بناء المشاعر الجيدة
"الشعور الجيد يرفع
من الطاقة الحيوية ويحسن الأداء"
أيمن قتلان
كان الاهتمام في علم النفس لسنوات مضت يتركز حول المشاعر السلبية
والاضطرابات النفسية وكيفية علاجها، وكان هناك تقدم ملحوظ في هذا المجال، وقد حقق
نتائج جيدة جداً، إنما كان ذلك على حساب دراسات كان من المفترض ايلاءها أهمية بنفس
درجة الأهمية المعطاة للنواحي السلبية والاضطرابات، وهي دراسات تكوين الحياة
الصحيحة، وإيجاد المعنى وبناء المشاعر الجيدة، وبناءً على ذلك قام الدكتور مارتن
سليجمان و رفاقه بتأسيس فرع جديد من فروع علم النفس تم إطلاقه باسم علم النفس
الإيجابي الذي يهتم بدراسة أوجه البناء والاقتدار الإنساني وممارسة الأخلاق
والفضائل من اجل تمكين الإنسان والجماعات والمؤسسات لبناء الحياة الأفضل، وكان لهم
من الإسهامات العظيمة بتركيزهم على المشاعر الإيجابية والجيدة وكيفية بنائها ومن
خلال دراساتهم وابحاثهم المستمرة خلال العشرين سنة الماضية توصلوا إلى أن للمشاعر
الإيجابية الجيدة دور هام في بناء الحياة وتحقيق الرفاه والازدهار والسعادة والرضا
للأفراد والمجتمعات والمؤسسات.
إن للمشاعر الإيجابية الجيدة تأثير هام على حماية الصحة وقيادة حياة ذات
معنى، كما أنها تجعل الفرد ذو استجابة أكبر للأحداث اللطيفة والمفيدة التي تزيد من
احتمالات أن يجد الفرد معنى إيجابياً في الاحداث اللاحقة وتجربة مشاعر إيجابية
إضافية.
إن المشاعر هي الطاقة التي تحركنا وتدفعنا، وبناء المشاعر الإيجابية الجيدة
يعني بناء نوعية طاقة عظيمة تدفعنا إلى الامام.
يجب ان يصبح الشعور الجيد والإيجابي وبناءه بصورة مستمرة واجب ومسؤولية
شخصية ومجتمعية لأن الشعور الجيد هو الذي يغير الواقع ويبني المستقبل الأفضل.
ويمكننا ان نضيف أيضاً بأن الاحساس والشعور هما المتحكمان بالبيولوجيا
(الجينات) والكيمياء العصبية وهذان مرتبطان بدرجة ونوعية الاستجابة للشعور بما
يحدث وكيفية الاستجابة للواقع الذي نعيش فيه.
كما ان الدماغ والجسم يطلقان كيمياء عصبية وهرمونية تتناسب مباشرةً مع
نوعية المشاعر التي نعايشها ونستمر بها فحالات الخوف والقلق والغضب تُطلق
الأدرينالين (1) والسيروتونين (2) بينما حالات الفرح والسعادة تُطلق الإندورفين
(3) والدوبامين (4).
(1) الأدرينالين: هرمون الطاقة الذي يجهز الجسم للهجوم أو الهروب ويتسبب في زيادة نبضات
القلب والتعرق وزيادة التروية الدموية ويتم إفرازه في حالات الخوف والهلع والقلق
والغضب.
(2) السيروتونين: ناقل عصبي يساهم بشكل مباشر بالقلق
حيث ينخفض في حالات القلق والتوتر والخوف.
(3) الإندورفين: هرمون السعادة والاسترخاء، يتم
إفرازه نتيجة الشعور الجيد.
(4) الدوبامين: ناقل عصبي يساهم في عملية
السعادة ويعزز عملية الاسترخاء والراحة والمتعة نتيجة الشعور الجيد.
إن المشاعر هي من تُحدث التفاعلات البيوكيميائية التي تربط الدماغ بالجسم
عبر اتصال ذو اتجاهين، وقد أظهرت الأبحاث ان المشاعر تؤثر على كل خلية في الجسم
فإذا كان ما يشعر به أحدنا القلق والإحباط والخوف والوحدة والملل والغضب والشعور
بالذنب فإن ذلك سيؤثر على كيمياء الجسم، كما انه سوف يؤثر على صحتنا وعلاقاتنا
وأدائنا وإدراكنا وفهمنا إنما بطريقة سلبية، وعلى العكس تماماً عندما نكون في حالة
الحب والفرح والدهشة والحيوية، فإن الكيمياء المسيطرة سوف تدعم الكيمياء الحيوية
للجسم بطريقة إيجابية ليكون تأثيرها فعالاً على:
1. توسيع أفاق العقل ومداركنا ورؤيتنا للعالم وفتح مكامن
الإبداع.
2. زيادة المشاركة والمساهمة والنمو.
3. رفع ثقافة التعلم المستمر.
4. بناء مهارات القيادة الإيجابية.
5. تعزيز العلاقات الاجتماعية.
6. تحسين الأداء والسلوك.
7. تعزيز الصحة العامة والصحة النفسية.
8. المساهمة في صناعة الرفاهية والازدهار الشخصي والمجتمعي.
9. الإسهام في علاج المشاعر السلبية.
إن المشاعر تقود الكيمياء الحيوية للجسم كما تقود
الكيمياء الحيوية المشاعر، فهناك علاقة اتصال باتجاهين.
والسؤال الان كيف نبني المشاعر الجيدة الإيجابية، لكي
نساهم في كيمياء حيوية جيدة لدينا؟
يمكننا بناء مشاعرنا الجيدة من خلال الاعتماد على
العناصر التالية والتي يمكن اعتبارها ببساطة مكونات الشعور الجيد، وهي بديلاً عن
الطرق المختصرة لأنها تُكوّن مشاعر حقيقة وليست زائفة، وهي:
1.
تعلم تفسير الأحداث والواقع بطريقة تمنحنا القوة وليس
الاستسلام.
2.
تعلم التفكير الإيجابي وأسلوب التفاؤل والأمل.
3.
بناء وتفعيل القدرات واستخدامها في بناء الحياة الأفضل.
4.
الالتزام بالفضائل وانفاذها في العالم من خلال الممارسة
الحقيقية لها.
5.
تعلم الإنجاز وخلق المعنى والنمو والمساهمة والمشاركة.
وإليكم الأن تفاصيل هذه المكونات التي أدعوكم إلى
تطبيقها فوراً.
1.
تعلم تفسير الاحداث والوقع بطريقة تمنحنا القوة وليس
الاستسلام:
إن السيطرة على عملية تفسير الواقع وتسجيل الأحداث
ومعالجة المدخلات في الحاضر هو عمل يكتسب أهمية قصوى لأن الاعتياد على التفسير
الصحيح في الحاضر سيؤدي إلى تخزين ذلك التفسير في الذاكرة كخبرة جيدة تبعث على
الشعور الجيد، وذلك أفضل من تسجيله كخبرة سيئة في الذاكرة لأن ذلك التسجيل سيولد
مشاعر سيئة، وفي كل مرة يتم استدعاء تلك الأحداث من خلال تذكرها سيولد لدينا
الشعور السيء حسب الرنين العاطفي.
إن الأحداث والظروف مهما كانت مزعجة أو مؤلمة فهي بحد
ذاتها لا تعني شيء إلا من خلال التفسير الذي نقوم به عقلياً للحدث، وعندما نفعل
ذلك نكون قد كونا المشاعر اللبية.
إن كل حدث مهما كان، فنحن من نقوم بتفسيره واضفاء المعنى
عليه، وهذا المعنى هو الذي سيولد المشاعر، فإذا كان المعنى سعيد كانت المشاعر
المرافقة للحدث إيجابية، وعلى العكس إن كان المعنى مزعج فإن المشاعر التي سترافق
الحدث ستكون سلبية.
إن فهمنا للألية التي يتم فيها تسجيل أحداث الواقع
وتفسيرها يجعلنا أكثر تحكماً في السيطرة على الواقع الذي تم بناءه في الذهن
وبالتالي وعلى تكوين المشاعر التي ترافقت مع النموذج الذهني وألا تكون مشاعر
متشائمة وكئيبة.
مثال: توفي والد سعاد عندما كان عمرها ست سنوات حيث قامت
والدتها بالعمل من أجل تربيتها وتعليمها، وعندما كبرت سعاد وقد تبؤت مركزاً
مرموقاً في العمل وفي الحياة وعندما سئلت عن سبب ذلك قالت: ان وفاة والدي المبكرة
في حالة تصميم وإصرار لبناء ذاتي والاعتماد على نفسي وأن أعوض والدتي عذاب وشقاء
ومرارة السنين الماضية وها انا قد نجحت.
أما وفاء فقد توفى والدها وكان عمرها قريب من عمر سعاد
وتقريباً عاشت نفس الظروف التي ترعرعت فيها سعاد، إلا أن نتائج وفاء في العمل
والحياة كانت أدني بكثير مما حصلت عليه سعاد، وعندما تم سؤالها عن ذلك قالت إنني
صُدمت بوفاة والدي المبكرة واضطرار والدتي للعمل فأنا أشعر بأنني فقدت أهم دعائم
حياتي، أنا لم أستطع أن أعيش بدون اب، أه كم أتمنى لو أن والدي موجود معي لكنتُ
أصبحتُ أفضل إنسانة في الكون.
لنلاحظ أن الحادث هو واحد في كلتا الحالتين هو وفاة
الوالد المبكر، والتفسير للحدث مختلف عند سعاد عنه عند وفاء فالأولى اعتبرت حادثة
الوفاة محفزة ودافعة لها بالحياة رغم الأسو والالم، إلا انها لم تشكل لديها مشاعر
التشاؤم والخوف والقلق من المستقبل، بينما نلاحظ الثانية قد اعتبرت الحادثة مثبطة
لنشاطها وحيويتها لما ولد في نفسها مشاعر الحزن المستمر والخسارة الدائمة والخوف
والقلق من المستقبل.
إن تفسيرنا للواقع الفعلي هو مستمد من الدرجة الأولى من
ذواتنا ومن تصوراتنا الشخصية عن العالم، والسؤال الذي يجب أن نسأل أنفسنا به هل
النموذج العقلي والمشاعر المتشكلة بسببه هو نافع لي أم ضار، سيمنحني القوة أم
سيمنحني الضعف والاستسلام، فإذا لم يكن كذلك فهذا حريُّ بي أن أعيد النظر في
نماذجي العقلية التي تتشكل مع كل خبرة وتجربة جديدة ومع نماذجي العقلية السابقة
حتى أضمن بشكل واعي وتفهم حالة المشاعر المرافقة للحدث وبالتالي سلوكياتي الناتجة
عن حالتي الشعورية.
إن كيفية تصورنا للأمور أثناء معايشتنا للواقع يولد
لدينا حالتنا الشعورية وبالتالي سلوكنا، كيف يُمكن أن تعامل زوجك أو صديقك أو
حبيبك إذا جاء متأخراً عن موعده؟
إن ذلك يتوقف على التصورات الذهنية (أي تفسيراتك لما
يحدث) داخل ذهنك عن سبب التأخر، فلربما تقول إنه مهمل أو لا يحترم مواعيده أو غير
مبال قد نسي موعده أو يمكن أن تقول ربما قد أصابه مكروه ما بتعرضه لحادث سير، أو
ربما تقول أن له علاقة سرية مع شخص ما أو شيء ما، بالطبع سيكون هناك تصورات ذهنية
مختلفة وبحسب كل تصور يتكون شعور إما سلبي أو إيجابي ونفس الكلام يمكن أن تعيشهُ
عندما تنتظر عودة الأولاد إلى المنزل أو بالعكس عند مغادرتهم المنزل.
إن نموذجك العقلي وتمثيلك الداخلي لما يحدث هو شيء خاص
بك تستطيع أن تتحكم به بفهم أن الأحداث تأخذ معناها بناءً على تفسيراتنا وبقليل من
التدريب والتعلم تستطيع أن تفعل ذلك مراراً وتكراراً.
وأخيراً أقول أن أحداث حياتك وتصوراتك عن هذه الأحداث هي
ستكون مخرجاتك.
2.
تعلم التفكير الإيجابي وأسلوب التفاؤل والأمل والحوار
الذاتي الإيجابي:
غير أفكارك يتغير عالمك، يا لها من كلمات رائعة،
استخدامها في كل مرة أُمر فيها بأوقات عصبية أو حين أشعر بالإحباط وخيبات الأمل،
كم أكرر هذه الكلمات في رأسي وأبذل جهداً واعياً من أجل الانتباه إلى طبيعة
الأفكار التي تراودني كلما أعيش حالة سلبية فأعمل على تعيينها بدقة ومن ثم فهم
تأثيرها على مشاعري وحالتي المزاجية حيث سرعان ما أستبدلها بأفكار وخيارات أخرى
وكان الأساس لكل ما أعمله في تغيير حالتي الشعورية ينطلق من مفهوم التفكير
الإيجابي وأسلوب التفاؤل والأمل في نمط الحياة، واستخدام التسامح والامتنان والثقة
بالنفس والرضا على الماضي واستدعاء الخبرات العاطفية الجيدة من الذاكرة وصولاً إلى
استخدام التفكير الأمثل في فهم ومعالجة مشاعري وبناء حوار ذاتي إيجابي.
فما هو التفكير الإيجابي وما تأثيره على تكوين المشاعر
الجيدة؟
التفكير الإيجابي هو موقف عقلي وعاطفي، يركز على الجانب
المشرق للحياة ويتوقع حدوث نتائج إيجابية في المستقبل من خلال الاستعداد والتعلم
وبذل الجهد الواعي بالإصرار والمثابرة والعمل الجاد على فهم الأفكار السلبية
وتغييرها من أجل الحياة الأفضل.
إن التفكير الإيجابي هو اتجاه ذهني يهتم بالأفكار والصور
وكلمات الحوار الذاتي الداخلي والمنطوقة إلى الخارج والتي تؤدي إلى الشعور الجيد
والسعادة والرفاه والنمو والنجاح وتوسيع الخيارات وحل المشكلات بعيداً عن الأوهام
وتوقع حدوث الأفضل بالعمل الجاد والإصرار والتصميم والمثابرة واستخدام أسلوب
التفاؤل العام وحديث الذات الإيجابي، التفكير الإيجابي هو طريقة حياة وأسلوب للعمل
الجاد والهادف.
إن أغلب الناس يميلون عادة إلى إبراز السلبيات أكثر من
رؤية الإيجابيات، أي أنهم يرون نصف الكأس الفارغ قبل أن يروا نصف الكأس الممتلئ،
إن التفكير السلبي ظاهرة منتشرة في مجتمعاتنا حيث تتصف عموماً بالانفعالية السلبية
والسلوك الهادم للنمو والتطور والحياة.
وعلى العكس نجد التفكير الإيجابي باني للحياة مُشكلاً
نواة الاقتدار المعرفي في التعامل الفاعل مع قضايا الحياة ومشكلاتها وتحدياتها
والتغلب على محنها وشدائدها.
في كثير من الأحيان تتولد المشاعر السلبية كنتيجة
لأفكارنا ومعتقداتنا وتصوراتنا الخاطئة وحواراتنا الذاتية التي لا تهدأ في تحليل
الأحداث والمواقف ووضع التصورات والافتراضات وتشكيل الردود على الأخرين وعلى
الأحداث، وأيضاً بطريقة خاطئة، والتي في النهاية يكون لها تأثير شديد على مشاعرنا
وصحتنا وحياتنا.
أننا نبني المشاعر السلبية من خلال الكيفية التي نصوغ
بها أفكارنا وحواراتنا الذاتية حول أحداث الحياة التي وقعت في الماضي أو التي تقع
في الحاضر أو التي يمكن أن تقع في المستقبل، فإذا كانت أفكارنا محصورة في الأحداث
السيئة أو في توقعها لأنفسنا أو لأحبتنا فستكون النتيجة حتماً الشعور بالخطر
والقلق والخوف.
وفي المقابل أذا كانت توقعاتنا للأحداث إيجابية فستكون
مشاعرنا مشاعر الفرح والسعادة والابتهاج والمتعة خصوصاً إذا كانت مرتبطة بنمط حياة
عام يعتمد على التفاؤل والأمل.
إن التفاؤل والأمل مرتبطان مع بعضهما البعض ويعززان
بعضهما البعض فالتفاؤل يولد الأمل والأمل يعزز التفاؤل.
التفاؤل والأمل يمثلان القاسم المشترك ونقطة العبور ما
بين التفكير الإيجابي والمشاعر الإيجابية وهما اللذان يعززان النظرة الإيجابية
للذات والتي تعتبر هامة جداً في تكوبن المشاعر الجيدة والإيجابية لأنها تولد الثقة
بالنفس.
إن الشخص ذو الطبع المتفائل يميل إلى إظهار مشاعر
إيجابية من الحماس والحيوية والإثارة والفرح والسعادة والابتهاج والحب مع قدرة على
تفهم المشاعر السلبية والاعتراف بها والعمل على معالجتها، إنه يؤمن بالواقع
الموضوعي من منظور تفكير إيجابي وليس استسلاماً قدرياً وكونه يستوعب هذا الواقع
فإن تأثير المحنة وخيبات الأمل والإحباط سيكون تأثيرها أقل سلبية على منحنى حياته.
وإذا أضفنا إلى التفاؤل والأمل والثقة بالنفس ثلاثة
عناصر تتمثل في التسامح والامتنان واستدعاء الخبرات العاطفية الجيدة فتكون عملية
تكوين المشاعر الجيدة في أفضل صورها وأنقى معانيها.
فالتسامح ينطلق من مسامحة النفس والأخرين من أجل الوصول
إلى حالة الحب اللا مشروط واستبدال الحزن بالمرح وتبديل العذاب بالسلام وإحلال
السعادة بديلاً عن الغضب.
التسامح يحررنا من أشياء كثيرة فهو يخمد معاركنا
الداخلية مع أنفسنا ويتيح لنا فرصة التوقف عن استحضار الغضب واللوم والخوف والقلق
والإحباط ففي النتيجة نحن مسؤولون عن سعادتنا، بينما الامتنان والشكر فله تأثير
كبير على تكوين مشاعرك الجيدة من خلال تقليل المشاعر السلبية وتعزيز ذكرياتنا
الإيجابية كما يرتبط الامتنان بالتفاؤل والذي بدوره يجعلنا أكثر سعادة وأكثر
رفاهية لقيمة ما هو موجود بين أيدينا.
أن الاعتياد على ممارسة الامتنان والشكر والتقدير بشكل
يومي للنعم التي نمتلكها وما أكثرها هي المفتاح لتعزيز المشاعر الإيجابية والتي
بدورها تسهم بالشعور العام بالرفاه والسعادة.
يمكن لكل منا أن
يقوم بالامتنان والشكر اليومي من خلال إنشاء سجل ندون فيه يومياً امتناننا حول
التجارب الجيدة التي نعيشها وعن النعم الممنوحة لنا، إن تسجيل التجارب الإيجابية
بشكل يومي يعزز مستويات اليقظة والحماس والعزم والانتباه والطاقة والشعور الجيد
حيث أظهرت البحوث التجريبية أن ممارسة الامتنان والشكر والتقدير لمدة أسبوعين
متتالين كان له أثار إيجابية امتدت حتى ستة أشهر لاحقة، فما بالك إذا قمت بذلك
بصورة مستمرة ومنتظمة.
((لئن شكرتم لأزيدنكم))
((وبالشكر تدوم النعم))
وأخيراً إن استدعاء الخبرات الإيجابية والذكريات السعيدة
من ذكريات الماضي يعمل على تكوين وتعزيز مشاعر جيدة في الحاضر وأن ممارسة منتظمة
تركز فيها على خبراتك الجيدة يُعد استثماراً واعياً وعظيماً في تكوين المشاعر
الإيجابية.
أن ازدياد المشاعر الإيجابية يعزز من وجود المشاعر
الإيجابية ويزيد من فرص وجودها، إن العمل الجاد على التفكير الإيجابي وحوار الذات
الإيجابي وبناء الثقة بالنفس وامتلاك التفاؤل والأمل والممارسة اليومية المنتظمة
للتسامح والامتنان والشكر والتقدير واستدعاء الخبرات العاطفية الجيدة يشكلون عملاً
منتظماً لبناء المشاعر الجيدة.
3.
بناء وتفعيل القدرات واستخدامها في بناء الحياة الأفضل:
أن القدرات تشكل قوة والقوة تمنح الثقة بالنفس والثقة
بالنفس تحقق الإنجازات والنتائج من الأهداف المخططة، وعندما يحصل ذلك شعوراً جيداً
بالثقة والجدارة ينمو ليكون بذلك متجاوزاً الشعور بالنقص وعدم الكفاءة، وكذلك
أيضاً فإن الثقة والجدارة تمنحانك القدرة على تجاوز المحن والصعوبات وإدارة ضغوط
الحياة والإجهاد أي أنها تقضي على المشاعر السلبية أو تساعد في فهمها والتعامل
معها والتقليل منها.
وإن شعوراً جيداً يتكون أيضاً عندما تضع مهاراتك في
تحقيق الأهداف العامة والشخصية متجاوزاً بذلك الشعور بالإحباط نتيجة الفشل إلى
الشعور بالفرح نتيجة النجاح في تحقيق الأهداف.
إن الممارسة الناجحة لقوانا الذاتية على الواقع وتحويله
للصالح العام ولصالحنا الشخصي يمنحنا المزيد من الشعور بالسعادة والرضا والفرح
ويزيد من قدرتنا على مواجهة الصعاب والتحديات وحتى الهزائم التي يمكن أن نمتنى بها
نستطيع ان ننهض منها بالعزيمة والمثابرة والإصرار.
كل إنسان يمتلك قدرات أربعة أساسية يستطيع أن يشتغل
عليها بالتدريب والتعلم، وهي:
1.
القدرة الروحية (الذكاء الروحي):
إن القدرة الروحية تمثل القدرة المركزية والأهم من بين القدرات الأخرى
لأنها هي التي تقود تلك القدرات.
تمثل القدرة الروحية سعينا نحو المعنى وتحقيق الاتصال مع الله عزوجل بتقريب
الصفات إلى الصفات، القدرة الروحية تساعدنا على إدراك المبادئ الصحيحة التي هي جزء
من ضمائرنا التي تعمل من أجل الخير والحق والعدل والحرية والسلام والجمال والصح
والإيثار والتضحية والتماسك والإيمان بقضية تعتبر أكبر من قضايانا الشخصية وهي
التي تعطي المعنى لوجودنا.
القدرة الروحية هي الجوهر الذي يجعل منا بشراً متفاعلين مع بعضنا البعض
ومتجاوزين لمصالحنا الشخصية من اجل رفاهيتنا وسعادتنا المشتركة.
إن الأشخاص المنفتحون نحو روحهم يشعرون بالسلام والأمان والاستقرار، بينما
الأشخاص الذين لديهم فجوة في روحهم يتولد لديهم الشعور بالقلق والخوف الذي يصبح
مدمراً للذات.
2. القدرة العاطفية (الذكاء العاطفي أو الذكاء الاجتماعي):
إن القدرة العاطفية او ما يعرف بالذكاء العاطفي والذكاء
الاجتماعي يتمثل بمعرفة الإنسان بذاته، وإدراكه لمشاعره، وقدرته على الإحساس
الاجتماعي وعلى التعاطف والتواصل مع الأخرين وبناء العلاقات الإيجابية بنجاح، إنه
شعور بالتوقيت المناسب للتصرف الاجتماعي المناسب.
إنه قدرة على امتلاك الإنسان الشجاعة للاعتراف بنقاط
ضعفه وللتعبير عن اختلافاته مع الأخرين واحترام هذه الاختلافات.
أن التعبير عن المشاعر أمر جوهري للعلاقات السليمة،
فالألفة تنمو بتشارك الأحاسيس، والألفة هي إحدى أعظم مباهج الحياة.
إن العاطفة لا تكذب، وإنما تدل على حقيقتنا، وعندما
نتشارك حقيقتنا مع شخص ما، نشعر بالثقة وبأننا قريبون منه، وعندما نفهم آلية عمل
الأحاسيس والمشاعر تتحسن علاقاتنا ونتائجنا وحيويتنا ونشاطنا، كما قلت سابقاً ليس هناك أحاسيس سيئة أو أحاسيس سلبية،
إنما جميع الأحاسيس لها غاية ومعنى ورسائل ومعلومات ترغب بنقلها إلى العقل ليقوم
بتعديل مساره واتجاهاته وبالتالي التغيير في السلوك والتصرفات.
إذا لم نعبر عن أحاسيسنا ومشاعرنا، فإنها تتحول إلى
أليات دفاعية تتسبب في توليد مشاعر أخرى لا ننتبه لها فتسبب الأذى لنا في عقولنا
واجسادنا، إن الحالات الدفاعية هي في الواقع مشاعر لم يجر الإفصاح عنها، والأمثلة
على ذلك:
الغضب يصبح اكتئاباً.
الخوف يصبح هروباً.
الذنب يصبح عاراً.
الحزن يصبح مرضاً.
لاحظوا الشكل التالي
إن تعزيز القوة العاطفية سيزيد تماماً من قدراتك
الاجتماعية ومهاراتك الاتصالية على مستوى الأسرة والعمل والمجتمع.
إن جميع العلاقات الإيجابية السعيدة تتضمن الثقة
والمصداقية والأمانة والاحترام والتشجيع والتسامح والحب والتعاطف والتشارك
المتبادل في الأحاسيس والاستمتاع والفرح.
3.
القدرة العقلية (الذكاء العقلي):
إن العقل السليم هو أمر ضروري لعيش حياة نابضة وفاعلة
والقدرة العقلية تتمثل بالقدرة على التفكير المفيد وتنظيم الأفكار واستخدامها
والقدرة على التعلم والاستفادة من هذا التعلم، كما أنها تتمثل في القدرة على حل
المشكلات واتخاذ القرارات، واستخدام المنطق الجيد والاستدلال والاستنتاج، كما أنها
تشمل القدرة على التركيز والانتباه والتذكر والقيام بوضع الأهداف الصحيحة ووضع
الخطط السليمة والقيام بعمليات التحليل والتركيب والعصف الذهني والتفكير المجرد،
وفهم الأفكار المعقدة والتعلم بسرعة والتعلم من التجربة وفهم معنى الأشياء ومعرفة
ما يجب القيام به واستخدام المبادئ الطبيعية والقيم لصناعة الحياة الأفضل، واخيراً
القدرة على تحويل المعلومات إلى معرفة نافعة من خلال تفاعلها مع العقل مع الالتزام
الكامل بمضامين الجودة وتحسين الأداء.
4.
القدرة الجسدية (الذكاء الجسدي):
أجسادنا هي الدعامة الأساسية للصحة والقوة والتحمل
والجمال والرشاقة واللياقة والمرونة والإدراك الحسي والاكتفاء الجنسي، وهناك عناصر
عدة تتجمع معاً لتولد قوتك الجسدية من صحة جيدة وجسد فاعل ومفيد ومظهر شخصي حسن
وطبيعة حسية وجنسية سليمة وأداء مناسب.
وعلى ذلك فإن الذكاء الجسدي يتمثل بالقدرة على صناعة
وتوليد الطاقة الجسدية المصدر الأساسي للوقود الذي يبث الحركة والنشاط والحيوية في
الجسم والذي يكون لها عظيم الأثر على أدائنا.
وفي الأساس الطاقة الجسدية تُستمد من التفاعل بين
الأوكسجين والجلوكوز حيث يعتمد حجم احتياطي طاقتنا على أنماط تنفسنا والاطعمة التي
نتناولها ومتى نتناولها، وقدر وجودة النوم الذي نحصل عليه، ودرجة حصولنا على راحة
من وقت لأخر خلال اليوم ودرجة لياقتنا ومرونتنا وتحقيق اتزان ايقاعي بين الطاقة
الجسدية المبذولة والتعافي الذي يضمن ان يظل مستوى احتياطي الطاقة لدينا ثابتاً.
1.
التنفس العميق والسلس الذي يعتمد على زفير أطول من
الشهيق يمد الجسم بالطاقة ويمنحه اليقظة والتركيز وكذلك الاسترخاء والسكون
والهدوء.
2.
الغذاء الصحي وهو المصدر الحيوي الثاني للطاقة الجسدية،
فعندما تكون المعدة خاوية يصعب أن نفكر في شيء أخر سوى الطعام.
إن برنامجاً غذائياً صحياً منخفض المؤشر الجلايسيمي
والذي يقيس سرعة إفراز السكر الموجود في الأطعمة يُعتبر من أفضل أنواع البرامج
الغذائية التي تمد الجسم بالطاقة والقوة.
إن تناول خمس وجبات منخفضة السعرات الحرارية وعالية
القيمة الغذائية يكفل حصولنا على شحنة من الطاقة المفيدة لحيوية الجسم ونشاطه.
3.
شرب الماء الكافي لأن نقص الماء يضعف العضلات ويخفض
التركيز والاتساق وأن كمية المياه الكافية تتراوح ما بين 2 ليتر ماء إلى 4 ليتر
وأحياناً تصل إلى خمسة ليترات من الماء حسب وزن الجسم.
4.
النوم الجيد مهم جداً للأداء المتميز والشعور الجيد، فمن
خلال النوم تحدث عمليات النمو والإصلاح والمدة المناسبة للنوم تتراوح ما بين سبع
إلى ثمان ساعات يومياً/ مع ضرورة الذهاب إلى النوم مبكراً والاستيقاظ مبكراً.
5.
ممارسة الرياضة لمدة لا تقل عن ثلاثين دقيقة يومياً
باستخدام التمارين الرياضية والمشي والجري وإجراء تدريبات القوة من أجل التعويض عن
فقدان العضلات الذي يعتبر مسؤولاً عن كل من الضعف ونقص الحيوية، يجب أن يتناول
التمرين الرياضي كافة أجزاء الجسم من الكتفين والظهر والصدر، وعضلات اليدين
والساقين.
6.
النظافة الشخصية وهي واحدة من أكثر الطرق فعالية لحماية
أنفسنا والأخرين من الأمراض، فالنظافة الشخصية المنتظمة تبقي الجلد والأظافر
والشعر واللثة والأسنان بحالة جيدة تمنع العدوى عنهم.
النظافة الشخصية الجيدة تجعل الشخص يشعر بمزيد من الراحة
والاسترخاء وبمزيد من الرفاه الجسدي والعاطفي وذلك بإتباع بغسل اليدين قبل وبعد
الطعام وبعد الخروج من المرحاض، العمل على تنظيف الأعضاء التناسلية بشكل يومي،
القيام بالاستحمام مرتين على الأقل في الأسبوع، واستخدام الدوش السريع كلما قضت
الحاجة إلى ذلك، وبالطبع لا ننسى تفريش الأسنان مرتين في اليوم وغسيل الوجه
يومياً.
7.
الاسترخاء والتأمل: إن ممارسة الممارسة المنظمة لعمليتي
الاسترخاء والتأمل تحققان الشعور بالراحة وتساعد على إفراز هرمون السعادة
(إندروفين) وإطلاق الدوبامين في الدماغ حيث يعملان على تخفيض موجات الدماغ إلى
مرحلة ألفا.
إن الممارسة اليومية لمدة عشرين دقيقة بعد يوم عمل تكون
مناسبة لتعزيز حالة الهدوء الداخلي والسكينة والاتزان، وهناك العديد من التقنيات
في عمليتي الاسترخاء والتأمل يمكنك اعتماد إحداهم من المصادر الموثوقة في هذا
المجال.
8.
ممارسة التنويم الإيحائي الذاتي: وهو عبارة عن استرخاء
عميق من خلاله تنخفض موجات الدماغ إلى مرحلة ثيتا والقيام بإجراء تأكيدات إيجابية
على ذاتك مع إنشاء تصورات إيجابية.
أن التنويم الذاتي عملية تحدث بشكل طبيعي يومياً وهي جزء
من الواقع اليومي فجلوسك أمام التلفاز وأنت تتابع فيلم يعتبر عملية تنويم، وحالات
الشرود الذهني، والحوارات الذاتية تعتبر حالات من التنويم.
إن إدراك العملية بشكل علمي يجعلك تستخدمها بوعي وإرادة
لخلق الشعور الذي تُريده من خلال التركيز عليه والقيام بعملية التنفس العميق،
وسيكون لنا وقفة لاحقة لتعلم تقنيات التنويم الذاتي والاستفادة منها في توليد
المشاعر المرغوبة، إن التنويم الإيحائي الذاتي تقنية بسيطة يمكن لأي إنسان تعلمها
والاستفادة منها.
9.
الرحلات الترفيهية الجماعية: إن المناظر الجميلة والهواء
النقي والأصوات والروائح في الطبيعة والمترافقة مع صحبة من الأصدقاء الجيدين تعمل
على تجديد الحيوية والنشاط وتعديل المزاج والتخفيف من الإجهاد والقلق وإدخال
البهجة والسرور إلى النفس وتمتين العلاقات الأسرية والاجتماعية التي تضيف إلينا
مشاعر السعادة ويعزز لنا الصحة العامة.
10.
الابتسامة: تعتبر الابتسامة من أكثر تعابير الوجه أهمية
في توليد الشعور الجيد من خلال تحريك عضلات الوجه التي تسمح بتدفق كمية أكبر من
الدم إلى الدماغ التي تعمل على تبريد الدماغ كما تساعد على إطلاق هرمونات السعادة
التي تعمل مباشرةً على تعديل المزاج وبدأ الشعور الطيب.
تشير الأبحاث عموماً إلى ان ارتفاع درجة حرارة الدم في
الدماغ تَتَسبب في المشاعر غير السارة، بينما حصول التبريد في دم الدماغ يؤدي إلى
مشاعر طيبة وهذا ما تفعله الابتسامة بالضبط، الابتسامة تقلل من الإجهاد الذي يشعر
به جسمك وعقلك.
1.
الالتزام بالفضائل وانفاذها بالعالم:
عندما يخطأ البائع معك ويعيد لك زيادة عما هو حق لك يحصل صراع بين أن تضع
هذه الزيادة في جيبك وتسكت عنها، أو تقوم بإعادتها إلى البائع.
عندما تعيدها تشعر بذلك الشعور العظيم لأنك مارست الفضيلة.
فالصدق قيمة والفضيلة التصرف بصدق لتكون صادق.
والكرم قيمة والفضيلة التصرف بكرم لتكون كريم.
والأمانة قيمة والفضيلة التصرف بأمانة لتكون أمين.
الشجاعة قيمة والفضيلة التصرف بشجاعة لتكون شجاع.
النزاهة قيمة والفضيلة التصرف بنزاهة لتكون نزيه.
الاستقامة قيمة والفضيلة التصرف باستقامة لكون مستقيم.
إن ممارسة الفضيلة يمنحك سمعة أخلاقية طيبة تشعرك
بالشعور الجيد وهذه هي صفات الشخصية الطيبة الخيرة بينما صفات الشخصية السيئة عادة
ما تتسم بالرذائل والشر والتي يتولد عنها مشاعر غير جيدة.
إن جميع الأديان والثقافات والتقاليد في جميع أنحاء
العالم متفقين على ستة فضائل شاملة وقد تم تحديدها علمياً بعد الدراسة العميقة
والمطولة لكافة الأديان والثقافات في العالم، وهي:
1.
الحكمة والمعرفة والتعلم، وتشمل (الفضول، الرأي
والتقدير، الإبداع).
2.
الرحمة والإنسانية، وتشمل (الطيبة والكرم، ومنح الحب
وتلقيه، والإحسان).
3.
العدل والإنصاف، وتشمل (الإنصاف والخدمة والقيادة
والصدق).
4.
الشجاعة والإيثار، وتشمل (المثابرة والإصرار والعزيمة).
5.
الاعتدال والاستقامة، وتشمل (ضبط النفس، التواضع،
الحصانة والتعقل).
6. السمو والرفعة، وتشمل (الجمال والتمييز والامتنان والأمل
والتفاؤل والإحساس بالمعنى والتسامح والحماس وروح الدعابة).
2.
تعلم الإنجاز والإتقان وخلق المعنى والنمو والمساهمة
والمشاركة:
إن بداية الإنجاز تكون من خلق المعنى للحياة التي نعيشها
والارتباط بهذا المعنى ليصبح هذا المعنى جزء من حياتك اليومية والمعنى لحياتك يكون
بالارتباط بهدف سامي كبير تنتمي إليه وهو أكبر من مصالحك الشخصية والذي سوف يخلد
ذكراك بعد رحيلك، إن إيجاد المعنى لحياتك يكون مرتبط بترك البصمة والأثر في
الحياة، فأنت لا تريد أن تغادر الحياة دون أن يكون لك أفعالاً وأعمالاً وأفكاراً
تمثل قيمة عظيمة لك وللأخرين.
إن إيجاد المعنى لحياتك والعمل بمقتضاه يولد إحساساً
وشعوراً جيداً وإيجابياً، والمثال على ذلك الأم تيريزا التي نذرت نفسها لخدمة
الفقراء والمحتاجين والضعفاء، فما هو المعنى لحياتك الذي سوف يخلق لك ذلك الشعور
العظيم.
ومع المعنى الخاص لحياتك سوف تنتقل إلى النمو والمتمثل
في جعل نفسك بحالة أفضل مما كانت عليه الأمس، إن العمل على نمو ذاتك والعناية بها
يمنحك شعوراً جيداً بصورة مستمرة يزداد قوة بالمساهمة التي تقوم بها من خلال إيجاد
الوسائل التي تجعل حياة الأخرين أفضل، فأنت تنمو ذاتياً لكي تصبح حياتك أفضل كما
أنك تساعد الأخرين لكي ينمون لكي تصبح حياتهم أفضل.
إن الأداة التي ترفع مشاعر المعنى والنمو والمساهمة نحو
الأعلى وتزيد من فعاليتها هي المشاركة والاندماج بكافة الاعمال التي تقوم بها
لتصبح مستغرقاً بها من خلال الشغف والحماسة والاهتمام الشديد والاستمتاع بما تقوم
به، فذلك يولد شعوراً عظيماً بسبب قيامنا بأعمالنا إلى ما وراء حدودنا في جهد طوعي
لإنجاز الأشياء وفق قيمنا ومبادئنا، وهذا بدوره كفيلاً بمنحنا شعوراً طيباً بالفخر
والسعادة يزداد قوة عندما يكون ما نقوم به يحقق الإنجازات والنتائج للأهداف التي
تم تخطيطها على المستوى الشخصي والمستوى العام كأهداف قريبة الأجل أ بعيدة الأجل.
إن الأشخاص أصحاب الإنتاجية العالية يتولد لديهم إحساساً
إيجابياً وشعوراً طيباً نتيجة ما يحققونه من إنجازات تساعدهم على النمو والمساهمة
وخلق المعنى والمشاركة إنه إحساس الفخر والسعادة والفرح والسرور.
إن بناء المشاعر الجيدة بوعي وجهد مقصود وفق المكونات
التي تم ذكرها تجعل الأفراد بصورة مستمرة على إيجاد معنى موضوعي وإيجابي في كل
الأحداث التي يتعرضون لها، وفي كل مرة تبني شعوراً جيداً وإيجابياً فإنك تعزز
مشاعر إيجابية أخرى كما أنك تكون قد ساهمت فعلياً في تخفيض المشاعر السلبية لديك.
إن المعرفة وحدها لا تمثل قوة ما لم تترافق بالتنفيذ
لاكتساب الطاقة الخاصة بنا واكتساب السيطرة على كيف نشعر؟ وماذا نفعل؟ وهذا ما
سيكون في الفصل القادم مع الشفاء والتدريب الذاتي.
د. أيمن قتلان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق