السبت، 9 سبتمبر 2017

اداة التغيير الرابعة ادارة التفكير



#الدرس_السابع_في_التغيير_نحو_الافضل
#دروس_التطوير_الشخصي
#ادارة_التفكير
لقد تم استعراض الادة الثالثة في التغيير نحو الأفضل في الدرس السابق والتي كانت حول إدارة المشاعر وفن السيطرة عليها، وهذه الأداة كما لاحظنا تلعب دوراً هاماً في عملية التغيير كونها أي المشاعر هي التي تتحكم بنوعية طاقتنا التي نبذلها في الحياة لبناء حياتنا الشخصية ولبناء مستقبلنا وواقعنا، وهي التي تتحكم في أدائنا ونتائجنا وانجازاتنا، وقد تعلمنا كيف نتحكم في مشاعرنا وكيف نوجهها لتكون مشاعر مانحة للقوة والنشاط والحيوية، كما انه قد تعلمنا كيف نتخلص من ذكرياتنا السلبية والتي يكون لها تأثير كبير أيضا على ادائنا ونتائجنا، وعرفنا ان من يستطيع التحكم في مشاعره يصبح قائداً لحياته، واليوم نستمر في درسنا السابع حول الأداة الرابعة في التغيير والمتمثلة في إدارة الأفكار وفن السيطرة عليها.
السيطرة على الأفكار:
يحدث في اذهاننا ان تتوارد اليه الأفكار بمعدل يتراوح ما بين 70,000 الى 100,000 فكرة في كل يوم، هذه الأفكار تساعدنا في تفسير العالم من حولنا، وهي التي تصف لنا ما يحدث حولنا، كما انها تساعدنا على فهم الأصوات والروائح والمشاعر والصور، يحدث كل هذا دون ان نكون في حالة إدراك لهذه العملية، فنحن طوال الوقت نقرر أن شيئا لطيفا يحدث لنا او ان شيئا مقرفا يحدث لنا، او أن هناك شيء خطير وسيء يحدق بنا أو أن شيء آمن يرافقنا.
الأفكار ببساطة هي نبضات كهروكيميائية في دماغنا تعمل على إضفاء المعنى للأحداث التي تجري حولنا في الخارج أو التي تجري في داخلنا عبر عمليات التذكر او الخيال والتصور، او عبر الحديث الذاتي وانشاء السيناريوهات المختلفة لحياتنا وعلاقاتنا وما يمكن ان تؤل اليه حياتنا. ان هذه الأفكار ببساطة يمكن القول فيها بأنها بيانات لا تمثل الحقيقة. الأفكار نتيجة لعملية التفكير التي لا نستطيع ان نوقفها وانما نستطيع ان نتحكم في نوعية الأفكار التي تراودنا وهذا ما يمنحنا القوة او الضعف وبحسب نوعية الأفكار التي تعبر من خلالنا، فالأفكار السلبية تمنحنا الضعف والأفكار الإيجابية الصحيحة تمنحنا القوة والإرادة في صنع حياتنا الأفضل.
تبدأ معاناة الانسان في الحياة عندما يقوم بمنح تفسيرات ومعاني للأحداث بطريقة غير عقلانية، وعادة هذه التفسيرات تكون مرتبطة بتجاربنا السابقة وتربيتنا وثقافتنا ومعتقداتنا العامة والدينية وقيمنا الاسرية والاعلام الذي نتعرض له، والعادات المنتشرة في البيئة والمجتمع (أي ما تم برمجتنا عليه)، فنفس الحدث نجد له تفسيرات مختلفة تتوافق مع عدد الافراد الذين تلقوا هذا الحدث وذلك حسب البرمجة التي حدثت لكل فرد، والتي تختلف عن الفرد الاخر، فالحدث واحد انما تفسيره مختلف عند كل فرد.
ان التفاسير المختلفة هي أفكار مختلفة تحدث في أذهان الناس، فمنها ما هو صحيح وباني للحياة ومنها ما هو خطأ وهادم للحياة، وأغلب الناس لا يدركون تلك العملية التي تحدث ألاف المرات يومياً، وهي التي تؤثر حلى حالتنا المزاجية وعلى مشاعرنا وهذه في النهاية سوف تؤثر على تصرفاتنا وسلوكنا في الحياة.
فمثلا: أم أرسلت ابنها الى المدرسة كالمعتاد، وحدث ان تأخر عن موعد وصوله الى البيت عن الوقت المألوف للام، ما الذي سيحدث في ذهن الام؟  تفسير للحدث الخارجي بحسب تربية الام وخبراتها السابقة والاعلام الذي تعرضت له، ولنفترض ان ذلك كان سلبيا بالمجمل، فإنها سوف تفسر الحدث الحالي المتمثل بتأخر ابنها بطريقة سلبية، حيث ستفترض بان ابنها تعرض لمكروه ما، وبناء على هذا التفسير ستشعر بالقلق والتوتر والخوف وستقضي كل الوقت وهي عاجزة عن القيام بأي عمل بطريقة صحيحة. (هذا افتراض قد يكون صحيح أو غير صحيح.)
 هذا الحدث يتكرر بصورة مستمرة بأشكال مختلفة ويسبب الكثير من المعاناة للأمهات والاباء بسبب الافتراضات المسبقة للأسباب السلبية للحدث الذي نفسره عمليا في ذهننا، بينما في الواقع قد يكون الموضوع مختلف تماما عن تفسيراتنا. بالطبع الانسان يقلق ويخاف على ابناءه بصورة مستمرة انما يجب ان يكون هذا القلق مفهوم لدى الانسان كيف يتشكل نتيجة عملية التفسير للحدث، وان فهمنا لهذه العملية يمنحنا الفرصة للسيطرة على افكارنا وتوجيهه التوجيه الصحيح.
وايضاً تبدأ معاناة الانسان عندما يقوم بمجادلة الواقع الحادث عندما يسأل لماذا يحدث معي هذا دون الناس جميعاً، أو لماذا أنا.
ان تعلم تفهم الواقع كما هو عندما يصبح الحدث واقعا، وعدم محاولة ان تجادله بان تجري المقارنة مع أفكارك وما تتمناه وبين ما حدث وبين ما تعتقد أنك تستحقه، فذلك سيضعك في موقع الضحية والضعف والاستكانة، وهذا يحدث أيضا بصورة مستمرة في حياتنا. تعلم أن تفحص أفكارك التي تواجه الواقع وجها لوجه وتحقق منها ومن قدرتها على منحك القوة وتحمل المسؤولية والمواجهة دون الهروب والتنصل والقاء اللوم على الواقع وعلى الاخرين. تعلم ان تفعل ذلك دون ان تسبب الضرر لنفسك او الاخرين.
وأيضا تبدأ معاناة الانسان عندما يصدق أفكاره الخاطئة، والتي عادة تأتي اليه بدون وعي منه أو فحص وتدقيق عن مدى صحتها وبدون ضوابط او معايير، وهي أفكار في العادة تتعارض مع الواقع، فكل فكرة تتعارض مع الواقع تسبب الألم والمعاناة لصاحبها، الغاية الأساسية هنا الوصول الى الادراك للعمليات الذهنية التي تجري داخل رؤوسنا والتي تكون السبب في منحنا القوة او منحنا الضعف، اننا هنا نتعلم فن السيطرة الذاتية على افكارنا لكي نجعلها تقف الى جانبنا ونحن واعين بما يحدث داخل اذهاننا من عمليات وكيف ان لهذه الأفكار دور كبير على مشاعرنا، وكيف لمشاعرنا الدور الكبير ايضاً في تفكيرنا، وان هناك علاقة سببية مستمرة بين المشاعر والأفكار والسلوك وفهمنا لذلك سيحسن الكثير من ادائنا، وسيجنبنا أيضا الكثير من المعاناة والالم .
تخطر الأفكار التالية في بال الناس في أكثر الأحيان كما يخطر في بالهم غيرها وكل حسب ما يفكر به ويعتقد:
-        يجب ان يكون الناس لطفاء ومهذبين معي.
-        على الجميع ان يحترمني.
-        يجب ان يسمع اولادي كلامي دائماً.
-        على زوجتي / زوجي ان يطيع اوامري وان يكون رأيه / رأيها متوافق مع رأي.
-        ما أقوله وافعله هو الصح، والاخرون خطأ.
-        لماذا انا لست في وضع مادي جيد.
-        انا استحق ان أكون المدير هنا.
-        انا استحق هذه المرأة/ هذا الرجل.
-        لماذا يحدث معي هذا. أنا استحق الأفضل.
القائمة تطول وكلها تشير الى الأفكار والى الطرق التي نرغب بها ان يتغير الواقع ليتوافق مع افكارنا، انها عمليات ذهنية نصدق بها افكارنا، كما انها تجادل الواقع، وهي بنفس الوقت تفسيرات نستخدمها لإضفاء المعنى على الاحداث التي تجري. ان الضغط النفسي ينشأ بسبب تلك الأفكار عموماً.
ما لذي يعطي قوة أكبر القول: ليتني لم أفقد وظيفتي وانا جدير بها ان الحياة ليست عادلة.
ام القول: لقد فقدت وظيفتي ماذا عساي ان افعل الان؟
ما حصل قد حصل، وتفكيرك ببساطة الان لن يغير هذه الحقيقة إذا بقيت مستمراً في الاعتراض عليها لأنها أصبحت واقعاً.
بالطبع هذا لا يعني إنك توافق على هذا الواقع، انما فقط انت تفهم هذا الواقع دون مقاومة او ارتباك او تذمر او ضعف.
لا أحد منا يريد ان يمرض أولاده او ان يتعرضوا لمكروه، كما اننا لا نحب ان نخسر اموالنا او نفقد احبتنا، انما ما جدوى مجادلة الواقع بعد ان يحدث الحدث.

التحرر الذهني:
لا تتدخل فيما لا يعنيك.
عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم:
من حُسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه. (رواه الترمذي.)
هذا هو المبدأ البسيط في عملية التحرر الذهني والادراك للعمليات الذهنية وفن السيطرة على الأفكار من خلال فهم الشؤون الثلاثة في العالم:
1 – شؤوني.
2 – شؤونك.
3 – مشيئة الله.
ان مشيئة الله جل جلاله هي الواقع والواقع يسود فوق كل اعتبار. ان أي شيء يخرج عن سيطرتي او سيطرتك او سيطرة أي شخص اخر هو مشيئة الله وهي التي أصبحت واقعاً على ما هو عليه في هذه اللحظة.
ان جزءاً كبيراً من توترنا ينتج عن انشغالنا بالتفكير في شؤون لا تخصنا، فعندما أفكر على النحو التالي ((انت بحاجة الى وظيفة، وانا اريدك ان تكون سعيداً، ويجب ان تلتزم بالوقت والمواعيد، ويجب ان تهتم بنفسك أكثر)) فهذا يعني انني اتدخل في شؤونك الخاصة.
وعندما أقلق بشأن الزلازل او الفيضانات او الحروب والصراعات او ساعة موتي وموتك، فأنا انشغل بمشيئة الله. فإذا كنت انا طوال الوقت مشغول بالتفكير في شؤونك ومشغول بالتفكير بمشيئة الله، فأنا عمليا أصبحت منفصلاً عن حياتي الخاصة ولا أعيش حياتي، كما انني لم اعد متوجها لاختيار ما يناسبني بل أصبحت مشغولا طوال الوقت بأحداث تخصك وبأحداث تخص الواقع، فأي استقرار يمكن ان اجلبه لنفسي.
تعلم ان تطبق كل ما هو جيد لنفسك وبدون ان تسبب الأذى للأخرين، ودون ان تطالبهم في تطبيق ما هو جيد بالنسبة لك، بل كن لهم القدوة الحسنة التي يستمدون منها السلوك الجيد.
عندما يفهم الناس هذه الشؤون الثلاثة بكفاية وجدارة ويبدؤون بالانشغال بشؤونهم الخاصة سوف يشعرون بالتحرر الذهني. تعود أن تشغل نفسك بشؤون نفسك.
تعلم ان تسأل نفسك اثناء مراقبتك لأفكارك حول ماذا تدور هل تدور فعليا حول شؤونك ام شؤون الاخرين ام تدور حول مشيئة الله.
ان وعيك المستمر بهذه الشؤون سيمنحك القوة في توجيه افكارك بصورة مستمرة تجاه شؤونك. 
عندما نفهم الواقع ونتعلم كيف نفسر الاحداث بطريقة عقلانية، وكيف نتوقف عن مجادلة الواقع الحادث، وكيف نفهم افكارنا، وكيفية عدم تصديق الأفكار الخاطئة التي تراودنا. تصبح مشاعرنا أفضل وافعالنا ابسط وأكثر انسيابية وبعيدة عن الخوف والقلق والتوتر ونصبح أكثر ثقة بالنفس وبالحياة. واليكم اهم المواضيع حول بنية الأفكار وخصائصها وانماط التفكير وطرق ونماذج التفكير وبعض التمارين حول إدارة التفكير والسيطرة على الأفكار السلبية والمزعجة.
الأفكار التلقائية أو الحوار الذاتي:
إنك دائمًا ما تصف العالم لنفسك، معطيًا كل حدث أو خبرة اسمًا ما؛ فأنت تفسر تلقائيًا جميع الأشياء التي تراها أو تسمعها أو تلامسها أو تستشعرها. وأنت تحكم على الأحداث بأنها جيدة أو سيئة، ممتعة أو غير ممتعة، آمنة أو خطرة: وهذه العملية تلون جميع خبرات حياتك وتضفى عليها معاني خاصة.
وهذه الأحكام والتوصيفات تتشكل من الحوار اللانهائي الذي تقيمه مع ذاتك؛ حيث يندفع شلال من الأفكار نحو عقلك. وهذه الأفكار مستديمة ونادرًا ما يمكن ملاحظتها، ولكن لها من القوة ما يكفي لتكوين أشد وأقوى انفعالاتك. ويطلق المعالج العقلاني الانفعالي "ألبرت إيليس" على هذا الحوار الداخلي اسم "الحديث الذاتي"، بينما يطلق عليه المعالج المعرفي "آرون بيك" "الأفكار التلقائية". ويفضل "بيك" "مصطلح الأفكار التلقائية، لأنه يعطي وصف أكثر دقة للطريقة التي يتم من خلالها معايشة الأفكار. فالشخص يدرك هذه الأفكار وكأنها أفكار لا إرادية – دون أي تفكير مسبق – وتنطبع في ذهنه بوصفها أفكارًا منطقية وصحيحة" وغالبًا ما تتسم الأفكار التلقائية بالخصائص التالية:
1.     الأفكار التلقائية عادة ما تظهر بصورة مختزلة:
حيث تتكون من عدد قليل من الكلمات الأساسية المصاغة بأسلوب موجز أشبه بأسلوب البرقيات: " أنا وحيد... مريض... لا أطيق التحمل... سرطان... لا فائدة؛ فكلمة واحدة أو عبارة قصيرة تعمل بمثابة تصنيف لمجموعة من الذكريات المؤلمة أو المخاوف أو انتقادات الذات.
والأفكار التلقائية لا تحتاج الى تعبير لفظي ألبتة، حيث يمكن أن تكون على شكل صورة بصرية، أو أصوات أو روائح خيالية، أو أية احاسيس جسدية؛ فهناك سيدة كانت تعاني خوفًا من المرتفعات وكان لديها صورة ذهنية للدور الذي تقطنه بأنه يميل، وتشعر بأنها تنزلق نحو النافذة، وهذا التصور اللحظي كان يسبب لها قلقًا شديدًا كلما صعدت لأعلى من الدور الثالث.
والأفكار التلقائية أحيانًا ما تكون عبارة عن إعادة هيكلة لحدث ما وقع في الماضي؛ فقد كانت هناك سيدة مصابة بالاكتئاب، وكانت دائمًا ما تتصور أمامها سلم أحد المحلات الشهيرة، حيث أعلن لها زوجها عن عزمه للانفصال عنها. وقد كانت صورة السلم كافية لاستشارة جميع المشاعر المرتبطة بهذه الخسارة.
واحيانًا ما تتخذ الأفكار التلقائية شكل معرفة حدسية أو بديهية، بدون كلمات أو صور أو انطباعات حسية؛ فالمهندس الذي ابتلى بمرض الشك في الذات "يعرف بديهيًا" أنه لا جدوى من محاولة الترقي إلى وظيفة كبار المهندسين.
2.     الأفكار التلقائية مصدقة بشكل شبه دائم:
 بغض النظر عن مدى منطقيتها عند إخضاعها للتحليل. على سبيل المثال، كان هناك شخص ثار غاضبًا عند وفاة أعز أصدقائه، لدرجة أنه كان يعتقد أن صديقه قد مات متعمدًا من أجل أن يعاقبه.         
وتتسم الأفكار التلقائية بقابليتها للتصديق حين تأتي في شكل انطباعات حسية مباشرة. ولذلك تقوم بإلحاق نفس القيمة الحقيقية بالأفكار التلقائية، كما تفعل مع المشاهد والأصوات في العالم الحقيقي؛ فعندما ترى شخصًا يركب سيارة بورش، وتراودك هذه الفكرة: "إنه شخص غني، لا يهتم إلا بنفسه فقط"، فإن هذا الحكم يكون حقيقيًا من وجهة نظرك شأنه شأن لون السيارة.
3.     الأفكار التلقائية تُدرك على أنها أفكار عفوية:
إنك تصدق الأفكار التلقائية لأنها تلقائية؛ فهي تبدو وكأنها تنشأ عن الأحداث المتواترة بشكل عفوي، فتقفز الى عقلك فجأة دون أن تلاحظها إلا بالكاد، ناهيك عن عدم إخضاعها للتحليل المنطقي.
4.     الأفكار التلقائية عادة ما يعبر عنها بكلمات ملزمة مثل لابد أو ينبغي أو يجب أن:
 تفكر المرأة المتوفى عنها زوجها مؤخرًا قائلة: "لابد أن أمضى في الحياة بمفردي، لا ينبغي أن أثقل على أصدقائي". وفي كل وقت تُرد هذه الفكرة إلى ذهنها تشعر بموجة من اليأس. إن الناس يعذبون أنفسهم بالقواعد الصارمة والأشياء التي يلزمون بها أنفسهم مثل: "ينبغي أن أكون سعيدًا. لابد أن أكون أكثر نشاطًا، وإبداعًا، وتحملاً للمسؤولية، كما يجب أن أكون أكثر حباً وعطاءً للآخرين..." فكل أمر تلزم به نفسك يولد شعورًا بالذنب أو انعدام تقدير الذات. ومثل هذه القواعد الإلزامية من الصعب استئصالها، لأن أصلها ووظيفتها يساعدان المرء على التكيف، وهي مجرد قواعد حياتية بسيطة آتت ثمارها في الماضي- إنها قوالب معيارية ثابتة للبقاء، يمكنك النفاذ إليها سريعًا في الأوقات التي تتعرض فيها للضغوط. المشكلة أنها تصبح تلقائية لدرجة أنك لا تجد لديك وقتًا لتحليلها، وأنها صارمة للغاية لدرجة تجعلك عاجزًا عن تعديلها لكي تتناسب مع جميع المواقف على اختلافها. من المحبب ان يقول الانسان من الأفضل لي ربما القيام بكذا وعمل هذا وهكذا دون التقيد بعبارات الالزام والواجب ومشتقاتها.
5.     الأفكار التلقائية تميل الى تصوير أبشع الأمور:
إن هذه الأفكار تجعل الأشخاص يتوقعون الكوارث، ويرون الخطر في كل شيء، ويتوقعون الأسوأ دائمًا، فيصبح ألم المعدة العادي إشارة إلى الإصابة بالسرطان، أو تصير نظرة التشتت على وجه الحبيب هي الإشارة الأولى للانسحاب. والأفكار الكارثية هو المصدر الأساسي للقلق. ومن الصعب استئصال الأفكار الكارثية ايضًا بسبب وظيفتها التكيفية؛ فهي تساعد الشخص على توقع المستقبل والاستعداد لأسوأ السيناريوهات.
6.     الأفكار التلقائية ترتبط نسبيًا برؤية الشخص للموقف:
 في إحدى دور السينما المزدحمة بالناس، وقفت إحدى السيدات فجأة وصفعت الرجل الذي يجلس بجانبها ثم أسرعت الى الممر ومنه الى باب الخروج فجاءت ردود أفعال العيان تجاه هذا المشهد مختلفة. إحدى السيدات انتابها الخوف لأنها فكرت قائلة: "لابد أنها ستلقى جزاءها على هذه الفعلة عندما يعودان الى المنزل". لقد تخيلت تفاصيل الضرب الوحشي الذي كانت تتعرض واسترجعت الأوقات التي تعرضت فيها للاعتداء. أما المراهق، فكان غاضبًا لأنه فكر قائلاً: "يا لهذا الرجل المسكين! ربما أراد أن يغازلها فقط لكنها أهانته. يا لها من امرأة سيئة!". بينما أصيب رجل في منتصف العمر بالإحباط عندما قال لنفسه: "لقد خسرها الأن، ولن يستطيع استعادتها مرة أخرى". لقد رأى في هذه اللحظة وجه زوجته السابقة وقد ارتسمت على ملامحه الغضب. أما إخصائية الخدمة الاجتماعية، فشعرت بالسرور وهي تفكر قائلة: "لقد نال ما يستحقه. أتمنى لو أن بعضًا من النساء الخائفات اللاتي قد شاهدن هذا الموقف".
إن كل استجابة مما سبق بنيت على الطريقة الفريدة التي رأى بها كل شخص الموقف مما نتج عنه صدور انفعالات قوية متباينة.
7.     الأفكار التلقائية لها القدرة على البقاء والاستمرار:
 فمن الصعب إيقافها أو تغييرها لأنها لا إرادية ومقبولة. إنها تشق طريقها الى نسيج الحديث الداخلي (مع الذات) دون أن تلاحظ، وتأتى وتذهب كيفما يحلو لها. وقد تعمل فكرة تلقائية واحدة كمثير لفكرة أخرى، وهكذا. ولعلك قد عايشت هذا التأثير التسلسلي في صورة فكرة اكتئابيه تستثير سلسلة طويلة من الأفكار الباعثة على الاكتئاب تتصل بها.
8.     الأفكار التلقائية عادة ما تختلف عن حديثك الفعلي:
 معظم الأشخاص يتحدثون مع الأخرين بطريقة مختلفة عن تلك التي يتحدثون بها مع أنفسهم؛ فعندما يتحدثون مع الأخرين فإنهم غالبًا ما يصفون الأحداث التي تقع في حياتهم كتسلسل منطقي قائم على أساس السبب والنتيجة، بينما يأتي وصفهم لها لأنفسهم مصحوبًا بانتقاص من قيمتهم الذاتية أو توقعات كئيبة.
قال أحد المديرين التنفيذيين ذات مرة بصوت عال: " منذ أن تم تسريحي من العمل، لم اشعر سوى باكتئاب بسيط". إن هذه العبارة الواقعية الصادقة تختلف اختلافًا كبيرًا عن الفكرة الأساسية التي تثيرها البطالة بداخله:" انا فاشل ... لن أجد وظيفة أخرى أبدًا ... سوف تتضور اسرتي جوعًا. لا أستطيع البقاء في هذا العالم". لقد تخيل نفسه يهبط بشكل حلزوني في حفرة مظلمة لا نهاية لها.
9.     الأفكار التلقائية هي تكرار لأفكار اعتيادية:
 إن القلق المزمن، أو الاكتئاب، أو الغضب ينتج عن التركيز على مجموعة معينة من الأفكار التلقائية وإقصاء جميع الأفكار المعارضة. والفكرة الأساسية بالنسبة للأشخاص القلقين هي الخطر؛ فهم ينشغلون بتوقع المواقف الخطرة، ودائمًا ما يتفحصون الأفق ترقبًا لآلام المستقبل. أما الأشخاص المكتئبون، فيركزون في الغالب على الماضي، وتستحوذ عليهم فكرة الفقدان والخسارة، ويركزون على إخفاقاتهم وعيوبهم. أما الأشخاص الغاضبون باستمرار، فيكررون أفكارًا تلقائية حول السلوكيات الضارة والمعتمدة التي تصدر من جانب الآخرين.
إن الانشغال بهذه الأفكار المعتادة يخلق نوعًا من الأنفاق البصرية، بحيث تقوم من خلالها بالاعتقاد في نوع واحد من الأفكار وتلاحظ جانبًا واحدًا فقط من بيئتك، مما يترتب عليه تولد انفعال واحد غالبًا ما يكون مؤلمًا وسائدًا. وقد استخدم "بيك" مصطلح "العوائق الاختيارية" لوصف هذه الأنفاق البصرية. و"العوائق الاختيارية" تعنى النظر الى مجموعة واحدة من الإشارات في بيئتك وإقصاء جميع الإشارات الأخرى.
10- الأفكار التلقائية مكتسبة:
 أن المرء منذ طفولته تملى عليه الأشياء التي ينبغي التفكير والاعتقاد فيها؛ فالأسرة والإعلام والأصدقاء تبرمجك على تفسير الأحداث بطريقة معينة. وعلى مر السنين، تعلمت ومارست أنماطًا اعتيادية من الأفكار التلقائية من الصعب اكتشافها أو تغييرها، وتلك هي الأنباء السيئة، أما الأنباء السارة فهي أن أي شيء مكتسب بالتعلم يمكن نسيانه أو تغييره.


الاستماع الى أفكارك التلقائية:
يعد الاستماع الى الأفكار التلقائية الخطوة الأولى للتحكم في المشاعر السلبية؛ فمعظم الحوارات الداخلية التي يقوم بها الشخص مع ذاته لا تسبب له أي أذى علمًا بأن الأفكار التلقائية يمكن تحديدها لأنها دائمًا ما يسبقها شعور متواصل بالألم.
ولتحديد الأفكار التلقائية التي تسبب لك هذا الشعور المتواصل بالألم، حاول استرجاع الأفكار التي كانت تراودك قبل بداية إحساسك بهذا الشعور، وكذلك الأفكار التي تصاحب هذا الشعور المستديم الذي يراودك. بإمكانك أن تعتبر الأمر كما لو أنك تستمع الى جهاز اتصال داخلي. إن جهاز الاتصال الداخلي مفتوح دائمًا، حتى وأنت تتحدث مع الآخرين وتمضي في حياتك كالمعتاد، بمعنى أنك تعمل مع العالم الخارجي وفي نفس الوقت تتحدث مع نفسك. أنصت الى جهاز الاتصال الداخلي لحوارك الذاتي مع نفسك، واستمع الى ما تقوله لها. إن أفكارك التلقائية تضفي معاني خاصة على العديد من الأحداث الخارجية والأحاسيس الداخلية، كما أنها تصدر أحكامًا وتفسيرات طبقًا لخبراتك.
والأفكار التلقائية عادة ما تضئ بسرعة فائقة كالبرق، ويصعب اصطيادها؛ فهي تومض كصورة ذهنية قصيرة أو رسالة تلغرافية من كلمة واحدة. وهناك طريقتان بسيطتان للسيطرة على السرعة الفائقة لأفكارك التلقائية، وهما:
 1. أعد بناء الموقف الإشكالي، بمعنى أن تفكر فيه مرات ومرات في خيالك حتى تبدأ المشاعر السلبية في الظهور. ما الذي تفكر فيه مع ظهور الانفعال؟ شاهد أفكارك وكأنها فيلم يعمل ببطء. انظر الى حوارك الداخلي مع ذاتك، صورة تلو الأخرى. لاحظ الجزء من الثانية الذي تستغرقه في قول عبارة مثل "لا أستطيع التحمل"، أو النصف ثانية الذي تستغرقه لتخيل صورة ذهنية لحدث مخيف. لاحظ كيف أنك سوف تقوم بداخلك بوصف وتفسير سلوكيات الآخرين قائلا: "إنها متضايقة...انه يحتقرني". 
2       . قم بإعادة العبارات المختزلة الى صيغتها الأصلية التي استخلصت منها، فعبارة "أشعر بالملل" هي في الواقع اختصار لعبارة "إنني أشعر بالملل، وأعرف ان حالتي سوف تزداد سوءًا... ولا أستطيع التحمل". وكلمة "جنون" تعني "أشعر وكأنني أفقد توازني، وهذا يدل على أنني سأصاب بالجنون... وأن أصدقائي   سينبذونني".                                                                                                     
 إن سماع العبارات المختزلة لا يكفي، ولذلك من الضروري أن تنصت الى النقاش الداخلي الدائر كاملاَ. من أجل فهم المنطق المحرف الذي تنبع منه المشاعر المؤلمة العديدة التي تراودك.

تمرين تسجيل أفكارك
لتقييم قوة أفكارك التلقائية والدور الذي تلعبه في حياتك الانفعالية، احتفظ ب “سجل للأفكار". قم بتسجيل المشاعر المؤلمة بأسرع وقت ممكن عقب شعورك بها على النموذج التالي.
ارسم على ورقة بيضاء ثلاثة خانات متوازية يفصل بينها أعمدة.
اكتب في الخانة الأولى العبارة التالية: الموقف متى حدث وأين وماذا حدث؟
في الخانة الثانية أكتب عبارة المشاعر ملخصة في كلمة واحدة مثلا غاضب حسب الحالة التي تنتابك. قم بالتسجيل للمشاعر التي تتناسب مع الموقف المسجل في الخانة الأولى. ضع علامة من مئة درجة تناسب شدة الحالة التي انت عليها.
في الخانة الثالثة اكتب العبارة التالية والتي تشمل: الأفكار التلقائية التي تراودك بماذا كنت تفكر قبل الشعور السلبي وأثناء وقوعه.
هذا السجل سيجعلك واعيا بكل افكارك التلقائية والتي تراودك اغلب الأوقات. ان مواظبتك على القيام بذلك لفترة معينة فسوف تكتشف نمط جديد للحياة سهل وممتع.
ان الأفكار بحد ذاتها لا تسبب لنا المعاناة، انما تعلقنا بهذه الأفكار هو الذي يؤلمنا ويسبب لنا المعاناة، وتعلقنا بفكرة معينة لتصبح مسيطرة في ذهننا يعني اننا نصدقها من دون ان نتحقق من صحتها وهكذا تتحول تلك الأفكار التي نصدقها دون ان نتحقق من صحتها تتحول الى معتقدات عميقة في اذهاننا توجه سلوكنا في الحياة دون ان ندري عنها أي شيء. فالمعتقد هو عبارة عن فكرة تعلقنا بها لسنوات طويلة. 


                                    
                                         سجل الأفكار
الموقف
متى؟ أين؟ من؟
ماذا حدث؟
المشاعر(الانفعالات)
ملخص في كلمة واحدة
ضع درجة من (100-0)
الأفكار التلقائية
فيما كنت تفكر قبل وأثناء الشعور السلبي الذي يراودك؟
























الانسان لا يستطيع التخلي عن تفكيره وافكاره، انما يجب ان يتعلم كيف تتم هذه العملية وكيف يمكن مواجهة هذه الأفكار والعمل على تغييرها من خلال تفهمها، وعند ذلك ستتغير هذه الأفكار.
الأفكار تشبه هبوب النسيم أو تساقط أوراق الشجر، أو هطول المطر تظهر مثلها  وتغيب مثلها، ويمكن ان تصبح افكارنا صديقة لنا بعد ان نتحقق من صحتها.
هل سبق ان تشاجرت مع قطرة مطر؟ تحاول ان تفهمها وتستعد لها، وكذلك الأفكار افهمها وتعامل معها واستعد لها.
ان سجل الأفكار وتدوين الأفكار والمشاعر يفسر نفسه بنفسه. استخدم هذا السجل لمدة أسبوع كامل قابل للإعادة مرارا وتكرارا حتى تتأكد تماما بأنك أصبحت واعياً بأفكارك التلقائية ومشاعرك السلبية المرافقة لها.
الأنماط الثمانية المحددة للتفكير:
تعتبر محددات التفكير المعروفة بأنماط التفكير من الأسباب الرئيسية التي تؤثر على جودة تفكيرنا و مشاعرنا وهي تتمثل في:
1.     الترشيح، هو التركيز على التفاصيل السلبية، وإهمالك لجميع الجوانب الإيجابية في الموقف.
2.     التفكير المتطرف، هو رؤية الأشياء إما سوداء أو بيضاء، جيدة أو سيئة. لابد أن تكون ممتازا، وغير ذلك يعد فشلاً من جانبك؛ فلا توجد هناك حلول وسطى وليس هنالك مجال للخطأ.
3.     التعميم الزائد، الوصول الى استنتاج عام بناء على حدث أو دليل واحد، والمبالغة في تقدير مدى تكرار المشكلات واستخدام تسميات سلبية عامة.
4.     قراءة الأفكار، معرفة ما يشعر به الآخرون والسبب الذي يدفعهم للتصرف بالشكل الذي يتصرفون به دون تصريح منهم بذلك، حيث يكون لديك معرفة معينة بالكيفية التي يفكرون ويشعرون بها.
5.     التهويل، توقع وتصور الكوارث عند سماعك أو قراءتك عن مشكلة ما، فتسأل نفسك ماذا لو حلت بي كارثة؟ ماذا لو حدث لي ذلك؟
6.     التضخيم، المبالغة في درجة أو حدة المشكلة، فتجد نفسك تبالغ بشكل كبير جدًا في تقييم أي شيء، مما يجعله يبدو ضخمًا وساحقًا بشكل لا يحتمل.
7.     الشخصنة، افتراض أن كل شيء يقوم به الناس أو يقولونه هو نوع من رد الفعل تجاهك، وكذلك مقارنة نفسك بالآخرين، محاولاً تحديد أي منكم أكثر ذكاءً أو أكثر كفاءة أو أفضل شكلاً، وهكذا.
8.     القواعد الإلزامية، وضع قائمة من القواعد الصارمة التي تنظم سلوكك وسلوكيات الآخرين، وعندما يخالف أحدهم تلك القواعد فإنك تشعر بالغضب تجاهه، كما تشعر بالذنب عندما تخالفها أنت شخصيًا.


                                                      تمرين المزاوجة
صل كل عبارة في القائمة الأولى بما يناسبها من قائمة الأنماط:
العبارة                                                                                                                  الأنماط                                         
1. منذ أن قابلت أسماء، لم أثق بذوات الشعر الأشقر.                                                           الترشيح
2. قلة من الأشخاص الهادئين المتواجدين هنا يبدون أكثر مني ذكاء.                                      التفكير المتطرف
3. إما أن تكون معي أو ضدي.                                                                                 التعميم الزائد
4. كان من الممكن أن استمتع بالرحلة لولا أنني نسيت الطعام في المنزل.                                   قراءة الأفكار
5.إنه دائمًا يبتسم، ولكنني أعرف أنه لا يحبني.                                                                  التهويل
6. أخشى أن تكون علاقتنا قد انتهت لأنه لم يتصل منذ يومين.                                                 التضخيم
7. لا ينبغي أن تسأل الناس أسئلة شخصية.                                                                      الشخصنة
8. نماذج الإقرارات الحياتية هذه مزعجة، إنها أكثر مما يمكن التعامل معه.                             القواعد الإلزامية
مفتاح الإجابة:
1.      التعميم الزائد
2.      الشخصنة
3.      التفكير المتطرف
4.      الترشيح
5.      قراءة الأفكار
6.      التهويل
7.      القواعد الإلزامية
8.      التضخيم 



طرق ونماذج التفكير: 
ان تفكيرنا نظام آلي / تلقائي ديناميكي فعال، وعملية مستمرة لا تتوقف. ان هذه العملية تحدث بطريقة تلقائية رغم التنبه في بعض الأحيان لنوايانا او لبعضٍ منها، ان عددا كبيرا من العمليات العقلية (التفكير والتذكر والتخيل والادراك والشعور والانتباه ووعي اللاوعي) يحدث لحظة بلحظة وبلاوعي منا بها مع انه بإمكاننا ان نفكر بطريقة واعية الا اننا في أغلب الأحيان لا نستطيع ان نفكر بشكل واعٍ في جميع تفصيلات واحداث ما يقع في نفس اللحظة، اننا نقوم بذلك بصورة تلقائية.
كما علمنا أن معاناة الانسان في الحياة تبدأ عندما يقوم بمنح تفسيرات ومعاني للأحداث بطريقة غير عقلانية، وعادة هذه التفسيرات تكون مرتبطة بتجاربنا السابقة وتربيتنا وثقافتنا ومعتقداتنا العامة والدينية وقيمنا الاسرية والاعلام الذي نتعرض له، والعادات المنتشرة في البيئة والمجتمع( البرمجة التي تمت لنا)، فنفس الحدث نجد له تفسيرات مختلفة تتوافق مع عدد الافراد الذين تلقوا هذا الحدث وذلك حسب البرمجة التي حدثت لكل فرد والتي تختلف عن الفرد الاخر، فالحدث واحد انما تفسيره مختلف.
 هذه التفسيرات توجد المعنى الخاص لكل تجربة نمر بها، وهذه التفسيرات هي عملية تفكير تلقائية نستخدم فيها الكلمات او الصور او الشعور لنحصل في النهاية على تجسيد ذهني للحدث داخل الدماغ، او يمكن ان نسميه تمثيل ذهني للحدث، او التصورات الذهنية للحدث، او خريطة عقلية للحدث في الذهن، وكلها تسميات واحدة تشير الى ان الواقع الذي عايشناه كخبرة وتجربة خارجية قد دخل الى الدماغ واصبح له بنية ذهنية وتجسيد ذهني مختلف تماما عن الواقع لأننا نحن الذين نعطي للواقع المعنى الخاص به من خلال البرمجة التي تعرضنا لها ولا زلنا نتعرض لها، حتى أصبح هناك مقولة متعارف عليها تقول: ( ليس الاحداث هي من تؤثر على سلوكنا وتصرفاتنا، وانما التفسيرات التي نمنحها للأحداث هي من تؤثر على سلوكنا وافعالنا وادائنا).
ان الخبرة الشخصية التي يتم معايشتها عند الانسان تتضمن ما يجري داخل عقله وما يدور في العالم من حوله، وهي التي تحدد له كيفية التفكير وكيفية التصرف وهي التي تمنحه القوة او تمنحه الضعف بحسب ادراكه لهذه العملية او عدم اداركه لها، فالتفكير عملية، وعندما نصبح واعين بها نستطيع التحكم بتفكيرنا وعندما تتحكم به نستطيع ان نفكر بشكل مختلف وعندما نفعل ذلك تتغير تصرفاتنا ونتائجنا.
ان خبراتنا الشخصية تتشكل عبر حواسنا الخمس (البصر والسمع واللمس والشم والتذوق) وهي بمثابة أنظمة رئيسية لأسلوب ادخال المعلومات ومعالجة المعلومات داخل الذهن (التفكير) وبناء عليه يمكن القول بان طرق التفكير ونماذجه مرتبطة بحواسنا الخمس فنحن نفكر من خلال:
1 – النظام البصري أي اننا نفكر من خلال تكوين الصور في الذهن وهذه الصور قد تكون متحركة وقد تكون ثابتة.
2 – النظام السمعي أي أننا نفكر من خلال الكلمات والحوار الذاتي الداخلي عبر الصوت والذي يمكن ان يكون مرتفع او منخفض او بطيء او سريع.
3– النظام الشعوري أي أننا نفكر من خلال (اللمس والشم والتذوق).
لكل نظام وحدات حسية فرعية، فالنظام البصري وحداته الحسية الفرعية تتكون من: اذا كانت الصورة متحركة ام ثابتة، او ان الصورة ملونة ام انها بالأبيض والأسود، او ان الصورة لها اضاءة ساطعة ام منخفضة، او الصورة قريبة ام بعيدة صغيرة ام كبيرة لها اطار او بدون اطار هل الصورة في حالة اتصال ام حالة انفصال مكان توضع الصورة وهل يوجد حركة داخل الصورة ام لا يوجد.....ألخ.
اما النظام السمعي فوحداته الحسية الفرعية مرتبطة بشدة الصوت والايقاع والتناغم وارتفاع الصوت وانخفاضه وسرعة الصوت وبطئه والوقفات وموقع الصوت والتنغيم وتفرد الصوت هل أجش ام رقيق.....ألخ.
اما النظام الشعوري فوحداته الحسية الفرعية مرتبطة بدرجة الحرارة والملمس والضغط والحركة والحدة والوزن والموقع والرائحة والنكهة....ألخ.
وأخيرا الألم فوحداته الحسية الفرعية مرتبطة بنوعية الألم لاسع ام ساخن ام بارد، شد عضلي، هل الألم حاد ام خفيف مستمر ام متقطع اين يتمركز.....ألخ.
ان الخبرة الحياتية ومعنى التجربة مرتبط بالأنظمة الحسية الرئيسية للتفكير (بصري – سمعي – شعوري) كما انه مرتبط بالوحدات الحسية الفرعية المكونة لكل نظام. ان عملية تغيير واعية للنظام الأساسي ووحداته الحسية الفرعية يؤدي الى تغيير عملية التفكير وبالتالي معنى التجربة والخبرة الشخصية.
هذه الطريقة تتيح لنا إعادة بناء خبراتنا الشخصية وإعادة هيكلة ذكرياتنا وإنتاج أفضل لرؤانا وتصوراتنا وخيالنا تجاه المستقبل، انها طريقة متقدمة وجيدة في إعادة انتاج وبناء خبراتنا الشخصية ومعاني تجاربنا والسيطرة على افكارنا ومشاعرنا وبالتالي على أدائنا وسلوكنا وافعالنا وتصرفاتنا والى نتائجنا.
مثال ما هو الفرق بين خبرة السعادة وخبرة الاكتئاب؟
الفرق يكمن في طريقة ترتيب ما يحدث في العقل لكل خبرة، أي في طريقة بناء التصور الداخلي لكل خبرة وطريقة عرضها في الذهن في حالة اتحاد ام انفصال وقد تم عرض ذلك حول الاتحاد والانفصال في الدرس السابق اثناء الحديث عن معالجة الذكريات السلبية (يرجى العودة اليها).
إذا اردت تغيير تصوراتك الذهنية (أفكارك) فيوجد امامك طريقان لذلك:
1 – تغيير ما تصوره وما تتحدث به من أسوء سيناريو الى أفضل سيناريو ممكن.
2 – تغيير كيفية تصورنا وكيفية حديثنا مع ذاتنا من خلال تغيير الوحدات الحسية الفرعية للخبرة المعاشة.
 فمثلا حالة الاكتئاب كخبرة يعايشها الافراد وهي حالة ندخل اليها ونخرج منها وهي حالة يمكن العمل عليها من خلال التالي:( الاكتئاب حالة عقلية وفيزيولوجية تنشأ بفعل ما نصوره ونتخيله ونتذكره وما نقوله لأنفسنا وبأي نغمة وبالية شعورنا، وبالكيفية التي نحرك بها اجسادنا، وان تغيير هذه العمليات سيقود الى تغيير حالة الاكتئاب).
1 – اجلس في مكان هادئ وتنفس بعمق وهدوء.
2  – راقب ما الذي يجعلك تشعر بالشعور السيء داخل ذهنك هل هو صورة ثابتة ام صور متحركة ام حوار ذاتي ام شعور داخلي في منطقة ما من الجسم وهل هذه الصور او الحوارات الذاتية والشعور ناتجة عن حدث ما خارجي ام عن حدث داخلي كحالة تذكر لأحداث ماضية تستعيد عرضها الان، ام كحالة تخيل لأحداث وافتراضات حول المستقبل.
حدد ذلك بالضبط واكتبه على ورقة.
3       – إذا كان ما يحدث في ذهنك سواء لتفسير الحدث الحالي او استعادة لذكرى قديمة او بناء تخيلات او افتراضات تجاه المستقبل هو صورة راقب هذه الصورة هل هي متحركة فاذا كانت كذلك فبإمكانك ان تجعلها ثابتة، وإذا كانت ملونة بإمكانك ان تجعلها ابيض واسود وان كانت الصورة ساطعة فبإمكانك تخفيض الإضاءة تماما عليها، وان كانت الصورة قريبة فبإمكانك ان تقوم بإبعادها جدا، وان كانت الصورة كبيرة فيمكنك تصغيرها الى حد النقطة وهكذا مع كل شيء تراه في صورة الذهن. (ان تغيير الوحدات الحسية الفرعية يؤدي الى تغيير معنى التجربة والخبرة.)
4       – إذا كان ما يحدث في ذهنك عبارة عن أصوات وحوار ذاتي فبإمكانك اللعب على الوحدات الحسية الفرعية لنظام الصوت فإذا كان الصوت مرتفع اعمل على تخفيضه وان كان سريع أقوم بإبطائه وان كان واضح أقوم بتشويهه الى درجة عدم وضوح الكلام..... ألخ.
5       – راقب الخبرة والتجربة اذا كان فيها روائح او لمس او مذاق لشيء ما فبإمكانك أيضا تشويه وتغيير هذه الوحدات الحسية الفرعية.
6        -  راقب اين يتموضع الشعور لديك وهل هذا الشعور متحرك وما درجة كثافته. ان ابعاد الشعور عن الجسد الى خارجه وابطاء حركة الشعور وتقليل كثافته هي من الأمور الهامة في عملية تغيير معنى التجربة.
7       – إعادة التمرين بوعي وبصورة مستمرة وبشكل متكرر سيؤدي الى تغيير معنى التجربة والخبرة وبالتالي سيتوقف الاكتئاب.
8       – ادعم تمريناتك بتغذية جيدة وتنفس عميق وارفع راسك عاليا وقم بإجراء تمارين رياضية مستمرة.
9        - ثابر على ذلك.
هناك بالطبع طرق كثيرة للسيطرة على الأفكار وادارتها ولكل أسلوب مزاياه وانت بإمكانك اختيار الأسلوب الذي يناسبك، وما تم تقديمه اليوم هو من بعض الطرق المعتمدة في تغيير التفكير والافكار والوعي بها.
ارجو القراءة بتمعن وفهم واجراء التقييم الخاص بك وحسب حالتك في موضوع التفكير وإدارة الأفكار والسيطرة عليها، ومن ثم التطبيق للتمارين الموجودة.
ملاحظة هامة: ما يتم تقديمه في دروس التغيير من تقنيات وأساليب لا يعتبر بديلا في أي حال من الأحوال عن الاستشارة المهنية المتخصصة.
الى اللقاء في الدرس القادم مع الأداة الخامسة للتغيير نحو الأفضل الا وهي المعتقدات.
أيمن قتلان



  




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق