السبت، 5 ديسمبر 2020

كيف تستخدم مفهوم العيش بشجاعة للقضاء على المخاوف؟

 كيف تستخدم مفهوم العيش بشجاعة للقضاء على المخاوف؟

يقول نيلسون مانديلا :

لقد تعلمت أن الشجاعة لم تكن هي غياب الخوف، بل هي الانتصار عليه، الإنسان الشجاع ليس هو من لا يشعر بالخوف، بل من ينتصر على هذا الخوف.

فالشجاعة لا تعني غياب الخوف، بل المضي قدماً لمواجهة الخوف والانتصار عليه، فإذا لم يكن هناك خوف، فمن سوف يحتاج إلى الشجاعة، ليصبح شجاعاً.

إن الشجاعة هي نوع من القوة والطاقة والتصميم لمواجهة ظرف مخيف، حيث يتم استدعاء الشجاعة عندما نواجه حالة صعبة ومخيفة ومؤلمة ومقلقة، عندما يتم تحدي مواردنا أو دفعها إلى الحد المطلق، عندما نشعر بالتهديد أو الضعف أو الترهيب أو الترعيب، عندما يكون رد فعلنا الغريزي الأول هو الفرار والهروب، ففي مثل هذه الأوقات تسألنا الحياة عن مسألة وجودية: هل يمكننا العثور على الشجاعة لمواجهة وهزيمة خوفنا، أم أننا سنهزم به؟ هل سنختار أن نكون شجعان؟ أم نختار أن نكون جبناء؟

لا شك أن هناك مخاطر حقيقية في الحياة يجب تجنبها، لكن هناك فجوة كبيرة بين الاستهتار والشجاعة، أنا لا أشير إلى الشجاعة البطولية المطلوبة للمخاطرة بحياتك لإنقاذ شخص ما من مبنى محترق، ما أعنيه بالشجاعة هو القدرة على مواجهة تلك المخاوف التخيلية واستعادة الحياة التي حرمت نفسك منها بسبب مخاوفك من الفشل أو الرفض أو الإذلال أو الوحدة أو التحدث أمام الجمهور، الخوف من النجاح، الخوف من الأشياء والحيوانات والمرض والموت.

كم من هذه المخاوف التي تعيقك وتعيق حياتك؟

هل سبق لك أن أقنعت نفسك أنك لا تخاف من أي شيء؟

إن الشجاعة ليست غياب الخوف، بل هي الحكم على أن شيئاً أخر أكثر أهمية من الخوف. فالشجاعة هي مقاومة الخوف والسيطرة على الخوف وليس غياب الخوف، إن الشجاعة تعني القدرة على حمل نفسك على اتخاذ إجراء على الرغم من الخوف.

إن الحياة تتقلص وتتوسع بما يتناسب مع شجاعة الفرد وثقته، وإن الشجاعة الحقيقية هي مهارة عقلية وليست عاطفية، إنها قدرة على استخدام ذكائك البشري والإرادة المستقلة للتغلب على القيود التي ورثتها من دماغك الأوسط العاطفي.

الشجاعة أمر لا يمكن أن تجربه إلا بمفردك، أنه انتصار خاص وليس نصراً عاماً. إنه استدعاء الشجاعة للإنصات إلى عمق أفكارك، عندما تمارس الشجاعة فسوف تنضج في النهاية إلى الحد الذي يمكنك فيه قبول تحديات الحياة ومسؤولياتها علانية كإنسان واعِ تماماً.

إن عدم التفاعل مع الحياة يولد الشك والخوف، بينما العمل والحركة فإنهما يولدان الثقة والشجاعة، فإذا كنت تريد التغلب على الخوف لا تجلس في المنزل وتفكر في ذلك، اخرج واخلق في نفسك عملاً تنشغل به.

إن الحياة مليئة بالصعوبات وبغض النظر عن ذلك، فإنه يمكنك أن تختار العيش بوعي وألا تستسلم لهذا العالم غير الواعي القائم على الخوف، مارس موهبتك من الشجاعة وابني قوة بشكل تدريجي لمواجهة مخاوفك العميقة، عش ككائن شجاع وحيوي.

تمرين بناء الشجاعة للقضاء على الخوف:

احضر دفتر ملاحظات وقلم. واجلس في مكان هادئ، خالي من المقاطعات والإلهاءات.

قم بالإجابة على الأسئلة التالية:

1 . هل تذكر وقتا كنت خائفا فيه، وقد انتصرت به على خوفك؟

2 . ماذا لاحظت وفكرت وشعرت في ذلك الوقت الذي كنت خائفا فيه؟

3. ما الذي ذكرته أنت أو الأشخاص المحيطين بك، بماذا فكروا وماذا فعلوا لمساعدتك في مواجهة خوفك؟

4. في أي نقطة بدأ خوفك ينخفض؟ ما هو شعورك بعدئذٍ؟

5. فكر الآن في وضع ما في الطفولة كنت قد واجهت فيه خوفك وانتصرت عليه، هل هو شيء مختلف عن الموقف الأول، أم أنه نفسه؟

6. فكر في موقف تواجهه حالياً يخلق الخوف أو القلق، ما أكثر شيء يخيفك؟

7. الآن، هل هناك طريقة لتطبيق نفس المهارات التي استخدمتها في الحالتين السابقتين لتكون أكثر شجاعة في هذا الموقف. ذكّر نفسك بأن لديك هذه المهارات وأنك قد استخدمتها بنجاح في الماضي. ما هي الحواجز العقلية أو البيئية التي تقف في طريق استخدامك لهذه المهارات؟

كيف يمكنك التعامل مع هذه الحواجز أو التخلص منها؟

كرر هذا التمرين على مدار عشرة أيام، مستخدماً قراءتك عن الشجاعة في هذه الفقرة، اكتب تعاريف خاصة بك عن الشجاعة.

8. استخدم تعريفك الخاص عن الشجاعة كأسلوب لمواجهة مخاوفك في المستقبل والآن.

وأخيراً وعلى الرغم من أن دور الخوف هو أن يحافظ على سلامتنا وأمننا، إلا أن العيش من خلال الخوف لا يوقظ إمكاناتنا وقدراتنا، فعندما تعيش في عقلية لا أستطيع أن أفعل ذلك، أو أنا لست جيداً بما فيه الكفاية، فإنك تضيق نافذة نجاحك إلى فتحة صغيرة جداً.

فحكمة الشعور بالخوف تدعونا لاتخاذ إجراءات لمواجهة خوفنا، حيث يتوجب علينا، استئصال الخوف من حياتنا اليومية من خلال جهودنا المستمرة التي تعزز قوتنا وأمننا الذاتي، فبعد كل شيء نحن جميعاً نملك السمة المتأصلة في الشجاعة الدائمة التي خلقنا عليها لمواجهة مخاوفنا التي اكتسبناها خلال الحياة، فالشجاعة فضيلة ترشدنا لكي نعيش بأمان بمواجهة الخوف وبمواجهة الإحباط .

د. أيمن قتلان



هناك تعليق واحد:

  1. شكرا لك من كل قلبي فلقد تعلمت منك اشياء مهمة وعظيمة،دكتور ايمن.
    أخوك من العراق.

    ردحذف