليتجلى القانون وسنة الله؟
كيف فرغنا هذه الآيات الكثيرة من المعنى؟ وكيف صرنا نمرّ عليها صماً وعمياناً؟
هل نستطيع إعادة الاهتمام بأحداث التاريخ؟ وهل نستطيع أن نستخرج الحالات النفسية التي كان عليها الناس من خلال القصص القرآنية؟ وهل نستطيع أن نعرف المصائب التي حدثت لهم، والقوانين التي تربط الأحوال النفسية بتلك العواقب؟
ما هو التاريخ؟ وما هو الحدث؟ ما أركان الحدث التاريخي، وكيف نحلله؟ وما هو أصغر جزء يتركب منه التاريخ بحيث نستطيع أن نعزله لنقول عنه إنه حدث تاريخي؟
كيف يبدأ الحدث التاريخي، وكيف يتطور، وما هو مصيره ومآله وعاقبته، وما علاقة ذلك كله بقانون التغيير؟ (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) ] الرعد: 13/11 [، هذا هو قانون التاريخ، وهو يدل على أن ما بالأنفس هو مصدر الهلاك والنجاة.
إن ما بالأنفس  هو من صنعهم، وما بهم من عواقب هو من صنع الله: (فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ) ] العنكبوت: 29/40 [، و (كُلاًّ هَدَيْنا) ] الأنعام: 6/84 [، ومنهم من استحب العمى على الهدى.
والتاريخ كما يقول ابن خلدون: « في ظاهره لا يزيد على أخبار عن الأيام والدول، وفي باطنه نظر وتحقيق، وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق، وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق، فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق ».
كيف نحلل التاريخ وأحداثه، وكيف نفهمها؟ كيف سنفهم أيام الله ونتذكرها؟ (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ) ] إبراهيم: 14/5 [.
الإله وتصوراتنا عنه:
الحدث محكوم بخبايا النفس، فدعني أخبرك أن ما بنفسك هو إلهك ودينك، وأن أفكارك هي إلهك ودينك، فإذا قلنا: إن أفكارك لن تغن عنك شيئاً، فكأننا قلنا: إن إلهك لم يغن عنك شيئاً: (فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمْ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ) ] هود: 11/101 [، (وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً: أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً، إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا) ] الفرقان: 25/41-42 [.
لو قلنا: ما أغنت عنهم أفكارهم شيئاً، أو: إن كاد ليضلنا عن أفكارنا ؛ لما تَغَيّرَ من الموضوع شيء.
إن إلهك هو تصورك عن إلهك، وهو الكيفية التي تفهمه بها، وتصورك عن تصرفاته ومقاييسه وموازينه.
إننا نعظم الله كثيراً، ولكننا في واقع الأمر نعظم أفكارنا عنه ونتمسك بها.
لقد كان الذين يناصبون النبي العداء ؛ يثقون بأفكارهم ويقولون: (إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا، وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً، أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) ] الفرقان: 42-43 [، ولكنك حين تثق بأفكارك دون أن تربطها بالعواقب ؛ فإن إيمانك بالله يتساوى بالإيمان بالصنم، وليست العبرة بالأسماء ؛ بل بالمحتوى، وبالتصور الذي تحمله، سواء أكان عن الله أم الصنم: (وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمْ الَّذِي ظَنَنتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنْ الْخَاسِرِينَ) ] فصلت: 41/23 [، (يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ) ] آل عمران: 3/154 [.
إن ما بنفسك عن إلهك، وعن التاريخ هو الذي يضلك ويهديك، وإذا تعاملت مع سنن التاريخ وقوانين الله ؛ فستحصل على العواقب سواء أكنت تؤمن بالله أو بالصنم أو بقوانين الكون: (كُلاًّ نُمِدُّ هَؤلاء وهؤلاء) أي الذين يعملون للدنيا والذين يعملون للآخرة، من كان يريد العاجلة، ومن كان يريد الآخرة.
والمجتمع الذي يعمل وفق سنن الله، فإن هذه السنن تنجيه في العاقبة، في الآخرة، فعمله هو الذي ينجيه في الدنيا، ولكن الشرائع التي وضعها الله للنجاة في اليوم الآخر ؛ هي التي تبني الدنيا أيضاً، وارجع إن شئت إلى الأعمال التي ترفع درجاتك في الآخرة، وستجدها هي التي تبني دنياك على أحسن وجه.

الثلاثاء، 12 مارس 2013

المعرفة تبدأ من ادارة الذات


            المعرفة تبدأ من بناء الذات       
كما كان في المقالة الأولى المعنونة الموجة الثالثة و المعرفة تصنع حضارة يأتي استكمالاً لنفهم الأسس التي قامت عليها الموجة الثالثة.ان لكل فرد في كل ادواره الحق في أن يطور إطاراً معرفياً يحدد فيه موقفه من كل المواقف و الأراء و المعتقدات و الاتجاهات بهدف إزالة غموض أو تناقض معرفي للوصول إلى حالة التوافق المعرفي، كما أن هذا الحق مشروع أيضاً للمؤسسات و المجتمعات من أجل الوصول إلى التوافق المعرفي و إكمال الناقص في المعرفة و حل مواقف الصراع المتعددة.
إن البشر و المجتمعات في أغلب الأحيان يمتلكون نوعاً محدداً من المعرفة دون سواها مما يؤدي إلى وجود تباينات في عملية الفهم بناءاً على المعرفة المترسخة لدى الفرد و لدى المجتمع و هذه التباينات سوف تؤدي إلى الصراعات و التنافر ومن أجل حل ذلك يتم تأسيس مفهوم الذات و إدارة الذات كقاعدة اساسية يمكن الارتكاز عليها محل تلك المشكلة المتمثلة في عدم تجانس المعرفة و المعلومات في أذهان الأفراد و ضمن المجتمع الواحد و في المؤسسة الواحدة حول ماهية الواقع فكل شخص يرى الواقع وفق منظاره الشخصي و لحل هذه المشكلة تأتي المعرفة بالذات وهي التي سوف تشكل المعرفة المتجانسة عندما يكون التركيز على هدف و غاية محددة يسعى الجميع إلى تحقيقها .   لذلك بدأ الأهتمام واسعاً ومركزً في كل دول العالم على برامج التطوير الشخصي كمدخل اساسي للتطوير المؤسساتي و المجتمعي، و أولو لذلك فهماً عميقاً و متزايداً حول ضرورة تدريب كافة الافراد على هذه البرامج لانها تعتبر نقطة الإرتكاز الأساسية في كل الانجازات العظيمة التي يحققها الإنسان و هي الأصل في رفع الأنتاجية و تحسين الأداء و بناء قدرات و حل المشكلات و استثمار الموارد و أهمها الزمن و زيادة فرص التعاون و الاتصال الفعال بين كافة الافراد.