الأحد، 6 أغسطس 2017

بناء الثقة بالنفس واحترام وتقدير الذات

بناء الثقة بالنفس واحترام وتقدير الذات

 تستمر رحلتنا معاً من أجل تحقيق الحياة الأفضل لأنفسنا ولأسرنا ولمجتمعنا ووطننا، وبعد أن أدركنا حقيقة بناء الشخصية الفعالة والشخصية القوية المنتجة من خلال تكوين عادات وسلوكيات تشير دوماً إلى فعل التمييز والتفوق والنجاح فإننا نمضي قدماً في تحقيق السيطرة على ذاتنا من أجل عملية التغيير الفعلية التي ننشدها وقد أوضحت سابقا بأن التغيير الذي يستند في منهجه على تغيير الأفعال  والسلوك لن يصمد طويلاً في مواجهة ضغوط الحياة ومشكلاتها وبالتالي لن يستمر تحقيق النجاح، إن الذي ننشده معاً هو تغيير يدوم العمر كله تغيير يستند في أساسه على بناء جذور متينة وقوية جذور لا تقتلعها الريح العاتية حتى وإن جاءت تلك الريح محملة بالعواصف فإن الإنسان يتحملها بصبر وشجاعة ويعرف كيف يتعامل معها، دون أن يستسلم لها ويقول هذا هو حظي ونصيبي وهذه هي ظروفي وإمكانياتي، سيعرف الإنسان الذي قرر النجاح والتميز كيف يتعامل مع المشاكل حيث سيجد فرصة جديدة في كل مشكلة يتعرض لها، بينما الشخص الذي لا يمتلك جذوراً قوية، الشخص الذي لم يقرر بعد أن يكون متميزاً وناجحاً، الشخص الفاشل فإنه يرى في كل فرصة مواتية مشكلة حقيقية تعترض مسيرة حياته، حيث نشاهده متذمراً، ساخطاً على هذه الحياة، متردداً، قلقاً، متوتراً، مشوش الفكر، هائماً على وجهه، تتلاطمه الأمواج فهو في كل يوم بحال.

فإن الجذور والأساسات المتينة هي نقطة الارتكاز لكل بناء سليم، فما هي هذه الركائز عند الإنسان التي تحميه وترشده عندما يكون في مأزق؟

ما الذي يساعد الإنسان التائه في الصحراء، ما الذي يساعد السفن والطائرات في مسارها وفي توجهها، لا شك أنك ستقول بأنها البوصلة التي تشير دائماً إلى الاتجاه الصحيح. ما الذي يجعل التفاحة تسقط على الأرض بدل أن ترتفع إلى السماء؟ لا شك أنك ستقول وبكل بساطة إنه قانون الجاذبية الأرضية!!

وعندما نسأل أين تظهر الشمس صباحاً، وأين تختفي مساءاًً، لا شك أيضاً أنك ستقول وبشكل بديهي تظهر صباحاً في الشرق، وتختفي مساءاً في الغرب.

ففي مثالنا الأول اعتمدنا على البوصلة التي تشير إلى الاتجاه الصحيح، وفي المثال الثاني اعتمدنا على القانون الطبيعي المكتشف من العالم نيوتن، وفي المثال الثالث اعتمدنا على البديهة والمسلمات التي لا نزاع حولها على الكرة الأرضية. هل يستطيع أن يجادل أحد في هذه الثوابت البسيطة؟ لا أعتقد حتى تاريخه أحداً سيفعل ذلك.

وكذلك الحال عندما أبدأ منذ هذه اللحظة لأشير عن تلك الركائز المتينة التي سيستند إليها الإنسان عند مسيره في هذه الحياة إنها وبكل بساطة مجموعة المبادئ التي هي المرشد الحقيقي لحياتنا وهي القانون الأصيل على سطح الكرة الأرضية مثل قانون الجاذبية، وهي من البديهيات والمسلمات مثل شروق الشمس وغروبها. فكيف تفعل المبادئ والأخلاق هذا الدور في حياتنا وفي بناء مستقبلنا وفي بناء شخصياتنا، فإنني أقول وبكل ثقة بأن النجاح الحقيقي يأتي إلى الإنسان عندما يتمسك بكل المبادئ والمعايير الأخلاقية والقيمية فما هي هذه المبادئ والقيم؟

إنها نظام معتقداتك الشخصية والفردية، عما هو مهم بالنسبة لك وهو نظام مرشد حول ما هو صح أو خطأ، ما هو حلال أو حرام ما هو خير أو شر، فا المبادئ و القيم هي الأشياء التي نحتاجها بشدة كي نتقدم إلى الأمام، فإن لم يكن لديك مبادئ و قيم واضحة، فلن تشعر بالكمال وتقدير واحترام الذات، ولن تشعر بثقة عالية في النفس. إن السلوك الجيد والأداء المتميز هو ذلك الذي يتوافق مع قيمنا ومبادئنا ومع قيمك ومبادئك الداخلية حيث أنه كلما توافقت حياتك وأعمالك وتصرفاتك مع مبادئك وقيمك  كلما زاد تقديرك لذاتك وكلما زادت ثقتك بنفسك. إن المبادئ و القيم تعتبر ثوابت أساسية تتحكم في التأثير الإنساني وهذه المبادئ تمثل قوانين طبيعية وحقيقية وثابتة وموجودة دون جدال، حيث لا يمكن أن يختلف البشر حولها، إنها مثل قانون الجاذبية الأرضية، إنها تمثل منارات مرشدة لحياتنا وسلوكنا وتوجهاتنا، إنها ليست أفكاراً سرية أو غامضة إنها مبادئ واضحة، ويمكن لأي إنسان أن يتثبت من صحتها، إنها جزء من الوعي الإنساني، و جزءاً من الضمير الإنساني، إنها دليلاً إرشادياً للسلوك الإنساني وهي المحرك الحقيقي والفعال للتغيير طويل الأمد لأن المبادئ و القيم تمثل البوصلة التي تشير إلى الاتجاه الصحيح دائماً فكلما تطابق سلوكنا مع مبادئنا و قيمنا كلما أنتجنا شخصية إنسانية متوازنة ومتجانسة شخصية تتمتع بالتميز والتفوق والنجاح، شخصية تمتلك كل مصادر السعادة والحب والطاقة والتسامح والتعاون والإخلاص إنها حقاً الشخصية المتميزة.

إن المبادئ و القيم تعتبر وبحق ودون أي منازع من أقوى الوسائل والأدوات التي نمتلكها في عمليات التحفيز، لأن المبادئ و القيم تحمل شحنة عاطفية هائلة تدفع الإنسان نحو التميز ونحو العمل الخلاق، وخصوصاً عندما يرتكز السلوك أو الأداء على مجموعة من المبادئ والأسس الواضحة والراسخة في هذه الحياة والتي لا يمكن لاثنين أن يختلفا حولها. وعلى العكس تماماً عندما تفقد تلك المبادئ وتلك القيم فإننا سنبدأ بالدخول في صراع داخلي يزداد قوة كلما يتعارض السلوك مع القيم، وبالتالي سيكون الاحترام والتقدير للذات مفقوداً وعندها سيشعر الإنسان بضعف يتمثل بفقدان الثقة بالنفس.

كيف نبني ثقةً عاليةً بالنفس، واحترام وتقدير للذات عالي؟
 لنتعرف أولا على
 مفهوم الذات: أدرك الإنسان منذ القدم أهمية وقوة مفهوم الذات، وذلك لما له من تأثير بالغ على السلوك الإنساني، حيث يمثل الطريقة أو الكيفية التي تفكر بها في ذاتك وعن نفسك، فالمفهوم يشمل جميع خبراتك الشخصية التي اختزنتها في ذاكرتك والتي تمثل خريطتك الحياتية والتي تبين لك من أنت؟ ومن تكون؟

اما مفهوم احترام وتقدير الذات: فانه يوجد فارق بسيط بالغ الأهمية بين مفهوم الذات وبين احترام وتقدير الذات، ولتوضيح ذلك سأستعين بالمثال التالي:

لنفرض أنك تعتقد في نفسك أنك شخص طيب، إن تعبير الطيبة هو تعبير عام عن جانب أو سمة في سلوكك وأفعالك وهو يشكل جزء من مفهومك عن ذاتك، ثم عندما تطبق قيمك ومبادئك الاخلاقية وتسأل نفسك هل أحب هذه الصفة أم لا، فيمكنك أن تحظى باحترام إيجابي لذاتك إن كانت الإجابة عن هذا السؤال نعم.

إن احترام وتقدير الذات يمثل محصلة تقييمك لنفسك ويمثل محصلة العلامات التي تمنحها لنفسك من مئة علامة فيما تراه بنفسك فعلاً وحقيقة، فإذا تصرفت بطيبة وكنت تقدر قيمة الطيبة فإنك تحس بالرضا عن ذلك حيث يمكن أن تقول بأن لديك تقديراً أو احتراما لذاتك، وأما إن تصرفت بفظاظة وغلظة فسوف تسخط هذا الأمر وتقل درجة احترامك وتقديرك لنفسك.


                                         إن تقدير الذات هو جوهر كل إنسان
 وهو المركز الذي تنبع منه كل أشكال الإبداع والدافعية
 والعمل المثمر.



اما الثقة بالنفس: وهي أن يحظى الشخص بنظرة إيجابية وفي نفس الوقت واقعية حيال نفسه ووضعه، مستنداً بذلك على مفهوم الذات وتقدير واحترام الذات، بمرجعية مستمدة من معايير ومبادئ أساسية ترتكز على القيم والأخلاق ،والثقة بالنفس لا تعني فعل كل شيء، وإنما تعني أنه عند إخفاق الشخص في تحقيقه تطلعاته في بعض الأحيان، فإنه يحتفظ بنظرته الإيجابية وقدرته على استثمار وضعه واستغلاله بأقصى ما يستطيع دعماً من القيم.

أيمن قتلان


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق