السبت، 30 سبتمبر 2017

ادارة الاستراتيجيات



#الدرس_العاشر_في_التغيير_نحو_الافضل
#دروس_التطوير_الشخصي
#ادارة_الإستراتيجيات
الأداة السابعة للتغيير هي الاستراتيجيات:
لقد مضى الى الان تسعة دروس تناولنا بها أدوات التغيير الداخلية، وقد كانت على الشكل التالي:
1 – إدارة الوعي.
2 – إدارة العقل.
3 – إدارة المشاعر.
4 – إدارة الأفكار.
5 – إدارة المعتقدات.
6 – إدارة الزمن.
واليوم نتناول أداة التغيير السابعة والأخيرة من أدوات التغيير الداخلية والتي هي إدارة الاستراتيجيات.
ان الناس يحصلون على النتائج من خلال أعمالهم والطرق التي ينفذونها بها، ولكل سلوك استراتيجية، والتفوق والنجاح يتطلب استراتيجيات مختلفة ومتميزة. أما عدم وجود وقصور الاستراتيجيات فانه يؤدي الى الفشل وعدم القدرة على الاستمرار في النجاح. الاستراتيجية المنفذة في انتاج السلوك المتميز دليل على استخدام العقل بكفاءة عالية.
فا الاستراتيجيات هي من تحدد كيف يجب ان نقوم بما نقوم به من أفعال لتحقيق ما نريد كي ننجح ونتفوق ونتميز ونتقدم نحو الأفضل. ان عدم فهم الاستراتيجيات فهذا تمهيد للفشل القادم، لان وظيفة الاستراتيجية هي ان تعلمك كيف تؤدي أعمالك لكي تنجح وتتفوق وتتميز وتتقدم، وكيف تحافظ على نجاحك في ظل المتغيرات القائمة وتعقيدات الحياة المستمرة.
ان الاستراتيجية هي توظيف صحيح للموارد الذهنية (الوعي- العقل – المشاعر- الأفكار- المعتقدات – الزمن) والفيزيولوجية وإدارة الطاقة، وهي أيضا تشمل أنواع التصورات الداخلية والخارجية (بصرية – سمعية – حسية) والوحدات الحسية الفرعية اللازمة لكل تصور داخلي وخارجي، والنظام او الطريقة التي تنتظم بها المكونات وتعمل لكي تحقق نتيجة ما معينة.
ان أي نتيجة نرغب بالحصول عليها تكون محصلة بازغة لاقتران عدد من التصورات الداخلية والخارجية وعدد من الوحدات الحسية الفرعية، واستخدام محدد للموارد الذهنية والفيزيولوجية مع بعضها البعض لتوليد نتيجة او حالة ما.
نحن لدينا استراتيجية لإنتاج كل سلوك في الحياة تقريبا مثل الشعور بالحب، والشعور بالجاذبية والتحفيز واتخاذ القرار وجمع المال والصحة وبناء العلاقات والانجاز وتحقيق الأهداف والاقناع، فلكل سلوك استراتيجية تنظمه، وعندما يكتشف الانسان استراتيجيته نحو حالة ما او نتيجة معينة يرغب بها ولتكن مثلا الحب فان ذلك سوف يمكنه من حفز وتفعيل هذه الحالة في أي وقت يشاء، وكذلك الامر لأي نتيجة يريدها.
مثال ذلك بشكل عملي هو مثل انتاج قالب كاتو/ كيك بالشوكولا أو بالكريما.
النتيجة المرغوبة هو الوصول الى أفضل واطيب قالب كيك بالشوكولا وحتى نفعل ذلك علينا معرفة المكونات الأساسية والثانوية التي تؤدي الى انتاج أفضل قالب كيك بالشوكولا، ومن ثم معرفة المقادير بدقة من كل مكون أساسي وثانوي، واخيراً معرفة طريقة التحضير وتسلسل العمل بدقة.
ان الاستراتيجية لكل نتيجة يرغب الانسان الوصول اليها هي تماما شبيهة بهذا المثال العملي، وهذا ما سوف يتضح لنا لاحقاً.
كيف تتذكر ارقام التلفون، وكيف تصنع الشاي، وكيف تكتب رسالة، وكيف تقوم بعملية الشراء، وكيف تؤدي اعمالك، وكيف تقتنع وتُقنع، وكيف تحب وترتبط؟ ألخ......، ان لكل شخص طريقته الخاصة في كل هذه الأمور، أي لكل واحد استراتيجيته الخاصة في كيفية أداء اعماله المختلفة، او في استجابته للمؤثرات وردود افعاله، او في سلوكه.
ان الناس تميل الى استخدام أجزاء معينة من جهازهم العصبي أكثر من الأجزاء الأخرى فقد يكون هذا الجزء مثلا بصريا او سمعيا او حسيا، او انهم يستخدمون جميع الأدوات الذهنية او قد يستخدمون بعضا منها ويتجاهلون الباقي، او ربما لا يستخدمون او يستخدمون أجسادهم
 بطريقة صحيحة او ربما لا يستخدمون التسلسل المنطقي للوصول الى النتيجة المراد الوصول اليها. ان كل ذلك سوف يؤثر على النتائج التي يحصلون عليها.
بإمكانك ان تحقق النتائج العظيمة التي تريدها إذا عرفت الوصفة الصحيحة ومكوناتها والمقادير المطلوبة وتسلسل العمل أي طريقة التحضير لأي موضوع ترغب بإنجازه.
مثلا دقق في عملية نهوضك من الفراش صباحاً وتوجهك الى العمل ستلاحظ أنك تستخدم أسلوب محدد تكرره كل يوم وقد يكون اسلوبك صحيح إذا كنت في كل مرة تستيقظ بدون صعوبات، وقد يكون اسلوبك خاطئ ما دمت تشعر بضيق ونرفزة وتردد بالاستيقاظ وتأخر، او ربما تفضل ان تبقى نائما لأطول فترة ممكنة. وكذلك بإمكانك ان تجري تدقيق على كافة اعمالك الحالية واعمالك المحتملة في المستقبل، فاذا لم تجري التعديل المناسب على استراتيجياتك فيمكن ان تقودك الى الفشل والضياع.  
الفروق بين الناس يكمن في الاستراتيجيات الصحيحة او غير الصحيحة التي يستخدمونها في تنظيم عقولهم وتنفيذ أعمالهم وردود افعالهم.
الاستراتيجيات تؤدي الى التغيير التوليدي، فاذا أعطيت شخص استراتيجية أفضل لاتخاذ القرارات وتنفيذ الاعمال، فإنك بذلك تساعده في كل جوانب الحياة.
ان الاستراتيجيات مثل رقم الهاتف تسلسل من الأرقام يوصلك الى الشخص المطلوب (النتيجة المعينة). إذا طلبت الرقم بطريقة خاطئة فإنك لن تصل الى الشخص المطلوب المناسب.
ان العمل مع الاستراتيجيات يغير الانسان بشكل إيجابي لأنها تعلم الانسان كيف يقوم بالأشياء بالطريقة الصحيحة.

مكونات أي استراتيجية:
1-    تحديد هدف محدد ونتائج معينة.
2-    معرفة المكونات الأساسية والثانوية لكل عملية. ( الموارد الذهنية – التمثيلات الداخلية – وحركة الجسد – ونوعية الطاقة وكميتها).
3-    معرفة المقادير بدقة لكل مكون أساسي أو فرعي.
4-    طريقة التحضير، أي تسلسل العمل الفعلي الذي يؤدي الى النتيجة المرغوبة.


تصنيف الاستراتيجيات:
تصنف الاستراتيجيات الى سبع فئات:
1 – استراتيجية اتخاذ القرار. (كيف نختار الطريقة التي سنسلك بها من بين عدد من الخيارات).
2 – استراتيجية التحفيز للعمل والتصرف. (كيف نحفز أنفسنا داخلياً وخارجياً).
3 – استراتيجية الواقع (كيف نحدد ما هو حقيقي وما نعتقد او نؤمن به وكيف نفسر الواقع وكيف يمكن ان يكون للواقع سلطة او هيمنة او قوة علينا).
4 – استراتيجية التعلم وبناء المعرفة (كيف نتعلم أشياء وخبرات جديدة توصلنا الى نتائجنا).
5 – استراتيجية الذاكرة (كيف نتذكر ونسترجع الأشياء).
6 – استراتيجية التخيل (كيف نبني صور متخيلة تساعدنا على صناعة مستقبل أفضل).
7– استراتيجية النجاح (كيف نحقق اهدافنا ونسيطر على أنفسنا ونشعر بالسعادة).
في العادة نحن نقوم بتنفيذ الاستراتيجيات بطريقة لا واعية، والان ومن خلال التعلم أصبحنا نوعاً ما قادرين على التحكم باستراتيجياتنا وبتغييرها حتى نصل الى النتائج المرغوبة. كما انه يمكن لأي واحد منا ان يتخذ شخصية ما كقدوة له تكون قد حققت ما نريد تحقيقه ويقوم بتقليدها في كل شيء إذا كان هناك توافق بالقيم بينهما او اخذ جزء محدد من الاستراتيجيات التي تتوافق مع القيم التي نحملها واجراء التعديلات التي تتوافق وطبيعة الحياة لدينا. ان استعانتك بنموذج قدوة يختصر لك الوقت في عملية التعلم والتدريب وبناء المهارة. يستطيع الطفل ان يتعلم القراءة والكتابة عندما نعرف الاستراتيجية الناجحة لذلك ونقوم بتقليدها، وكذلك يمكن ان نفعل مع المهندس والطبيب والطباخ ورجل الاعمال ولاعبين الكرة والألعاب المختلفة والتدريس وقيادة الطائرات والقاء الكلمات المؤثرة وكل فعاليات الحياة.
نموذج النجاح أو ما يعرف بنظام توت T.O.T.E:
كلمة توت هي اختصار من الاحرف الأولى للكلمات التالية باللغة الإنكليزية:
النموذج يتألف من أربع خطوات:
الاختبار الأول Test
التشغيل Operate
الاختبار الثاني Test
الخروج/ الانهاء Exit





                                               نموذج توت

ان نموذج توت قد تم بناءه من قبل ثلاثة علماء نفس سلوكيين في ستينيات القرن العشرين هم:
1 - جورج ميلر.
2 – كارل بريبرام.
3 – يوجين غالانتر.
هذا النموذج البسيط الفعال يخبرنا عن الطريقة الصحيحة والجيدة التي يجب ان يتبعها الانسان في حياته حتى يصل الى نتيجة محددة او نتائج محددة ويمكن تطبيق هذا النموذج في مجالات الحياة المختلفة بطريقة بسيطة وسهلة، كما يعتبر هذا النموذج مؤشر جيد لفحص مدى نجاحنا وتقدمنا في اعمالنا، وهو مفيد عموماً في:
1 – التخطيط والتصميم وتحقيق الأهداف.
2 – تحديد المسار العلاجي.
3 – التعرف على الاستراتيجية لأي نشاط نقوم به.
4 – التعرف على الاستراتيجية الخاصة بكل فعل ناجح يقوم به اشخاص متفوقين وناجحين، وبناء المهارة في أي مجال.
نموذج توت يطلق عليه محرك السلوك الاولي وهو الرغبة بالانتقال من الحالة الراهنة الى الحالة المستقبلية الأفضل، وذلك بالقيام بعدد من العمليات التشغيلية، ومن بعدها نختبر النتيجة التي حصلنا عليها هل تتطابق مع الحالة التي نريدها فاذا كانت كذلك نخرج من الموضوع ونعتبر أنفسنا باننا قد حققنا الهدف المراد، وان لم يكن كذلك نعود من جديد لفحص العمليات التشغيلية والإجراءات التي قمنا بها ونجري عليها تعديلات مناسبة ونستمر بذلك حتى يتحقق ما نريد.
مثال حول استخراج استراتيجيتك في موضوع العمل:
الاختبار الاولي: يعمل كمحفز لبدء الاستراتيجية. انت ترغب على سبيل المثال بتنفيذ عمل ما وليكن كتابة كتاب. ففي الاختبار الأول قد ترى صورة داخلية او تسمع صوت ما بداخلك او تشعر بشعور ما يجري في جسدك.
التشغيل/ العمليات: عند مرحلة التشغيل نتصل بالمعلومات اما داخليا بالتذكر والتخيل او خارجيا من خلال جمع المعلومات عن كتابة الكتاب، وفي هذه الحالة تتضمن ما الذي يجب ان تقوم به حتى تنجز هذا الكتاب؟ هل تتشكل لك صور لكتب وكُتاب؟ وماهي الإمكانيات المتوفرة؟ وما هي نقاط ضعفك وقوتك في هذا المجال؟ هل يكون ذلك عبر حديث ذات وصوت داخلي؟ وهل يترافق ذلك بمشاعر ما تنتابك.؟
الاختبار الثاني: وهو يتضمن اجراء مقارنة بعض جوانب المعلومات المحصلة والمعايير التي تم تبنيها خلال الاختبار الأول. وهنا تقارن بين الكتاب الذي تصورته في ذهنك والكتاب الذي أنجزته هل هما متطابقان، وهنا تشعر بالإيجاب او ببعض السلبيات.
الانهاء/ الخروج: وهو نقطة القرار، ويتضمن نتيجة الاختبار، فاذا كان الكتاب كما توقعت وأفضل مما توقعت فتكون مهمتك قد أنجزت تماما. وإذا لم يكن كذلك تقوم بإجراء التعديلات المناسبة.
تدريب عملي:
احضر ورقة وقلما.
حاول اكتشاف استراتيجيتك في عملية الشراء باستخدام النموذج التالي:
1 – هل تستطيع تذكر وقت كنت فيه متحفزاً للشراء تماماً؟
هل تستطيع تذكر موقف محدد؟
2 – وانت تعود لذلك الموقف الآن:
هل كان شيء رأيته؟
أم شيء سمعته؟
أم شيء لمسته أو أحسست به؟
3 – بعدما (رأيت – سمعت – أحسست) بذلك، ماذا كان ثاني شيء حدث جعلك تتحفز تماماً؟
هل كانت صورة في ذهنك ام صوت في نفسك ام إحساس معين، ماذا حدث بعد ذلك وجعلك متحفزاً تماما للشراء. اتمم ذلك.
4 – ماهي الإجراءات التي قمت بها لكي تشتري؟ ماهي الخيارات التي بحثت عنها؟ كيف تولد خياراتك؟ متى اتخذت قرار بالشراء؟ ماهي العقبات التي تواجهك في عملية الشراء؟ متى تكون مرتاح لعملية الشراء وتشعر بالرضا؟
5 – هل اشتريت فعليا ما تريده؟ إذا اشتريت تكون قد انهيت النموذج، وإذا لم تشتري فعد الى العمليات مجدداً واعرف لماذا لم تشتري؟ اعد بناء خياراتك وقم بتعديل استراتيجيتك. ثم تابع حتى النهاية حتى تصل الى ما تريد وتشعر بالرضا والراحة.
يستطيع أي انسان استخدام نموذج توت من اجل النجاح في أي موضوع يطرقه بإذن الله، كما يمكن له التعلم من نماذج الاخرين التي حققت نجاحا وتميزا لأصحابها من خلال المحاكاة والتقليد لهم.
 ان فهم دقائق الأمور في تنفيذ الاعمال وردود الأفعال والاستجابات المناسبة للحصول على المهارة المطلوبة  والتميز والنجاح في اقل زمن ممكن قد كان عبر أداة الاستراتيجية والتي كانت الأداة السابعة والأخيرة من أدوات التغيير الداخلي، والان حان الوقت للانتقال الى التغيير الخارجي عبر اداتين هامتين هما.....................
وهذا ما سنعرفه في الدروس القادمة، وحتى نلتقي لكم كل الحب والود والاحترام والتقدير.
أيمن قتلان

  









السبت، 16 سبتمبر 2017

ادارة خط الزمن



#الدرس_التاسع_في_التغيير_نحو_الافضل
#دروس_التطوير_الشخصي
#ادارة_خط_الزمن
الأداة السادسة للتغيير هي خط الزمن:



في الدرس السابق كان ان تعرفنا على المعتقدات التي تمثل قواعد توجه السلوك اما سلبا او إيجابا، وذلك حسب المعتقدات المتشكلة في المراحل المبكرة من الطفولة عبر مصادر مختلفة كان من أهمها البيئة والاحداث والتجارب الحياتية والتخيلات الذهنية والمعرفة، كما عرفنا ماهية المعتقدات الداعمة للنجاح والتي تكونت من أفكار وتجارب الشخصيات الناجحة وقد كانت سبعة معتقدات أولها ان كل شيء يحدث لعلة وغرض فلا شيء يحدث مصادفة، وثانيها تحمل المسؤولية، وثالثها لا يوجد فشل او مستحيل بالحياة بل هناك خبرات وتجارب، ورابعها الوعي بجوهر الأشياء، وخامسها التعاون الإبداعي، وسادسها العمل بحب وفرح، وسابعها الانضباط الذاتي وبذل الجهد. كما كان هناك اختبار لتحديد المعتقدات الأساسية وإلغاء المعتقدات السلبية وبناء القواعد الصحيحة التي توجه السلوك نحو الأداء والانجاز والإنتاجية العالية.
ان معظم المشاكل التي نواجهها في حياتنا تحدث داخل عقولنا، كما انها نتيجة لمفهومنا للماضي والمستقبل وكيفية إدارة حاضرنا، وعندما يعاني الناس ذهنياً، فإن ذلك يعني عادة أنهم تنتابهم مشاعر سلبية وسيئة حيال الماضي أو يشعرون أنهم عالقون في الوقت الحاضر أو يشعرون بالخوف والقلق من المستقبل.
إن سلسلة الدروس حول عملية التغيير نحو الأفضل قد بدأت بعملية العلاج وفهم أدوات التغيير التي عرفناها الى الآن وهي قوة الوعي وقوة العقل الباطن وإدارة المشاعر وإدارة الأفكار وقوة المعتقدات وحان الآن الانتقال الى كيفية معالجة الماضي والمستقبل والحاضر في أذهاننا من خلال الأداة السادسة للتغيير وهي خط الزمن وكيفية ترميز الوقت داخل أذهاننا(ترجمة وتفسير ما يحدث) وتأثير ذلك على سلوكنا وتصرفاتنا. وهذا ما سنعرفه في هذا الدرس.
ان الإحساس بالزمن وقيمته وطبيعة ادراكنا للزمن وماهيته وطريقة معالجة ذكرياتنا وخصوصا السلبية منها وفهمنا لصناعة واقعنا وتحقيق اهدافنا يلعبون دورا مهما في كيفية نمونا وتطورنا ويؤثرون على سلوكنا وادائنا.
فما المقصود بخط الزمن؟
في البداية دعونا نتعرف على مفهوم الزمن.
إن الزمن هو مادة الحياة، وان الحياة حركة وزمن، فما من عمل يؤدى وإلا كان الزمن بجانبه، وما من مخلوق حي إلا ويؤدي عملاً ضمن زمن. فالزمن يسير وعلى الإنسان أن يسير معه. إن الزمن حتم واجب الوجود في هذا الكون، وهو أمر هذا الوجود وسره وحياته، فلا معنى للحياة أبداً دون الزمن، وتبدأ الحياة والحركة والتفاعل والحيوية والنشاط والإنتاج بمجرد وجود الزمن في المادة أو في الروح. فالزمن حياة، وعدم وجود الزمن يعني الجمود. فحياتك كلها زمن
وعندما تهدر الزمن فإنك تهدر حياتك، وعندما تتحكم في زمنك، فإنك تتحكم في حياتك، وتحقق الاستغلال الأمثل لها.
تعريف الزمن:
(الوقت أرخص شيء في الوجود وهو الشيء الوحيد الذي لا يمكن شراؤه) اديسون
يعرف الرازي في مختار الصحاح، وابن منظور في لسان العرب الزمن بأنه اسم لقليل من الوقت وكثيره. والجمع أزمن وأزمان وأزمنة. والفعل زمن من باب سلم. وهو مرادف للفظ الزمان، بالألف.
الزمن والزمان مرادفان للفظ الوقت أيضا. بل إن الواحد منها يعرف بالآخر، ويعرف الوقت بأنه مقدار من الزمان.
أما في المعاجم الغربية فيكون تعريف الوقت والزمن مترادفان لمعنى واحد حيث يتم تعريفهما بلفظٍ واحد حيث يمكن التعريف وفق ما يلي:
الوقت \ الزمن: انه مجال غير مادي، يُعتبر مدة غير متناهية، حيث توجد الكائنات والأشياء وتتعاقب الحوادث في تتال منظم غير قابل للتحول في الاتجاه.
يقول أحد الفلاسفة: عندما لا تسألني تعريف الزمن أعرفه، وعندما تطلب مني تعريف الزمن اكتشف إنني أجهله.
الزمن له أسرار وعجائب، فأنت تشعر بمرور الزمن انما لا تدرك معناه، فكل الظواهر والاحداث في الحياة لا يمكن ان تفهم بدون زمن، والزمن هو من أعظم الموارد المتاحة بشكل مجاني والذي يمتلكه الجميع بنفس القدر دون زيادة او نقصان انما يكمن الاختلاف في كيفية استخدام هذا المورد والانتفاع منه من خلال تحقيق النتائج في الزمن الأقل، لذلك يُقال ان الاقتصاد القوي هو الذي يحقق نتائج أفضل في الزمن الأقصر، لقد حققت اليابان المعجزات بفهمها العظيم لقيمة الوقت/ الزمن، فما الذي يجعل أمم وافراد تولي أهمية كبيرة للوقت؟، بينما افراد وامم لا يولون ذلك الاهتمام للوقت، فالسنة لديهم مثل الشهر والاسبوع مثل اليوم، وما لم ينجز اليوم يمكن إنجازه في الغد فلماذا العجلة؟ هذا ما سنعرفه عندما نفهم خط الزمن.
تعريف خط الزمن:
كيف عرفت أنك انت، انت عندما استيقظت صباحاً؟
كيف تعرف الفرق بين الاحداث التي حصلت بالأمس وبين الاحداث التي حصلت الأسبوع الماضي والشهر الماضي؟
تتسلسل الذكريات والخبرات والتجارب والمشاعر على خط الزمن، فكل الأشياء تسجل زمنياً وخط زمنك يحمل كل الذكريات وكل المشاعر وكل التجارب بكافة تفاصيلها واجزائها بتسلسل زمني منطقي، وبناءً عليه يمكن تعريف خط الزمن:
خط الزمن هو خط ذهني داخلي، تتموضع عليه وتتراكم الاحداث والخبرات والتجارب والمشاعر المرافقة لها وفق تسلسل تتابعي يصل ويربط فيها ترتيب اماكن المعلومات المخزنة من أقصى الماضي البعيد مرورا بالماضي القريب والى الحاضر توجهاً نحو المستقبل القريب والمستقبل البعيد.  
لكل انسان خطه الزمني الخاص به والفريد من نوعه، وكل منا يُدرك الوقت ويفهمه بشكل مختلف، فبعض الناس يبدون وكأنهم يملكون الوقت الموجود في العالم، بينما آخرون ليس لديهم وقت كافٍ ويحتاجون لإضافة بعض الساعات الى اليوم، وهذا الاختلاف يعكس طبيعة شخصية الانسان وشعوره وأسلوبه في التفكير والطريقة التي يتبعها في ترميز الوقت وكيفية ادراكه الداخلي للزمن، فنحن جميعاً نتشابه بطريقة تسلسل الاحداث ولكن نختلف في الأسلوب والطريقة التي نقوم بترميز هذه الاحداث قبل تخزينها في عقولنا. بمعنى اخر يتعلق بالطريقة التي نترجم ونفهم بها الحدث في إطار الزمن وقت حدوثه وهذا يتعلق بخبرتنا وتجاربنا الشخصية ونظامنا التمثيلي الأساسي (بصري – سمعي – حسي) والوحدات الحسية الفرعية لأنظمتنا التمثيلية الاساسية، واللغة التي نستخدمها، والقيم والمعتقدات، والمبادئ التي نحملها، والبرامج العقلية العليا.
قد نستطيع ان نتذكر صورة في الذهن عمرها أكثر من عشرين عاماً، ولا نستطيع أن نتذكر صورة عمرها لا يزيد عن شهر، فما السبب في ذلك؟
السبب في طريقة التخزين للحدث، فالصورة الأولى تم تخزينها كتجربة كاملة بكافة أبعادها عبر نظام تمثيلي يعتمد على أحد الحواس أو جميعها (البصر أو السمع أو الشم أو التذوق أو اللمس)، مع وجود الوحدات الحسية الفرعية والتي هي عبارة عن مكونات جزئية لكل حاسة، بينما الصورة الثانية فقد تم تخزينها بطريقة غير مكتملة في وحداتها الحسية الفرعية أي المكونات الجزئية ناقصة. (الوحدات الحسية الفرعية هي التي تعطي المعنى الحقيقي للتجربة والخبرة، وان تغيير هذه الوحدات الحسية الفرعية للحدث او التجربة سيغير معنى التجربة والحدث وبالتالي المشاعر التي تكونت زمنيا مع الحدث والتجربة) ان ذكرى سيئة على خط الزمن سيكون تأثيرها بحسب الوحدات الحسية الفرعية المسجلة للذكرى ذهنيا، فاذا كانت الوحدات الحسية الفرعية سيئة كانت التجربة سيئة والمشاعر المرافقة لها تكون سيئة.
مثال:
ذهابنا الى المدرسة لأول مرة هو حدث قد مررنا به سابقا جميعاً ونختلف فيما بيننا بطريقة ترميزه أي (ترجمته وفهمه وتفسيره أي المعنى الذي نضفيه على الحدث) وتخزينه في ذاكرتنا، فعندما سنستعيد الذكرى فإننا سوف نستعيد الوحدات الحسية الفرعية للحدث، فربما تكون هذه الوحدات جيدة فتعطينا مشاعر إيجابية، وربما تكون ليست كذلك، لتعطينا مشاعر تتناسب مع ما تم تخزينه وترميزه للحدث، وهي كما قلت مختلفة من شخص الى اخر.
مثال آخر:
لقاء تقوم به او قمت به سابقا مع شخصين مختلفين ولأول مرة. ان مشاعرك تجاه كل شخص ستكون مختلفة على الرغم من ان الموضوع واحد (لقاء شخص).
شخص (أ) لقاء لأول مرة ----------- يؤدي الى مشاعر متنوعة حسب الحالة المزاجية لك والظروف التي رافقت اللقاء والوحدات الحسية الفرعية التي تشكلت.
شخص (ب) لقاء لأول مرة --------- يؤدي الى مشاعر أخرى قد تختلف عن التجربة الأولى وربما مثلها، كل ذلك مرتبط أخيرا بكيف تم تخزين الحدث وكيف تم تشفيره داخل الذهن وهذا كما قلت مرتبط بالوحدات الحسية الفرعية التي تشكلت اثناء الحدث.
حدثين متشابهين بالحدوث وتم تسجيلهم على خط الزمن، انما مختلفين بطريقة التخزين ونوعية المشاعر التي تشكلت.
  
ان خط زمنك يتضمن كل القرارات التي اتخذتها في الماضي والتي اوصلتك الى الحاضر، ان خط زمنك هو حياتك وتاريخك الشخصي الذي يتيح معلومات عنك تساعدك على فهم نفسك بصورة أفضل، كما انه يتيح لك فرصة للتغيير نحو الأفضل، وان عدم اخذنا في عين الاعتبار لموضوع خط زمننا سيجعل من خبراتنا وتجاربنا وذكرياتنا السيئة ومشاعرنا السلبية السابقة، سيجعل لها تأثير كبير على أدائنا وسلوكنا ونتائجنا ومدى قدرتنا على تحقيق اهدافنا في زمن محدد، (التجارب السابقة لها تأثير كبير على التجارب اللاحقة ما لم يتم معالجتها ) كما انها سوف تؤثر على قيمة وأهمية ومعنى الوقت لدينا، وبناء عليه تم تحديد نوعين من خط الزمن لهما تأثير كبير على أساس شخصيتنا وتصرفاتنا وأفعالنا ونتائجنا وهما:
1 – في الزمن. (in time)
2 – خلال الزمن. (through time)
لكل نوع خصائص ومزايا ونقاط قوة وضعف، وان جهلنا بخط زمننا سيبقينا بعيدين عن التغيير الحقيقي وصناعة المستقبل الأفضل، بينما معرفتنا بخط زمننا تتيح لنا معالجة عميقة لكل خبراتنا وتجاربنا وذكرياتنا ومشاعرنا السلبية السابقة، كما انها تتيح لنا فهما عميقا لإدراك قيمة واهمية ومعنى الوقت وكيفية الاستثمار الصحيح في وقتنا وحياتنا وانجازاتنا وكيفية تحقيق اهدافنا ومعرفة الدوافع وراء سلوكنا.
ما هي خصائص ونقاط القوة والضعف في كلا النوعين؟
1-   في الزمن:(in time)
يتبع هذا النوع من خط الزمن في أغلب الاحيان اهل الشرق من أمم وافراد ومجتمعات، حيث لا أهمية كبيرة للوقت لديهم، ولا معنى ولا قيمة للوقت، فلا دقة في المواعيد، و لا احترام للوقت، وهدر كبير في الوقت، وانتاجية ضعيفة واستهلاك كبير للوقت في تنفيذ المشاريع وتحقيق الأهداف، وفي الاغلب لا يشعرون بالزمن ولا يلاحظونه، فالزمن هنا لا يعني لهم شيئا، فهم يعيشون ذكرياتهم في حالة اتحاد واتصال ففرحهم فرح وحزنهم حزنا، وتركيزهم يكون على المشاكل اكثر من تركيزهم على الحلول، ونمط تفكيرهم ذاتي، ويكون الافراد في هذا النوع متحدين ومندمجين مع خط زمنهم ويقفون عليه في الحاضر ويكون الماضي خلفهم والمستقبل امامهم، وهناك من الافراد من يكون تركيزهم على الماضي اكثر من تركيزهم على الحاضر والمستقبل وهناك من الافراد من يركز على المستقبل بقلق وخوف ويتجاهلون اعمال الحاضر، وهناك من يركز على الحاضر فلا يرى المستقبل وينسى الماضي.
2 – خلال الزمن: (through time)
يتبع هذا النوع من خط الزمن في اغلب الأحيان اهل الغرب من أمم وافراد ومجتمعات حيث يولون أهمية كبيرة للوقت ولديهم الدقة الكبيرة في مواعيدهم كما انهم يحترمون وقتهم ووقت الاخرين، والإنتاجية لديهم عالية باستخدام الزمن الأقل، وينفذون مشاريعهم ويحققون أهدافهم في ازمنة قياسية حيث يعني لهم الوقت الشيء الكثير، فهم يلاحظونه ويدركونه عميقا بداخلهم وله معنى ومغزى كبير في عقولهم، فهم يحسون ويشعرون به وينتبهون اليه ويركزون عليه كثيرا، ويعيشون ذكرياتهم وتجاربهم وخبراتهم في حالة انفصال، وتكون مشاعرهم السيئة ضعيفة وقليلة، وتركيزهم على الحلول والخيارات اكثر من تركيزهم على المشاكل، ونمط تفكيرهم موضوعي، ويكون خط زمنهم امامهم وهم بعيدين عنه بعض الشيء حيث يمكن ان يكون المستقبل على يسارهم والماضي على يمينهم والحاضر امامهم، ويمكن ان يكون المستقبل على يمينهم والماضي على يسارهم والحاضر امامهم.
ملاحظة هامة:
-        لا يوجد نوع أفضل من نوع والمهم هو معرفة متى يجب ان نعيش في الزمن ومتى نعيش خلال الزمن فعلى سبيل المثال يفضل ان يعيش الانسان مع ذكرياته الإيجابية في الزمن ومع ذكرياته السلبية خلال الزمن وأيضا يمكن للإنسان ان يعيش في بيته ومع اسرته في الزمن وفي عمله ان يعيش خلال الزمن.


-        يمكن للإنسان ان يغير خط زمنه ويتحكم به عموما لاكتساب القدرة على الإنجاز بالزمن الاقل.

                              


       
                                                                            

 فوائد خط الزمن:
1-    يتيح لك خط الزمن ان تعيش الزمن الذي تريده. فالزمن الماضي هو للاستفادة من الدروس والعبر والخبرات والتجارب وفهمها وعدم تكرار أخطاء الماضي. بينما الزمن الحاضر يعلمك التركيز على ما بين يديك حتى تفرغ منه وتنهيه. بينما المستقبل هو من اجل تحقيق الأهداف وصناعة الواقع الذي تريد.
2-    خط الزمن يساعدك على فهم نفسك بشكل أفضل لأنه يُخبر عن شخصيتك وذكرياتك ومشاعرك وقراراتك والاحداث المسجلة لديك، كما يساعدك على تحديد أهدافك المستقبلية واهدافك اليومية.
3-    خط الزمن يمنحك الفرصة للتغيير نحو الأفضل من خلال معالجة تجارب الماضي والذكريات والمشاعر السلبية حتى لا يتأثر حاضرك ومستقبلك بهما ويصبحا عائقاً في نموك وتطورك نحو الأفضل.
4-    ان فهم خط الزمن للأخرين يتيح لك فرصة أفضل لبناء العلاقات الصحيحة معهم.
5-    خط الزمن يساعدك على إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التي تعترض طريقك.
6-    فوائد علاجية نفسية متنوعة وخصوصا معالجة الصدمات والخوف والقلق.
7-    خط الزمن مهم لإحساس الانسان بواقعه. ان تغيير الواقع مرتبط بتغيير الانسان لوجهة نظره تجاه هذا الواقع ويكون ذلك من خلال فهم خط الزمن.
تحديد خط زمنك:
أحضر ورقة وقلم ومجموعة أقلام ملونة.
أجب عن الأسئلة التالية:
1 – هل تستطيع تذكر شيء حدث منذ أسبوع؟
2 – هل تستطيع تذكر شيء حدث منذ شهر؟
3 – هل تستطيع تذكر شيء حدث منذ عام؟
4 – هل لك ان تتخيل شيء إيجابي يحدث لك في الأسبوع القادم؟
5 – هل لك ان تتخيل شيء إيجابي يحدث لك بعد شهر؟
6 – هل لك ان تتخيل شيء إيجابي يحدث لك بعد سنة؟
قم برسم تلك الاحداث على خط كما تبدو لك في ذهنك.
ضع موقعك الان على هذا الخط.
حدد وانت واعيا تماما اين يوجد اتجاه المستقبل والماضي وأين موقع الحاضر.
أغمض عينيك وانت في حالة استرخاء وتخيل خطك الذي رسمته على الورقة وقم بتلوينه ذهنيا بألوان زاهية وزوده بالإضاءة الساطعة اجعله طويلا وجذابا قم بتحريكه وتدويره كما تشاء، ثبته على الشكل الذي تراه مريحا لك، قم بالتنقل عليه من الماضي الى الحاضر الى المستقبل وانت تشعر بالسعادة والفرح والأمان والسلام والطمأنينة. كن قادرا على التمييز بين نوعي الزمن في الزمن وخلال الزمن. حاول ان تكون في الحالتين، وامتلك القدرة على التنقل بينهما متى اردت وحسب الموقف الذي انت فيه، لاحظ الفرق بينهما.
افتح عينيك وقم بإجراء التعديلات المناسبة كما شاهدتها في ذهنك. حاول استدعاء التجربة الذهنية السابقة وانت في وعي ويقظة مستشعرا ذلك الشعور الجميل. كرر ذلك أكثر من مرة.

كيفية التعامل مع خط زمنك:  
لك الان الخيار في أن تفكر في خط زمنك وتختاره، فلو فكرت أقل بالمستقبل بعد رسم الأهداف وتحقيقها فهذا يعني قلقا اقل. اما لو كان تفكيرك اقل بالماضي بعد الاستفادة من الدروس والخبرات والتجارب فهذا يعني ندما اقل واحزانا اقل.
تذكر دائما:
-        أنك لا تحتاج التركيز على ما تود أن تنساه، بل ركز دائماً على ما ترغب ان تكون.
-        يمكن تغيير أساس شخصيتك التي تكونت بالطفولة والمراهقة من خلال تغيير طريقة خزن الذكريات وذلك عبر تغيير الوحدات الحسية الفرعية للأحداث والذكريات التي تموضعت على خط الزمن وبتغييرها يتغير الشعور المرتبط بها.
الزمن والحواس:
كما تم تحديد نوعين من الزمن بالاستناد الى خط الزمن وهما في الزمن وخلال الزمن، كذلك تم تحديد نمطين من الناس يتعاملون مع الزمن بالاستناد الى قوة الحواس ورهافتها.
النمط الأول يعيش حياته في الزمن الأدنى. 
النمط الثاني يعيش حياته في الزمن الأعلى. 
ان فائدة فهم النمطين وتحديد الى أي نمط ننتمي أكثر، يتيح لنا التغير نحو الأفضل بدون صعوبات تذكر، ويكون استثمارنا في وقتنا أفضل، وكذلك قدرتنا على فهم أنفسنا تصبح جيدة.
1-    أصحاب الزمن الأدنى: Down time
تكون الحواس اجمالاً لديهم موجهة نحو الداخل ونحو الخبرات الداخلية، وتكون ضعيفة باتجاه العالم الخارجي.
وهم يفضلون التركيز على الذات وما يجول بها، وفي العادة أصحاب الزمن الأدنى كثيراً ما يصطدمون بمن حولهم، كما ان انهم ينسون بسرعة دروس التعلم ولا يتذكرون دروسهم، كما انهم يعيشون في خيالات كثيرة تجعلهم في حالة توهم بان هناك من يريد ايذائهم والايقاع بهم، يعيشون أغلب اوقاتهم في عزلة عن العالم، وتكون علاقاتهم الاجتماعية محدودة، ويكثرون الجلوس في البيت، ويطيلون العمل على الكمبيوتر والهواتف النقالة، ليس لديهم قدرة كبيرة على التعلم، أو الاستفادة من التجارب السابقة، مشاعرهم غير مستقرة، يدققون بالتفاصيل ويقفون عندها، يراقبون انفسهم واجسادهم داخلياً، وعلى الاغلب أمراضهم تأخذ وقت أطول في الشفاء نتيجة المراقبة المستمرة لما يحدث بداخلهم.
2 – أصحاب الزمن الأعلى: Up time
الحواس لديهم مرهفة جداً، ووعيهم يكون مركز أكثر على العالم الخارجي، فهم يستطيعون جمع المعلومات عن العالم الخارجي والبيئة، يتفهمون المعطيات الخارجية ويتعاملون معها، لديهم قدرة كبيرة على التعلم، يتحركون ويتصرفون عملياً، لديهم القدرة على التحكم بمشاعرهم، وكذلك في ردود أفعالهم، لديهم القدرة على إقامة علاقات اجتماعية متنوعة، كما ان قدرتهم على الشفاء من الامراض أسرع ممن يعيشون في الزمن الأدنى.
ملاحظة:
-        طبيعة الزمن الأدنى تجلب الاوجاع والالم.
-        طبيعة الزمن الأعلى تُبعد الاوجاع والالم.
فائدة:
من المفترض بعد معرفتنا بطبيعة الزمن الأدنى والزمن الأعلى ان نعمل على تدريب أنفسنا بالانتقال طوعاً من نظام الزمن الأدنى الى نظام الزمن الأعلى في حالة التعامل مع العالم الخارجي ومع العمل وبناء العلاقات الاجتماعية، وان ننتقل من الزمن الأعلى الى الزمن الأدنى في حالة الراحة والاسترخاء.

قوانين الزمن:

1-قانون باريتو أو قاعدة 20/80
%80 من القيمة تأتي من %20 من العناصر.
وأن %20 من القيمة تأتي من %80 من العناصر.
بمعنى أن %80 من الأنشطة تحقق %20 من الأهداف.
وأن %20 من الأنشطة يحقق %80 من الأهداف.

انه قانون القلة الهامة والأكثرية التافهة.
    إن %80 من المشكلات تأتي من %20 من الموظفين.
وأن %80 من الإنتاج تأتي من %20 من خطوط الإنتاج.
وأن %80 من حجم المبيعات يأتي من خلال %20 من العملاء.

     من الضروري للإنسان أن يركز جهوده على الأقلية الهامة التي تجلب له الفوائد الكبيرة، لا على الأكثرية التافهة التي لا تحقق نتائج كبيرة إذا:
      أراد أن يحقق لحياته ولمشاريعه نجاحاً أكبر.

ضع %20 من الأهداف في المرتبة الأولى وركز عليها، ومن ثم طور الكفاءة والفعالية والجدارة لتضمن نجاحاً أوسع.

2-قانون بار كينسون:
 مفاد القانون ((أن العمل يمكن امتداده ليملأ الوقت المتوفر لإنجازه))
إن تحديد الأولويات في أي عمل كان، يوقف هذا الامتداد، ويوفر الوقت ويقلل من الجهد، [إن ضبط الأولويات يجعل نهاية العمل هي نهاية الوقت اللازم للعمل وليس العكس]. اجعل لكل عمل أو هدف زمن محدد لإنجازه وقم بالعمل بناءً على ذلك، ليكون انتهاء الوقت المحدد هو انتهاء للعمل.
أي أن يكون نهاية الوقت المقرر هو المؤذن بنهاية العمل.

3-قانون ليكليسياس:
مفاد القانون أنه يوجد وقت لكل شيء ولا يوجد نقص بالوقت، واستيعاب هذا القانون يعني أن يركز الإنسان على الأهداف حسب الأولويات وحسب الاهمية، وعدم التذرع والتحجج بنقص الوقت، بل يجب ان يفهم كل منا بأن ما يحدث هو هروب من التنظيم والدقة ومن  إدارة الوقت إدارة حكيمة.

4-قانون كارلسون:
يعني أن عملاً متواصلاً يأخذ وقتاً أقل من الوقت من نفس العمل فيما لو تم انجازه في فترات متقطعة. إذا بدئت عملاً فأتمه حتى النهاية بدون تقطيع.

والعمل وفق الأولويات يضمن في كل يوم مواصلة ما ينبغي مواصلته وعدم الاستجابة لمصايد النشاط الوهمي التي تجعل من الأعمال قطعاً غير متناهية.
5-قانون مورفي:
يبنى على قاعدتين هما:

الأولى: لاشيء أسهل مما يبدو.
الثانية: كل عمل يأخذ من الوقت أكثر مما يقدر له.




مراجعة هامة تذكر:
1-    إن%20 من الأنشطة والاعمال تعطي %80 من النتائج. فركز على العشرين بالمئة تلك.
2-    حدد وقت لكل عمل ونهاية الوقت هو نهاية العمل.
3-    لديك وقت لكل شيء وليس هناك نقص منه.
4-    اعط أهمية لكل شيء ولا تستسهل أيا منها.
5-    امنح مزيدا من الوقت بمقدار عشرة بالمئة عن الوقت المقرر في التخطيط حتى تكون في امان من ضغط العمل واحتساباً لأي طارئ.

الخلاصة:

الوقت/ الزمن هو أعظم مورد يمتلكه الانسان، وحياتك هي وقتك من لحظة ولادتك وحتى لحظة مغادرتك الحياة وكما قال الحسن البصري رضي الله عنه:
ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فتزود مني، إني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة.
واخيراً: لا تقل كم ساعة عملت في يومك بل قل ماذا صنعت وانجزت في كل ساعة عملتها.
إذا احسنت الاستفادة من الوقت فلا يبقى لك الا ان تتحكم في استراتجياتك وطاقتك، وهذا ما سنعرفه في الدرس القادم حول الاستراتيجية وبعدها الطاقة، وحتى نلتقي مجددا أستودعكم الله بحفظه ورعايته. الى اللقاء.

 د.أيمن قتلان