إن الحياة مليئة بالتحديات اليومية، وعادة ما تجد
أجسادنا وعقولنا طريقة ما للتعامل مع الأحداث والظروف التي تقع في طريقنا، ولكن
عندما تصبح هذه التحديات أكبر من قدراتنا بشكل قوي وغير محتمل، فإنها تشكل عامل ضغط
على صحتنا وأدائنا وسلوكنا، مسببة بذلك شعورنا بالإجهاد والتوتر.
لقد أصبح الإجهاد جزء طبيعي من الحياة اليومية التي لا
يمكن الهروب منه، ومع ذلك فإنه من المهم لنا أن نفهم طبيعية الإجهاد وكيفية نشوئه،
وكيفية التعامل معه، للحد من المخاطر المحتملة التي ترافق مشاعر الإجهاد المزمن
والعارض.
إن الإجهاد هو عملية تحدث لنا، فنحن نشعر بالتوتر
والإجهاد عندما يكون هناك خلل بين المطالب التي يتم فرضها علينا وبين الإمكانيات
والموارد والقدرات التي نمتلكها من أجل التعامل مع هذه المطالب.
إن مستوى ومدى التوتر والإجهاد الذي يشعر به الشخص يعتمد
على حد كبير على موفقه وطريقة تفسيره للأحداث والظروف التي تظهر في يوميات حياته.
الإجهاد ليس دائماً أمراً سيئاً، فهناك بعض الناس الذين
يتطورون وينمون ويزدهرون بفعل التوتر الذي يدفعهم ويحفزهم إلى انجاز الأمور، وهناك
البعض الذين يصابون بالقلق والاكتئاب والتراجع في الأداء نتيجة شعورهم بالإجهاد
والتوتر.
لقد أصبح الإجهاد والتوتر والضغط من التعبيرات المألوفة
لغالبية الناس فكثيراً ما تسمع الناس يقولون: أنا أشعر بالإجهاد، أنا مضغوط، أنا
متوتر ومشدود.
من الصعب تحديد الإجهاد لأنه يعني اشياء مختلفة لأشخاص
مختلفين، ومع ذلك من الواضح أن معظم التوتر هو شعور سلبي أكثر منه شعوراً إيجابياً،
أنه صوت داخلي يقول: أنا أشعر بأنني مطالب بأشياء كثيرة للقيام بها، تفوق قدراتي
وإمكانياتي.
يبدو أن الإجهاد قد أصبح أمراً لا مفر منه في حياتنا
المليئة بالتحديات والمشاغل والظروف الصعبة، وعلينا مواجهة ذلك، كي نحمي أنفسنا من
الإضرار والأثار السلبية الناجمة عن تعرضنا للإجهاد المستمر، أو الذي يأتي إلينا
من وقت لأخر.
قد تشعر بالإجهاد البدني نتيجة للكثير مما يجب القيام
به، أو قلة ما يجب القيام به، أو عدم كفاية النوم، أو نتيجة نظام غذائي رديء، أو
وجود مرض ما.
كما يمكن أن
يكون الإجهاد عقلياً عندما تتعلق بشأن المال والأعمال، أو مرض أحد الأحباء، أو التقاعد،
أو تجربة حدث مدمر عاطفياً مثل وفاة أحد الزوجين، أو الطرد من العمل، أو المشاكل
في العمل.
إن الكثير من إجهادنا يأتي من المسؤوليات اليومية
الروتينية التي تكون غير واضحة لنا على أنها من المسببات الرئيسية مما نشعر به من
توتر وضغط نفسي وجسدي وعقلي، حيث يتعامل جسدنا بشكل مباشر معها وبشكل تلقائي عبر
زيادة ضغط الدم، ومعدل ضربات القلب، والتنفس، والتمثيل الغذائي، وتدفق الدم إلى
العضلات.
تهدف كل هذه الاستجابات إلى مساعدة جسمك على التكيف
بسرعة وفعالية مع المواقف والتحديات والظروف، وعندما تتفاعل باستمرار مع المواقف
المجهدة دون إجراء تعديلات لمواجهة التأثيرات، فإنك سوف تشعر بالتوتر والإجهاد
الذي يمكن أن يهدد صحتك ورفاهيتك.
إن الإجهاد هو رد فعل واستجابة إنسانية متوقعة للتعامل
مع المواقف الصعبة أو الخطيرة، قد تطورت تلك الاستجابة عند البشر مع مرور الوقت
لتكون قادرة على تجربة مجموعة من الضغوطات والتعافي منها.
إن كمية صغيرة من التوتر مفيدة لزيادة اليقظة والاستعداد
والتحفيز للأعمال ورفع الطاقة الإنتاجية، وإن نقص التوتر إلى حد معين يمكن أن يؤدي
إلى انخفاض الحافز والأداء، فعلى سبيل المثال أنت تمتلك مهارات وقدرات كبيرة في حل
المشكلات واتخاذ القرارات والتخطيط الاستراتيجي، يتم تعينك في وظيفة إدارية أقل
بكثير من مستوى قدراتك ومهاراتك، حيث تكون التحديات أقل بكثير من القدرات
والمهارات، مما يؤدي إلى الشعور بالإجهاد والتوتر. الذي يؤدي إلى انخفاض الحافز
والأداء.
هو ضغط نفسي تشعر من خلاله بأنك واقع تحت ضغط عقلي، أو عاطفي أكثر من
اللازم. يتحول الضغط إلى إجهاد عندما تشعر بعدم القدرة على التأقلم والتكيف، وعندما
تصبح المطالب أكبر أو أقل من القدرات والمهارات التي تمتلكها.
وللناس طرق
مختلفة للتفاعل والتعامل مع الإجهاد، لذا فإن الوضع الذي يُشعر بالضغط لشخص ما قد
يكون محفزاً لشخص أخر.
يمكن للعديد
من مطالب الحياة أن تسبب الإجهاد، مطالب الأسرة، ومطالب العمل، والعلاقات،
والمشاكل المادية، وعندما تشعر بالتوتر فإنه سوف يؤثر على كل شيء تقوم به، حيث
يمكن أن يؤثر الإجهاد على مشاعرك وتفكيرك وسلوكك وكيف يعمل جسمك.
يعاني
العديد منا من الإجهاد بشكل يومي، سواء كان ناتجاً عن حركة المرور، أو عبء عمل
ثقيل، أو صعوبة في علاقات العمل، أو الأخبار غير السارة، وتكمن المشكلة في الإجهاد
في حال استمراره بدون ضابط أو علاج، فقد يؤثر ذلك على إنتاجيتنا والأسوأ من ذلك
على صحتنا.
الإجهاد
يعيقك في جوانب الحياة، إنه يضعف نظام المناعة لديك، ويؤذي علاقاتك الشخصية، ويقلل
من قدراتك على اتخاذ القرارات العقلانية، ويضعف من أدائك للمهام والواجبات.
إن الإجهاد
ليس بشيئاً عقلانياً (أنه شعور غير عقلاني)، وبإمكانك التغلب عليه من خلال إدارته
وجعله أداة قوية تعمل لصالحك بدل الاستنزاف من طاقتك وقدرتك.
يتمثل الإجهاد بالاستجابة الجسدية والعقلية كنتيجة
لزيادة المطالب التي تفوق قدراتنا، وفي كلا الحالتين فإننا نقوم بردود أفعال على
ذلك، إما بالمواجهة والتصدي وإيجاد الحلول المناسبة، أو من خلال الهروب واتباع
أساليب الإلهاء المتمثلة بالطعام والمخدرات والكحول والجنس والألعاب الإلكترونية.
إن فهمنا لحقيقة الإجهاد وأسبابه وأثاره يجعلنا نتعامل
بطريقة صحيحة، لنتجنب حالات الغضب والإحباط والخوف والقلق والشك الذاتي، والذعر،
واليأس، والإحساس بعدم الكفاءة، وعدم الأمان، والتعاسة، والاكتئاب.
ليس كل الإجهاد هو سيء، فهناك الإجهاد الإيجابي الذي
يجعلنا نقدم على أعمالنا بحماس وشغف، فنحن نحتاج إلى قدر من الضغط الصحي الذي
يمنحنا الإثارة الفيزيولوجية لبدء حياتنا بنشاط وهمة وحيوية، فالقليل من الادرينالين
(1) مفيد لحيوية الجسم واستعداده لمواجهة التحديات، إنما الكثير من الادرينالين في
الجسم الذي ينجم عن استمرار الضغوط غير المعالجة يؤدي إلى أثار ومشاكل صحية لا
يحمد عقباها.
يساعدنا الضغط
التكيفي على مواجهة تحديات الحياة، عبر القليل من الادرينالين الذي يمنحنا الكثير
من الطاقة واليقظة والتركيز والإبداع، بينما الإجهاد السلبي الذي يحدث عندما تنهار
قدراتنا على التعامل مع متطلبات الحياة، وإذا لم نقم بالتخلص من المواد الكيميائية
التي تسبب الإجهاد وطردها من الدم من خلال النشاط البدني على سبيل المثال، فإنها
سوف تبقى عالقة في دمائنا مما يمنعنا من الاسترخاء في نهاية المطاف، حيث يؤدي ذلك
إلى حالة دائمة من الإجهاد والتوتر والقلق والخوف.
للإجهاد والتوتر أسباب متعددة منها ما هو داخلي ناشئ
بسبب المشاعر غير الراضية. ومنها ما هو خارجي مرتبط بالظروف والتحديات والمواقف
التي نعايشها في الحياة على مستوى الاسرة والعمل والعلاقات والصحة والمال.
من المهم أن تكون منصت ومصغي إلى مشاعرك عند حدوث الضغط،
ثم تسأل نفسك ما الذي يحدث في حياتي؟ ما سبب هذا الإجهاد؟ وإذا لم تتمكن من معرفة
السبب أو مجموعة الأسباب التي أدت بك إلى الإجهاد، فإنك سوف تواجه الإجهاد دون فهم
ما يمكنك القيام به من أجل تخفيف الضغط الذي تتعرض له والذي أدى إلى إجهادك.
إن الإجهاد هو مجرد شكل أخر من أشكال الخوف على شاكلة
أنني أخشى أن يحدث شيء سيء، إذا لم تسر الأمور معي بشكل جيد.
إن الإجهاد يحفزك على القيام بما يجب القيام به، من أجل
تقليل الضغط الواقع عليك. مثل إيجاد طرق لتخفيف التزاماتك ومسؤولياتك أو الحد
منها، أو في إجراء بحث عن الموارد المتاحة وكيفية الاستفادة منها، أو يمكن أن تقوم
بتطوير مهاراتك وقدراتك لمواجهة التحديات المستمرة على مستوى الأسرة والعمل والوضع
الاقتصادي والوضع الاجتماعي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الادرينالين: هرمون يتم انتاجه في الغدد الكظرية وبعض الخلايا العصبية
في الجهاز العصبي المركزي، وهو هرمون التوتر والإجهاد الذي يجعل الجسم مستعداً
للمواجهة والهجوم أو الهروب. يتم افراز الهرمون عندما يتعرض الإنسان للضغوط.
1. الإجهاد الأسروي، وهو
الإجهاد الناتج عن الأعباء والمسؤوليات الملقاة على عاتقك داخل الأسرة، وما هي
توقعات الأسرة منك؟ ما هي واجباتك داخل الأسرة؟ ما هي طبيعة العلاقات داخل الأسرة؟
هل هي علاقات طبيعية؟ أم أنها علاقات متوترة ومشحونة؟ هل فيها الكثير من النكد
والمشاحنات والغضب والقلق؟ أم أن العلاقات مستقرة وأمنة وفيها الكثير من مشاعر
الحب والحنان والدفء؟
v هل يوجد أفراد ضمن
الأسرة يعانون من أمراض مزمنة؟
v هل هناك مخاوف صحية على
أحد الأفراد ضمن الأسرة؟
كل هذه الأمور تساهم مساهمة كبيرة في إحداث ضغط نفسي
يؤدي إلى إجهاد أسروي.
2. الإجهاد الوظيفي، وهو
الإجهاد الناتج عن بيئة العمل المهنية بسبب طبيعة العمل والالتزامات المهنية
والعلاقات داخل العمل بين رئيسك وزملائك وموظفيك وعملائك، وعدد ساعات العمل،
ومخاطر العمل، والمشاكل التي تعترض سير العمل.
3. الإجهاد المادي، وهو
الإجهاد الناتج عن الضغوط المالية، حيث تعتبر هذه الضغوط من أهم العوامل الرئيسة
في حدوث الإجهاد في المجتمع اليوم، فهل أنت متوتر بشأن المال؟ هل لديك ديون كثيرة؟
هل أنت قلق من الكيفية التي سوف تسدد فيها التزاماتك المالية؟
4. الإجهاد الاجتماعي، وهو الإجهاد
الناتج عن العلاقات والالتزامات الاجتماعية والعائلية، ومستوى ونوعية العلاقات
بينك وبين الأخرين، ومدى قدرتك على التكيف مع العلاقات المختلفة، ومدى وجود الثقة
المتبادلة التي تقوم على المصداقية والأمانة والنية الإيجابية ضمن البيئة
الاجتماعية.
5. الإجهاد الصحي، وهو
الإجهاد الناتج عن وجود الأمراض المزمنة والألآم المزمنة، ووجود تهديد صحي على
المستوى الشخصي، أو تهديد صحي لأحد المقربين أو الأصدقاء أو المعارف.
6. الإجهاد الذاتي، وهو
الإجهاد الناتج عن الطبيعة الشخصية وسماتها، فيما إذا كان الشخص انبساطي، عصبي، صاحب
ضمير ومبادئ وكمالي، القدرة على التكيف والتوافق، ومدى الانفتاح على التجربة
والتعلم من الأحداث، ومدى القدرة على إدارة الذات. بالطبع لكل شخصية إنسانية قدرات
متفاوتة ومستويات مختلفة حول العوامل السماتية للشخصية وبالتالي ردود فعل مختلفة
للأشخاص حول الضغوط التي تأدي إلى الإجهاد، وعلى العموم فإن ارتفاع حالة الطلب إلى
الكمال (الكمالية) ونشدانه، وارتفاع حالة العصابية، يؤديان إلى حساسية عالية تجاه
الضغوط الداخلية والخارجية، وبالتالي ارتفاع الإجهاد والتوتر عند من يتصنعون بها
بشكل كبير.
ويضاف إلى ذلك الإجهاد الناتج عن عدم قدرتنا على التعامل
مع الفشل المتوقع أثناء تحقيق الأهداف التي نضعها ونرسمها لحياتنا، ففي كل مرة نجد
فيها أنفسنا غير قادرين على الوصول إلى أهدافنا، فإننا نختبر مستويات عالية من
التوتر، لأن الفشل سوف يعني لنا بأننا لسنا جيدين بما فيه الكفاية.
وأخيراً ضعف إدارة ذاتنا وسوء التنظيم الذاتي يؤدي إلى
ارتفاع حالات التوتر والإجهاد.
باختصار إن الإجهاد ينشأ بسبب ضغوط العائلة وضغوط العمل
والضغوط المالية والاجتماعية والصحية والذاتية أو نتيجة عدم الرضا عن الماضي، أو
القلق بشأن المستقبل، أو من المسؤوليات اليومية التي تجعلك في حالة غليان.
-
أثار الإجهاد على الصحة:
أن التعرض للإجهاد المستمر على المدى الطويل،
يمكن أن يؤدي إلى خسائر جسدية وعقلية حقيقية على صحتك.
وقد أظهرت
الأبحاث وجود صلة وعلاقة بين الإجهاد والمشاكل المزمنة مثل ارتفاع الضغط دن،
والسمنة، والاكتئاب، وتوتر العضلات، والأزمات القلبية، والإصابة بالداء السكري،
والصداع النصفي، ألام الظهر، اضطرابات العادة الشهرية، والسكتة الدماغية، ارتفاع
مستويات الكوليسترول، مشاكل في الغدة الدرقية، ضعف في عمليات التفكير والتذكر،
تأثيرات على الجهاز التناسلي، تأثيرات على جهاز المناعة، وكذلك تأثيرات على الجهاز
الهضمي بحدوث ألام في المعدة، وحالات الغثيان والإمساك أو الإسهال.
الإجهاد
يمتص الطاقة، ويجعلك ضعيفاً مستنفذ القوى، ومنسحباً من أبسط النشاطات اليومية،
ومضطرباً عاطفياً، ومحدثاً خللاً في توازن الطاقة داخل الجسم، كما أن الإجهاد يؤثر
على القدرة في اتخاذ القرارات الصحيحة.
لذلك ومن
البديهي جداً أثناء النظر إلى الأثار الضارة للإجهاد أن نولي أهمية كبيرة لعلاجه
والحد منه في حياتنا اليومية.
-
كيفية التغلب على الإجهاد:
إن الإدراك
البسيط بأنك تتحكم في حياتك هو الأساس في إدارة الإجهاد والذي يدور حول تحمل
المسؤولية حول نمط حياتك وأفكارك ومشاعرك والطريقة التي تتعامل بها مع المشاكل
التي تتعرض لها، وبغض النظر عن مدى الإرهاق الذي تعاني منه، ارفق لك مجموعة من
الإجراءات التي تمكنك من السيطرة على الإجهاد وتخفيف الإجهاد وتخفيف الضغط
واستعادة حياتك الطبيعية والنشيطة.
كما عرفنا
سابقاً إذا كنت تعيش بمستويات عالية من التوتر والإجهاد، فأنت تعرض رفاهيتك
وسعادتك وسعادة الأخرين إلى الخطر، فالإجهاد يؤثر على توازنك العاطفي والعقلي
بالإضافة إلى تأثيراته الخطيرة على صحتك الجسدية، إنه يُغلق ويضيق قدرتك على
التفكير بوضوح، والعمل بفعالية، والاستمتاع بالحياة عموماً.
إن إدارة
الإجهاد الفعالة تساعدك على كسر الإجهاد والضغط في حياتك، كي تصبح أكثر سعادة وصحة
وإنتاجية، فالهدف النهائي لك أن تعيش حياة متوازنة ما بين العمل، والأسرة، والمال،
والعلاقات، والفرح، والاسترخاء، والمرح، والمرونة في الصمود تحت الضغوط ومواجهة
التحديات.
إن
الإجراءات التي تتضمنها إدارة الإجهاد تتضمن مجموعة من النصائح المتنوعة قم
باختيار ما يناسبك منها، وبما يتوافق مع حالتك الخاصة، وفي العموم تعتبر البنود
التالية مفيدة جداً في إدارة الإجهاد الفعالة:
1.
قم بتحديد مصادر التوتر في حياتك:
تبدأ إدارة
الإجهاد بتحديد المصادر والأسباب التي أدت إلى وجوده في حياتك، ولتحديد مصادر
الإجهاد الحقيقية لديك، قم بمراجعة عاداتك اليومية ومواقفك والاعذار التي تقدمها
عن ذلك، أفحص فيما إذا كان الإجهاد مؤقت وعارض أم أنه مزمن ومستمر، هل الإجهاد هو
جزء لا يتجزأ من عملك أو حياتك المنزلية أو علاقاتك، أم أنه كجزء من شخصيتك (لديك
طاقة عصبية كبيرة).
·
هل تلقي باللوم على إجهادك على أشخاص أخرين، أو أحداث
خارجية، ام تعتبره عادياً؟
·
هل فعلياً لديك الكثير من المهام؟
إذا كان
الجواب لا، فكيف يمكن لك أن تشعر بشدة اقل؟
إذا كان الجواب
نعم، قم بوضع خطة للتخلص من الإجهاد.
·
قم بتدوين جميع عوامل الإجهاد التي تعتقد أنها هي السبب
في توترك.
·
أكتب الطرق التي يمكن أن تستخدمها لكي تخفف من إجهادك.
·
أكتب بشكل دقيق، كيف شعرت جسدياً وعاطفياً وعقلياً.
·
أكتب كيف كانت ردودك وكيف تصرفت.
2.
ممارسة أمان إدارة الإجهاد:
في حين أن
الإجهاد هو استجابة تلقائية من جهازك العصبي، إلا أنه هناك بعض أنواع الإجهاد تحدث
في أوقات متوقعة مثل الانتقال إلى عمل جديد، أو الاجتماع مع رئيسك، أو التجمعات
العائلية والعلاقات الأسروية والاجتماعية، فعلى سبيل المثال عند التعامل مع هذه
الضغوطات المتوقعة والتي يمكن التنبؤ بها يمكنك إما تغيير الوضع، أو تغيير رد
فعلك، وفي أي خيار تعمل وتختار بإمكانك استخدام الاستراتيجيات الأربعة التالية:
أ.
تجنب للإجهاد غير الضروري، من خلال تعلم كيف تقول لا
للمواقف المجهولة والمسؤوليات المرهقة، وضع لنفسك حدود سواء في العمل أو في المنزل
لكل الأمور التي يحاول فيها الجميع الاستلاء والسيطرة على حياتك، أو فرض الهيمنة
عليك، تجنب الناس الذين يرغبون بالضغط عليك، وخفف من الوقت الذي تقضيه مع هؤلاء
الأشخاص أو قم بإنهاء العلاقة معهم.
قم بالسيطرة
على البيئة الخاصة بك، فإذا كانت الأخبار تثير قلقك قم بالتوقف عن مشاهدة الأخبار،
واستبدالها بأعمال ممتعة.
ب.
تغيير الوضع، إذا كنت لا تستطيع تجنب أي موقف مجهول
فحاول تغييره، وغالباً ما ينطوي ذلك على تغيير طريقة التواصل والعمل في حياتك
اليومية.
·
قم بالتعبير عن مشاعرك بدلاً من كتمانها، فإذا كان هناك
شيء ما، أو شخص ما يضايقك، كن أكثر حزماً وتحدث عن مخاوفك بطريقة مفتوحة ومحترمة،
تعلم أن تعبر عن مشاعرك، لأن بقائك بحالة استياء سيزيد من حالة التوتر لديك.
·
كن على استعداد لتقديم تنازلات، فعندما تطلب من شخص ما
تغيير سلوكه، كن على استعداد لفعل نفس الشيء، وعندما تكون مستعداً لفعل ذلك، فإنك
تكون قد منحت نفسك فرصة لإيجاد أرضية وسط ومشتركة نحو سعادتك وسعادة الأخرين.
·
قم بإنشاء حالة التوازن ما بين العمل والأسرة والعلاقات
والأنشطة الاجتماعية والمسؤوليات اليومية ووقت الراحة والاستمتاع.
ت.
التكيف مع الضغوط، إذا كنت لا تستطيع تغيير الإجهاد، قم
بتغيير نفسك، يمكنك التكيف مع المواقف المجهدة واستعادة احساسك بالسيطرة من خلال
تغيير توقعاتك ومواقفك.
·
قم بإعادة تشكيل الموقف، حاول أن ترى المواقف المجهدة من
منظور أكثر إيجابية، فبدلاً من غض النظر عن ازدحام المرور، انظر إلى ذلك كفرصة
للتوقف المؤقت للاستماع إلى محطة الراديو أو برنامجك المفضل.
·
أنظر إلى الصورة الكبيرة، وأسأل نفسك عن وجهة نظرها تجاه
الوضع المجهد، أسأل هل هو مهم؟ هل حقاً يستحق الانزعاج؟ إذا كانت الإجابة لا، ركز
وقتك وطاقتك في مكان أخر.
·
اضبط المعايير الخاصة بك، إن الكمالية أو طلب الكمال
ونشدانه يعتبر المصدر الرئيسي للإجهاد الذي يمكن تجنبه، لذلك توقف عن ضبط نفسك على
معايير كمالية عالية، فالفشل جزء من مكونات الحياة، كما هو النجاح كذلك، ضع لنفسك
وللأخرين معايير معقولة وكن جيداً بما فيه الكفاية.
·
ممارسة الامتنان، خذ لحظة للتفكير في جميع الأشياء التي
تقدرها في حياتك، وكن ممتناً لها، يمكن لهذه الاستراتيجيات البسيطة أن تساعدك
للحفاظ على الأمور في نصابها.
ث.
أقبَل الأشياء التي لا يمكنك تغييرها، هناك بعض مصادر
التوتر لا يمكن تجنبها، كما لا يمكنك منع أو تغيير الإجهاد مثل وفاة أحد الأحباء
أو مرض خطير أو ركود اقتصادي عام، ففي مثل هذه الحالات تكون أفضل طريقة للتعامل مع
التوتر هي قبول الأشياء كما هي، قد يكون القبول صعباً، لكن على المدى الطويل، يكون
الأمر أسهل من وضع نفسك في موقف لا يمكنك تغييره.
·
لا تحاول السيطرة على الأمور التي لا يمكنك السيطرة
عليها، فهناك العديد من الأشياء في الحياة خارجة عن نطاق سيطرتنا، ولا سيما سلوك
الأخرين، فبدلاً من التركيز عليها، قم بالتركيز على الأشياء التي يمكنك التحكم بها
مثل الطريقة التي تختارها للتفاعل مع المشكلات.
·
أجعل التحديات التي تواجهك على أنها فرصة للنمو الشخصي،
وأجعلها فرصة للتعلم من الأخطاء.
·
تعلم أسوب الغفران والمسامحة، فنحن نعيش في عالم غير
مثالي والناس فيه يميلون إلى ارتكاب الأخطاء، فبدلاً من الغضب والاستياء، قم
بتحرير نفسك من الطاقة السلبية باستخدام أسلوب الصفح والتسامح والغفران.
·
شارك مشاعرك، يمكن أن يكون التعبير عن ما تمر به أمراً
شاقاً وأحياناً في غاية الصعوبة، ومع ذلك قم بالتحدث إلى صديق موثوق به، أو أبحث
عن معالج معتمد ومؤهل في ذلك. حتى لو لم يكن هناك أي شيء يمكنك فعله لتغيير الموقف
المجهد.
3. قم بممارسة الرياضة والحركة فهو الإجراء الثالث
الذي يمكنك الاعتماد عليه عندما تشعر بالتوتر والإجهاد، فالنشاط البدني هو مسكن
ضخم للضغوط، فتلك الأنشطة تعمل على إمدادك بالاندورفينات (هرمونات السعادة) لتجعلك
تشعر بالرضا، وهي من الإلهاءات القيمة التي تريحك من همومك اليومية، لذلك كل ما
عليك فعله أن تجعل الرياضة ممارسة يومية لمدة نصف ساعة وبشكل منتظم.
حاول أن تستمع إلى الموسيقى الهادئة
والممتعة، وقم بمراقبة مشاعرك وإحساسيك الجسدية، واستشعر لحظات السعادة والفرح
أثناء رياضتك، وخذ أنفاساً عميقة، واجعل ذهنك صافياً.
4. تواصل مع الأخرين، فلا يوجد شيء أكثر
تهدئة من قضاء وقت ممتع مع إنسان أخر يجعلك تشعر بالأمان والفهم. يؤدي التفاعل
وجهاً لوجه إلى إطلاق سلسلة من الهرمونات التي تتصدى لاستجابة وردة الفعل المعروفة
بالكر والفر (الهجوم والهروب) التي يستخدمها الجسم في حالة التعرض للمخاطر
والتحديات. إنها هرمونات تعمل كمسكن طبيعي يخلصك من الإجهاد، لذلك قم بالتواصل مع
الأصدقاء بشكل منتظم، وضع في اعتبارك أن الأشخاص الذين تتحدث إليهم، هم ليسوا
بمعالجين للإجهاد، إنهم ببساطة منصتين ومستمعين جيدين، فالأصدقاء الذين تثق بهم
يمكن أن يساعدوك على تحسين مرادفاتك تجاه ضغوط الحياة.
5. خصص وقتاً للمرح والاسترخاء، حيث يمكنك
التقليل من الإجهاد والتوتر من خلال أتباع سياسة "انه وقت لي" فرعاية
نفسك ضرورة أساسية للحياة الجيدة، لذلك قم بتخصيص وقت دائم للمتعة والاسترخاء،
فذلك يساعدك بشكل جيد على التخفيف من ضغوط الحياة وتحدياتها.
6. قم بإدارة وقتك بشكل أفضل، فسوء إدارة
الوقت وعدم التنظيم يمكن أن يتسبب بالكثير من التوتر، لذلك تعلم أن تخطط لأهداف
حياتك، وأن تضع زمن مناسب لتحقيق كل هدف.
·
ضع لنفسك جدول أولويات يبدأ بالأهم ثم بالمهم، وكن
ملتزماً بذلك طوال الوقت.
·
قسّم الأعمال الكبيرة إلى أعمال صغيرة قابلة للتنفيذ
خطوة بخطوة.
·
فوض المسؤوليات كلما أمكنك ذلك سواء في البيت أو في
العمل، أطلب المساعدة من الأخرين طالما أن يستطيعون أن يقوموا بالمهمة نيابة عنك،
فليس من المعقول أن تقوم بكل الأفعال بمفردك دون أن تشرك الأخرين بها، تعلم تفويض
المهام للأخرين. فأن فعلت ذلك كلما دعت الحاجة إلى ذلك، انخفض مستوى الضغط
وبالتالي التوتر الذي تتعرض له.
7.
حافظ على التوازن مع نمط حياة صحي، فبالإضافة إلى
التمارين المنتظمة، هناك اختيارات صحية أخرى يمكن أن تزيد من مقاومتك للإجهاد
والتوتر.
·
تناول الغذاء الصحي فالأجساد جيدة التغذية تكون مهيأة
بشكل أفضل للتعامل مع الإجهاد، لذلك يجب أن تضع في اعتبارك ما تقوم بأكله يومياً،
واختر لنفسك البرنامج الغذائي الصحي المناسب لك، فهناك العديد من مثل هذه البرامج
يمكنك الاشتراك بها عبر النت.
·
قلل من الكافيين والسكر والكربوهيدرات عموماً، فغالباً
ما ينتهي الكافيين والسكر المرتفع في الدم إلى انهيار في المزاج والطاقة.
إن التقليل
من شرب القهوة والمأكولات الغنية بالسكريات سيمنحك الشعور بالاسترخاء والراحة
وسيجعل نومك أكثر استقراراً وأكثر جودة.
·
تجنب الكحول والدخان والمخدرات فهم ليسوا الحل في مواجهة
التحديات.
·
خذ حقك من النوم الكافي بما لا يقل عن سبع ساعات يومياً
فذلك يمنح الفرصة للجسد والذهن بمعالجة هرمونات التوتر واستبدالها بهرمونات الراحة
والسعادة.
وأخيراً نحن جميعاً نواجه الضغوطات والتحديات
في حياتنا في أغلب الأحيان، وإذا لم نقم بالمواجهة بالشكل الصحيح، فسوف تتحول
الضغوطات إلى إجهاد مزمن، يعرض أجسادنا وعقولنا ومشاعرنا إلى أخطار مختلفة، ولقد
تعلمنا طوال هذا الفصل الحكمة من الشعور بالإجهاد والمتمثلة بتحمل المسؤولية تجاه
التحديات واتخاذ الإجراءات المناسبة تجاه المطالب التي تعترض حياتنا، كما أننا
تعلمنا كيفية التصدي بشكل صحي لمشاعر الإجهاد.
إن جذور مشاعر الإجهاد تكمن في الأساس ضمن
مشاعر الخوف، والتعرف على حكمة مشاعر الخوف يساعدنا أيضاً بشكل كبير على التخفيف
من الإجهاد والتوتر الذي يمكن أن نتعرض له، وفي الفصل القادم سيكون لنا الوقفة
الحكيمة مع مشاعر الخوف التي هي الجذر لكل المشاعر السلبية عموماً.
د. أيمن قتلان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق