كيف تتشكل عاداتنا السلبية؟ وكيف تصبح ادماناً؟
نحن كائنات مدمنة على أشياء كثيرة، وذلك بفعل العادة.
فكل عادة هي بمثابة ادمان، وكل ادمان هو بمثابة عادة.
فعاداتنا هي ادماننا على مادة ما، او نشاط معين، او عملية مكررة.
غاية ادماننا هو الحصول على المتعة المؤقتة والوهمية، التي تصرفنا عن
الواقع ومشاكله، وتحدياته، وتخدر احاسيسنا ومشاعرنا، وتُبعدنا عن فهم حكمة ورسائل
مشاعرنا الحقيقية، وتُلهينا عن احتياجاتنا الحقيقية، وواجباتنا تجاه انفسنا، وتجاه
من هم في رعايتنا، وتجاه عملنا وبيئتنا، وهي تتراوح ما بين(
المخدرات والكحول والقمار والتسوق والانفاق والسفر والطعام والجنس والقهوة والشاي
والمتة والعصائر والمشروبات الغازية والعادات السرية والاثارة الجنسية والعلاقات والألعاب
الالكترونية ووسائط التواصل الاجتماعي ومشاهدة التلفزيون والرياضة والأدوية والعقاقير
والعنف القهري والدين والسياسة).
ما هي أهم أسباب تشكيل عاداتنا وادماننا؟
1 – الشعور بالملل. (عدم وجود اهداف صحيحة في الحياة والعمل).
2 – الشعور بالتوتر والضغط. (زيادة أعباء الحياة والعمل).
3 – الشعور بالإحباط وخيبة الامل. (عدم نجاح مساعينا في الوصول الى ما
نريد).
عندما تواجهك مشكلة او موقف صعب او حالة
نفسية سيئة او مشاعر سلبية، من المفترض إنك سوف تتصرف وفق أحد الخيارين التاليين:
1 – اما ان تقوم بتغيير الظروف المحيطة بك،
والتي أدت الى وجود الحالة النفسية السيئة، والمشاعر السلبية، وذلك بالاعتماد على أسلوب
حل المشكلات، والتفاوض، والتواصل الهادف، والتعاون الإبداعي.
2 – او من خلال تغيير أنفسنا، او تغيير علاقتنا
مع الظروف.
ولسوء حظنا نحن لم نتلق التدريب والتعلم
الكافي حول هذين الخيارين، فنعمد بطريقة غريزية الى التخفيف من وطأة الألم والحالة
النفسية السيئة، والمشاعر السلبية، من خلال اللجوء الى المُلهيات والمشتتات( أنظر
أسفل المقالة عن المُلهيات والمشتتات) والتي هي موضوع العادة والادمان كما تم ذكرهم
سابقا ليعملوا متضامنين او منفردين بالترويح والتنفيس عن المواقف الصعبة والحالات
النفسية السيئة ليقدموا لنا راحة مؤقتة على المدى القصير ومشكلة كبيرة وجديدة على
المدى الطويل، تضاف الى حقيبة مشاكلنا السابقة، انها العادة والادمان،
والتي هي بدورها تسبب لنا المتاعب الجديدة عبر إضافة مشاعر سلبية أخرى تبدء
بالشعور بالذنب والنقص والعار والانعزال والقلق والخوف والوسواس وصولا الى حالة
الكآبة والاكتئاب واليأس.
ان فهم هذه الالية تساهم الى حد كبير في علاج العادات السلبية والادمان.
كيف يتم التغلب على العادات السلبية
والادمان؟
خمس نقاط مهمة لفعل ذلك:
1 – الوعي والفهم للعادة التي ترغب بتغييرها.
افتح سجل وراقب نفسك، وسجل كم مرة تقوم بهذه العادة، وتحت أي ظرف تقوم بها. ماهي
المشاعر المتشكلة قبل وبعد، ماهي الأشياء التي تحاول الهروب منها. استمر على ذلك
لمدة عشرة أيام حتى تصبح واعي بالعادة التي تقوم بها تماما.
2 – اوجد سلوك بديل ايجابي عن العادة التي
ترغب بالتخلي عنها، لتحل محلها، وقم بالتركيز عليها، واستخدمها في كل مرة تجد فيها
عقلك يلح عليك بتنفيذ العادة.
مثلا قم بتمرين رياضي، او قم بالغناء مثلا.
تستطيع ان تجد بديل ملائم وقم بالتركيز عليه، وهذه خطوة مهمة جدا، إذ لا يتغير
السلوك القديم مالم نوجد سلوك جديد يحل محله.
3 – ناقش الفكر الذي يتواجد في الذهن، والذي
يسبق قيامك بالعادة، وقم بالسخرية منه وجداله، قل له لن اسمح لك بعد الان من دعوتي
الى تنفيذ هذه العادة، وقل له انا أصبحت مدرك لماذا تفعل معي هذا، ولن تنجح دعواتك
لي، حاول ان تضحك منه، وقم بهز رأسك الى الأعلى والاسفل وانت تقول انا افهمك
واقدرك انما الان في طريقي الى شيء جديد. استمر في ذلك مع كل مرة يأتي اليك فكر
العادة، كما يمكنك تسجيل هذه الأفكار على سجلك لتناقشها لاحقا بطريقة منطقية
وعقلانية.
4 – قبل ان تبدأ في مكافحة العادة الإدمانية
واستبدالها ضع في عين الاعتبار كل العواقب والخيارات والاحتمالات التي سوف تواجهك،
وكن واعيا بها ومتحملا لها، كأعراض الانسحاب والشعور بالحزن والكآبة، وعليك ان
توجد خيارات مناسبة لمواجهتها من خلال الفهم والصبر وبذل الجهد والتركيز على
النتيجة النهائية والاثار الإيجابية للعملية بأكملها.
5 – قم بتحسين شروط البيئة المحيطة بك والتي
تبعدك عن ممارسة العادة الإدمانية مثلا ابعد الأطعمة السكرية من ثلاجتك وكافة الأطعمة
التي تستهويك، إذا كنت مدمن طعام.
وإذا كنت مدمن وسائط اجتماعية اغلق هاتفك
تماما.
ان نجاحك في ترك العادة الإدمانية متوقف على إدارة
بيئتك.
ان مفتاح نجاحك في القضاء على العادة السلبية
الادمانية يكمن في جهودك ومثابرتك وصبرك واصرارك على تحقيق ما تريد، ابق مستمرا
حتى تتخلص من عاداتك الادمانية، وتذكر ان النصر هو صبر ساعة وما تفعله بصورة
مستمرة وليس ما تفعله بين فترة واخرى.
وفقك الله ورعاك وحماك.
د. أيمن قتلان
ما هي
المُلهيات والمشتتات في الحياة؟ وماهي وظيفتها وغايتها؟
هي عبارة عن إجراءات
وافعال، نقوم من خلالها بإبعاد وصرف انتباهنا وتشتيته، والهاءه عن المواقف الصعبة،
وتحديات الحياة، والحالات النفسية السيئة، والمشاعر السلبية، عبر استخدام مادة ما(
كحول – مخدرات – ادوية – عقاقير – مكيفات) او تفعيل أنشطة تتمثل في( التسوق – العمل
المستمر – الطعام – القمار – الرياضة الادمانية – مشاهدة التلفزيون بصورة مستمرة –
الألعاب الالكترونية – وسائط التواصل الاجتماعي – الطقوس الدينية والأنشطة
السياسية......ألخ) او عمليات تتمثل في( الجنس – والادمان على العادات السرية
والعلاقات – جراحات التجميل المتكررة – الاثارة الجنسية والاستعراض – العنف
القهري).
وظيفة المُلهيات
وغايتها تحقيق الامتاع والراحة الوهمية المؤقتة للهروب من مواجهة مشاكلنا ومشاعرنا
واخطائنا، وكلما فعلنا ذلك، زادت معاناتنا.
أيمن قتلان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق