هل نمتلك وعي؟
لماذا نحن بحاجة الى وعي؟
ما لذي يجعلنا نتصرف بهذه الطريقة دون سواها؟
كيف نستطيع ان نفهم الخيار الأفضل لحياتنا؟
ماهي سمة الأفعال حتى تكون نافعة وصالحة؟
يوجد ارتباط وثيق بين الحياة والوعي والاختيار الذي يحدد أفعالنا
حيث يعتمد بقاء الانسان على قيد الحياة على ايجاد ودمج مصادر للطاقة المانحة للقوة
والحياة وعلى منع جميع أنواع الحالات التي تهدد الانسجة الحية والتي تؤدي الى
موتها. فالطاقة مطلوبة لتجديد بنية الكائن الحي وهذه يمكن الحصول عليها من خلال
الأطعمة والاشربة والأنظمة الغذائية المتوازنة وهذا مطلب أساسي للبقاء انما ليس
كافٍ لوحده بل نحتاج ان يرافق ذلك الأفعال المناسبة التي تضمن بقائنا وتقدمنا وهذه
الأفعال حتى تكون نافذة ومحققة لما نريده يجب ان تكون مصنوعة من الوعي الجيد.
يمكن صياغة ذلك بمعادلة:
الحياة
الجيدة= معنى وقيمة عظيمة + طاقة حيوية + أفعال نافعة وصالحة.
الافعال النافعة والصالحة= وعي الحالة النفسية الداخلية +وعي
التمثيلات الذهنية الجيدة.
وفي ابسط تعريف للوعي يمكن ان نقول هو إدراك الكائن الحي لذاته
والبيئة التي يعيش بها.
الوعي هو الوظيفة البيولوجية الحاسمة التي تتيح للكائن ان يعرف
الفرح والسعادة وان يعرف الحزن والبؤس أو يعرف الخير من الشر أو الفخر والاعتزاز
من الذلة والوضاعة .....ألخ.
الوعي هو من يمنحك الطاقة الإيجابية أو الطاقة السلبية بحسب تكوينه
من قبل صاحبه.
الوعي يمثل معرفة الذات والاحساس بالذات وتقديرها وكيفية السيطرة
على الذات وآلية ضبطها وتوجيه أفعالها.
الوعي يتألف من بناء المعرفة حول حقيقتين:
1 – ان الكائن الحي مشترك بالارتباط بشيء ما.
2 – ان الشيء في هذا الارتباط يسبب تغيراً في الكائن الحي.
الوعي جهاز متكامل يؤدي وظائف مختلفة مترابطة مع بعضها البعض،
وبمقدار إدراك الانسان لهذا الوعي فأنه يبدأ بإدارة حياته إدارة منظمة وهادفة
تتبلور في افعاله النهائية فاذا كان الوعي جيد تكون الأفعال جيدة والافعال الجيدة
هي التي تشكل أساس البقاء واستمرارية الحياة البناءة.
وحتى نحصل على أفعال جيدة فإننا نحتاج الى تكوين حالة نفسية داخلية
جيدة والى تمثيلات ذهنية جيدة. يمكن صياغة ذلك بمعادلة:
الأفعال الجيدة = حالة داخلية جيدة + تمثيلات ذهنية جيدة
1- كيف يحصل الانسان على
حالة داخلية جيدة؟ (الحالة النفسية)
الحالة الداخلية تمثل مجموع الملايين من العمليات العصبية التي
تحدث في كل لحظة اثناء معايشتنا لخبرة أو تجربة حياتية ما.
الحالة الداخلية تتكون من الطريقة التي نستخدم فيها فيزيولوجيتنا
والمرتبطة بالغذاء والتنفس والوقفة وطريقة الجلوس والمشي وانحناء اكتافنا وتعابير
وجهنا.
والحالة الداخلية مرتبطة أيضاً بالطريقة التي نفسر بها احداث
الحياة وهذا يمثل توجهنا العام وآرائنا حول ما يحدث والى الحوار الداخلي الذي
نقوله لأنفسنا حول الموقف الراهن وعلى سبيل المثال:
كيف ستتعامل مع شريك حياتك أو محبوبك أو صديقك عندما يغيب عن لقائك
او يقدم أعذار بصورة مستمرة غير مقنعة.
ان طريقة تعاملك مع هذا الموقف مرتبط بحالتك النفسية في تلك اللحظة
وحالتك النفسية مرتبطة بما تقوله لنفسك حول شريكك وتحليلاتك للموقف وهذه كلها
إجراءات تقوم بها داخلياً في رأسك فاذا كانت تلك الإجراءات متسمة بالشك والظن
والحقد والغيرة والتذمر فلا شك بان افعالك ستتسم بالانفعالية والشجار والقسوة.
وعلى العكس إذا كان ما تقوله لنفسك ايجابياً حول شريكك وتحليلاتك تتسم بالموضوعية
واليقين والحب والخوف على من تحب فمما لا شك فيه بأن تلك إجراءات ذهنية قد قمت بها
ستؤدي الى سلوك مختلف وافعال مختلفة يمكن وصفها بالإيجابية.
ان فهم الانسان لألية حدوث الحالة النفسية الداخلية لديه نطلق عليه
وعي.
2-كيف يحصل الانسان على تمثيلات ذهنية جيدة؟
التمثيلات الذهنية هي
مجموعة الصور البصرية والكلامية والذوقية والشمية والحسية التي ننشئها داخليا حول
تجربة ما وهذه الصور تمثل خيارات وسيناريوهات متعددة ونحن نختار عادة بطريقة لا
واعية مع ما يتناسب وتجاربنا السابقة وتراثنا ومعتقداتنا وافكارنا وعاداتنا
وذكرياتنا وبرامجنا العقلية وما نهتم به أكثر من غيره وهذه التصورات هي ستتيح لنا
ابتكار أفعال تتناسب مع هذه الصور
وبالعودة الى مثالنا السابق فمن الممكن ان تنشأ صور في الذهن تصور شريكك ذهنياً في
علاقة مع شخص ما وتبدأ بخيالك بناء تلك الصور السيئة حسب خبرتك وعاداتك السابقة والمعتقدات التي
تعيش بها وبالنتيجة سيتكون لديك فعل يتناسب مع تلك الصور التي أنشأتها ذهنياً فعندما
يحضر شريكك سوف تتصرف بعنف واتهام وغضب وانفعال عالي جداً.
إن فهم الانسان للكيفية التي تنشأ بها الصور ونوعيتها تلعب دوراً
كبيراً في الأفعال. وهذا أيضاً نسميه وعي.
إذاً نلاحظ بان الطاقة والحالة النفسية الداخلية والتمثيلات
الذهنية الجيدة هي التي تنتج أفعال نافعة وصالحة تحافظ على حياتنا وحياة الاخرين
جيدة وعلى الأساس المتين لاستمرار بقائنا ايضاً بحالة جيدة وان من يفعل ذلك كله هو
جهاز الوعي لدينا والذي يجب ان نكون مدركين لآلية عمله حتى نضمن إدارة منظمة
لحياتنا التي يجب أن نعيشها بأفضل ما يكون.
د.أيمن قتلان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق