حكمة الشعور بالإحباط وخيبة الأمل
إن
محاولة تجاهل مشاعرك تجاه شيء ما، لا يمكن أن يؤدي إلى تفاقم تلك المشاعر فحسب، بل
يؤدي أيضاً إلى الشعور بالإحباط، فالإحباط يحدث كلما واصلت القيام بأشياء لا تفي
بتحقيق احتياجاتك، فالشعور بالإحباط ينمو ويتطور كشعور من الدرجة الثانية بعد أن
تفشل في تلبية احتياجات مشاعر الدرجة الأولى (الشعور بالملل، والغضب، والشعور
بالذنب، والحزن، والنقص، والوحدة، والإجهاد، والخوف)، وبعد أن ترى كل جهودك التي
تقوم بها لم تصل بك إلى النتائج المطلوبة والتي ترغبها.
الإحباط
هو صوت داخلي يقول: ما أفعله لا يؤدي إلى نتائج، والإحباط هو ليس من مشاعر الدرجة
الأولى بل هو من مشاعر الدرجة الثانية، وإذا لم تتعامل مع الإحباط بشكل جدي، فإنه
ينتقل إلى مشاعر الدرجة الثالثة والمتمثلة بالكأبة والاكتئاب.
إذاً،
إذا تجاهلت الإحباط، فأن الألم الذي تختبره من مشاعرك الأولية سيزداد حدة، ومع
تراكمها وعدم القيام بمعالجتها فإنها يمكن أن تتحول في النهاية إلى الاكتئاب.
إن
الرسالة الأساسية التي تخبرك بها مشاعر الإحباط وخيبة الأمل، هي أن ما تقوم به
حالياً لتلبية احتياجاتك، لا يعمل بطريقة جيدة، أو أنه غير فعال، ولا يؤدي بك إلى
النتائج المرغوبة، مما يتطلب منك البحث عن أشياء جديدة تمكنك من الوصول إلى ما
تريد.
إذا
بقيت مستمراً بالقيام بما تقوم به، فقد يصبح ألم احتياجاتك غير المحققة كبيراً
لدرجة أنك لن تكون قادراً على التأقلم والتكيف.
من
المهم جداً أن تنصت إلى إحباطك، لأنه يود أن يخبرك أن ما تقوم به من أعمال، لم يكن
نافعاً، ولم يوصلك إلى النتائج التي ترغبها، وأنه يجب عليك أن تبحث عن أدوات
ووسائل جديدة تساعدك على تحقيق ما تريد وعلى عيش حياة أكثر أشباعا.
عندما
نلاحظ أن لدينا شعور سيء، وندرك بأننا غير مستقرين فإن رد فعلنا على الشعور السيء
يكون من خلال صرف الانتباه عن ذلك الشعور والالتهاء بأشياء غير نافعة، مما يفاقم
المشاكل.
فالحاجة
غير الملباة تعمل على تكثيف الشعور وتفاقمه، ولقد عرفنا سابقاً أن الحاجات غير
الملباة تنشأ عن شعور، وهذا الشعور إذا لم تحل مشكلته فسوف يتحول إلى إحباط وخيبة
أمل ومن بعده إلى الكأبة واكتئاب.
إن
مشاعر الإحباط هي بمثابة دعوة للتغيير، وفحص لكافة الأعمال التي تقوم بها
ومراجعتها واستبعاد ما هو غير مفيد واستبداله بأشياء جديدة تعمل على تلبية
احتياجاتك.
الشعور
بالإحباط وخيبة الأمل يأتي نتيجة عدم قدرتك على تلبية احتياجاتك أو رغباتك من خلال
تصرفاتك وجهودك التي لم تأتِ بثمارها المتوقعة.
تذكر
هذه النقطة لأنها مهمة جداً، فالناس يميلون إلى الشعور بالسعادة حيال حياتهم
بالتناسب المباشر مع مقدار السيطرة التي يمتلكونها تجاه أنفسهم.
إذا
كنت تشعر بأن لديك الكثير من التحكم في طريقة حياتك، فمن المحتمل أن تشعر بالسعادة
ومغزى ومعنى الحياة، ومع ذلك إذا كنت في موقف لا تتحكم فيه إلا بقدر ضئيل في كيفية
ظهور الأشياء، فأنت أقل عرضة للشعور بالسعادة ومغزى الحياة.
أن
السبب في ذلك بسيط جداً. الناس لا يملكون السيطرة على حياتهم، بحيث يكونون مليئين
بمشاعر عدم اليقين وعدم الأمان، لأنهم سوف يكونون تحت رحمة شخص ما يتحكم بهم، أو
تحت رحمة شيء أخر يقوم بهذا المقام.
هذا
المبدأ نفسه ينطبق على الشعور بالإحباط، فعندما تعاني من الإحباط، فهذا يعني بأن الأشياء
التي تقوم بها لا تمنحك القدرة على السيطرة على حياتك، وبالتالي عدم اليقين وعدم
الأمان، وهما بدورهما يولدان الخوف والقلق. وكما عرفنا سابقاً فإن الخوف يأتي
نتيجة لخطر محسوس (حقيقي أو وهمي) سواء أكان جسدي أو انفعالي، والذي يسبب لك عدم
القدرة على السيطرة الشخصية لحياتك، وأنك غير قادر على تجنبه.
إن
الإحباط الذي تشعر به، يعني أن ما تقوم به حالياً لا يعمل وغير مفيد، لذلك يجب
عليك أن تجرب شيئاً أخر قبل أن تتفاقم الأمور إلى مرحلة الاكتئاب.
إن
الشعور بالإحباط وفق حكمة المشاعر ورسائلها يعتبر أداة قوية للتفكير مجدداً
بطريقتك في الحياة، وماهية أهدافك، وكيفية تنفيذك للوصول إلى أهدافك.
- تعريف الشعور بالإحباط:
الإحباط
هو الشعور الذي يتولد عن الأشياء التي تريدها ولكنك لا تتمكن من الحصول عليها، مما
يجعل حياتك بائسة، لأنك تبذل باستمرار الجهود وأنت لا ترى النتائج.
ويمكن
تعريف الإحباط أيضاً بأنه أحساس مزمن وعميق من حالة انعدام الأمن وعدم اليقين وعدم
الرضا الناجم عن مشاكل لم تحل، أو احتياجات لم يتم تلبيتها.
الإحباط
مشاعر من عدم اليقين وانعدام الأمن التي تنبع من الإحساس بعدم القدرة على تلبية
الاحتياجات، وهذه بدورها تسبب عدم الارتياح والإحباط واستمرار ذلك قد يؤدي إلى
حالة من الاكتئاب والغضب وفقدان الثقة بالنفس والميل نحو العدوان وأحياناً العنف.
وعادة
يحدث عدم القدرة على تلبية الاحتياجات بطريقتين مختلفتين، داخلية وخارجية، فعدم
القدرة على تلبية الاحتياجات التي تحدث بسبب المنع الداخلي في عقل الفرد، إما من
خلال الاعتقاد بعدم القدرة، أو فقدان الثقة، أو تضارب الأهداف أو الرغبات أو بسبب
المخاوف المتخيلة، بينما يحدث المنع الخارجي لتلبية الاحتياجات عند الفرد لأسباب
خارجه عن سيطرة الفرد مثل الحواجز المادية، او المهام الصعبة أو ضياع الوقت وهدره
دون تحقيق الإنجازات بسبب الأخرين.
إن
الإحباط هو شعور يحدث في الحالات التي يتم فيها عدم وصول الشخص إلى نتائجه التي
يرجوها، فعندما يصل الإنسان إلى أحد أهدافه يشعر بالسرور، وكلما وجد حائل بين
الإنسان وأهدافه يمنعه من الوصول إلى ما يريد، فإنه يستسلم إلى مشاعر الإحباط
والضيق والانزعاج والغضب، وكلما كان الهدف أكثر أهمية وقيمة، زاد الإحباط والغضب
وفقدان الثقة بالنفس.
الإحباط
وفق مفهوم حكمة المشاعر هو ليس مؤشراً سيئاً بل هو مؤشر مفيد لمواجهة المشاكل
ومحفز للتغيير وللبحث عن أدوات ومناهج عمل جديدة تكون أفضل من التي كنا نستخدمها
سابقاً والتي لم توصلنا إلى ما نريد.
يمكن
أن يكون الإحباط مدمراً في حالة استسلامنا للعجز والقنوت واليأس وعدم البحث عن
بدائل نافعة، حيث يقودنا ذلك إلى حالة من الاكتئاب والقلق والتوتر.
- أسباب الشعور بالإحباط:
يتم
الشعور بالإحباط عندما لا تبدو النتائج التي كنا نتوقعها ملائمة للجهد والإجراءات
التي كنا نقوم بتطبيقها، فالإحباط سيحدث عندما تنتج أفعالك نتائج أقل، وأقل مما
كنت تعتقد وتتوقع، حيث يمكن النظر إلى الإحباط الذي نختبره كنتيجة لنوعين من
انسداد الأهداف، أي أن مصادر الإحباط قد تكون داخلية أو خارجية، فعادة ما تتضمن
المصادر الداخلية للإحباط خيبة الأمل، التي تحصل عندما لا يمكننا الحصول على ما
نريد نتيجة لعيوب شخصية حقيقية أو متخيلة مثل عدم الثقة، أو الخوف من المواقف
الاجتماعية، وهناك نوع الإحباط الداخلي ينتج عندما يكون للشخص أهداف متنافسة تتداخل
مع بعضها البعض فيفشل في تحقيق أيٍ منها.
النوع
الثاني من الإحباط ناتج عن أسباب خارجية تنطوي على ظروف خارج إرادة الإنسان مثل
الحواجز المادية التي نواجهها في الحياة بما في ذلك الأشخاص الأخرين والأشياء التي
تعوق مسيرتنا نحو أهدافنا. إن أحد أكبر مصادر الإحباط في عالم اليوم هو الإحباط
الناجم عن إدراك الوقت الضائع والمهدور في حركات المرور والانتظار على الدور في
البنوك والمؤسسات الحكومية، أو بسبب المكالمات الهاتفية التي تتلقاها دون هدف واضح
منها، بالطبع يمكن اختيار بدائل وطرق تخفف من سطوة الظروف الخارجية وبالتالي
التخفيف من شعورنا بالإحباط.
والمبدأ
الأساسي للتخفيف من الشعور بالإحباط هو قبول الأشياء التي لا نستطيع أن نغيرها.
في
بعض الأحيان يمكن أن تكون مشاعر الإحباط التي نختبرها قوية لدرجة أنها تخفي
مشاعرنا الحقيقية عنا، وهذا يمكن أن يؤدي إلى إحساسنا بالإحباط دون معرفة سبب واضح
لذلك، أو دون معرفة ما الذي يحتاجه احباطنا لكي يزول، وعلى العموم عندما يحدث ذلك
استخدام الأسلوب التالي عبر سؤال نفسك:
ما الذي يشعرني بالإحباط؟
على
سبيل المثال تعطل جهاز الكمبيوتر.
ما الذي أحاول القيام به؟
على
سبيل المثال الانتهاء من عملي.
ما الذي أحتاج إلى تحقيقه؟
على
سبيل المثال حاجتي إلى النمو والتطور.
الفكرة
الأساسية هنا، أنه بمجرد أن تكون لديك فكرة عما تحتاج إلى تحقيقه، ستكون في وضع
أفضل لفهم ما هو شعورك الأساسي، لذا فاستمراراً للمثال الوارد أعلاه، قد أقرر أن
شعوري الأساسي هو الغضب لأن جهاز الكمبيوتر الخاص بي يتعطل بصورة مستمرة عندما
أحاول القيام بعملي.
عندما
أفهم شعوري الأساسي، يمكنني حينئذٍ الرد بشكل مناسب عليه من خلال تذكر الرسالة
التي يحاول الغضب أخباري بها، حيث يخبرني الغضب أن شيئاً عن هذا الوضع غير عادل أو
غير صحيح، ولذلك يجب أن أفعل شيئاً حيال ذلك لجعله صحيحاً. قد تتضمن الاستجابة
المناسبة لهذا الغضب العثور على كمبيوتر أخر للعمل عليه، أو القيام بإصلاح جهاز
الكمبيوتر الخاص بي.
إذا
لم أقم بهذه الإجراءات لاكتشاف شعوري الأساسي، قد أقوم بضرب شاشة الكمبيوتر. وهذا
لن يفيد في تلبي حاجتي للعمل على الكمبيوتر من أجل النمو والتطور.
إن
أغلب الأسباب الشائعة حول الشعور بالإحباط يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:
1. فقدان القدرة على التحلي بالصبر، ورغباتنا
بتحرك الأشياء والأحداث بسرعة كبيرة، مع إهمالنا لقيمة الوقت الحقيقية وإهدار
الجزء الأكبر من الوقت على الأمور غير النافعة.
2. انتشار البطالة وغياب الأهداف وغياب الأهداف
البانية للحياة، فالعقل الفارغ هو ورشة عمل الشيطان بداخله.
3. الشعور بعدم الجدوى وانعدام الثقة والشعور
بالنقص.
4. الإفراط في استخدام التكنولوجيا والادمان على
وسائط التواصل الاجتماعي.
5. الإفراط والمبالغة في طلب استخدام الملابس
بطريقة المشاهير وأبطال السينما ونجومها.
6. عدم تخصيص الوقت الكافي للعائلة، فقد وجدت
الأبحاث أن الأباء والأمهات الذين لا يقضون وقتاً كافياً مع أطفالهم يسببون لهم
حالة من الإحباط والغضب بداخلهم.
7. مشاهدة أفلام الرعب والعنف بكثرة وكذلك لعب
الألعاب الإلكترونية العنيفة.
8. المقارنة المستمرة مع الأخرين.
9. محاولة القيام بأشياء لا تشعر بأنك مؤهل لها.
10. عندما تفعل شيئاً خاطئاً، ويبقى الناس يذكرونك
به طوال الوقت.
إن
فهمنا للإحباط ورسائل المشاعر الأساسية ذات الدرجة الأولى يمكن أن يكون بمثابة
أكبر محفز للطموح والتغيير نحو الأفضل.
إن
الإحباط هو مثل أي عاطفة مؤلمة، فهذا ما يبدو ظاهرياً ومع ذلك يمكن أن تكون مشاعر
الإحباط مفيدة إذا تم توجيهها بالطريقة الصحيحة، دعونا نلقي نظرة على بعض فوائد
الشعور بالإحباط فهذه الفوائد سوف تساعدك على فهم أفضل لحكمة الشعور بالإحباط
وخيبة الأمل، والأثر الإيجابي الذي يمكن أن تحدثه تلك المشاعر في حياتك.
الشعور بالإحباط هو بمثابة تحفيز لدوافعك
لمواصلة المحاولة حتى تصل إلى النتائج المطلوبة، باعتماد طرق جديدة.
الشعور بالإحباط يعمل على تحفيز خيالك وتعبئة
حواسك، والسبب في حدوث ذلك هو أن عدم الرضا عن ظروفك يدفعك إلى أن تبقى مصمماً على
إنجاز الأمور وتحقيق النتائج، وهذا سيجعلك تحرك حواسك لمحاولة اكشاف شيء ربما قد
فاتك سابقاً وهذا بدوره يحرك التفكير لديك والقدرات الإبداعية للبحث عن وسائل
جديدة لحل المشكلات وتلبية الاحتياجات.
إن
الإحباط جزء مستمر من الحياة، قد لا تشعر بالإحباط اليوم، ومع ذلك، عاجلاً أم
أجلاً سوف تحدث الأشياء غير المتوقعة، وسوف تختبر شعور الإحباط غير المريح في
جسدك، وقد آن الأوان لكي تكون مستعداً للتعامل مع مشاعر الإحباط وخيبة الأمل.
- ما الذي يجب القيام به إذا كنت لا تحقق
النتائج:
إذا
كنت بالفعل على دراية بشعورك الأساسي، ولكنك لا تزال تعاني من الإحباط نتيجة
لجهودك، فقد يكون ذلك لعدة أسباب:
أنت لا تبذل الجهد اللازم كما ينبغي أن يكون.
أنت لا تنسق جميع جهودك.
أنت تتوقع أن تحصل على نتائج فورية كما أنك لا
تعطي لنفسك الوقت الكافي للقيام بالأمور بالشكل الصحيح.
طريقتك في تلبية احتياجاتك غير الملباة هي
طريقة صحيحة انما تحتاج إلى بعض التعديلات البسيطة عليها.
ما تقوم به لا يحقق لك أية نتائج، فأنت بحاجة
إلى البحث وتجربة شيء جديد يمكن أن يوصلك إلى تلبية احتياجاتك ويحقق لك النتائج
التي تريدها.
أياَ
كان السبب، عليك أن تتذكر دائماً أن المحاولة بجدية أكبر في شيء لا ينفعك، سيسبب
لك المزيد من الإحباط لذا حاول أن تكون مبدعاً وأن تفكر في طرق جديدة لمعالجة
المشكلة.
هناك
طريقتان لوقف الشعور بالإحباط، يمكن القيام بها:
أ. البحث عن الاستجابة المناسبة وهي الطريقة
المرغوبة فيها أكثر من غيرها والتي تتمثل باتخاذ بعض الإجراءات الفعالة في تلبية
احتياجاتك غير الملباة.
على
سبيل المثال، إذا كنت تشعر بالوحدة (شعور أساسي من الدرجة الأولى) ونتيجة لجهودك
تجد صديقاً تتعرف عليه، فإن مشاعر الشعور بالوحدة سوف تتلاشى بسرعة، وبما أنك قد
نجحت الأن في تلبية حاجتك لعلاقة ما، فإن مشاعرك بالإحباط من محاولة العثور على
شريك سوف تختفي أيضاً.
هذه
هي المقاربة المثالية، وما يجب أن نهدف إليه جميعاً هو أن نقوم بتلبية احتياجات
المشاعر الأساسية التي تحقق لنا الرضا وحالة الاشباع.
ب. التوقف عن محاولة تلبية احتياجاتك، وهذا سيؤدي
إلى انخفاض مستوى الإحباط، إن عدم اتخاذ أي أجراء من أجل تلبية الاحتياج الأساسي،
فإن الألم الناتج عن عدم تلبية الاحتياج الأساسي سيبقى موجود. إنما سيساهم بشكل
مؤقت في التخفيف من الإحباط، وبالعودة إلى المثال السابق، إذا كنت وحيداً، يمكنك
التوقف عن البحث عن أشخاص لتكوين علاقة معهم، وقبول ما أنت عليه، فهذا سيؤدي إلى
أنهاء الإحباط الناتج عن عدم القدرة على العثور على صديق جيد، إنما ستبقى تشعر
بالوحدة.
- كيفية التغلب على الإحباط:
المقصود
من الحياة أن تكون أغنية من الفرح، فكلما تحقق لنا هدف، نشعر بالغبطة والسعادة،
ونشعر بالتزامن مع أغنية الحياة، وكلما تم منعنا من الوصول إلى أهدافنا، فمن
المحتمل أننا قد نستسلم للإحباط، ونشعر بالضيق وسرعة الانفعال، وبما أن الإحباط
ينفي السعادة، فإنه لا يوجد أي معنى للاستسلام إلى الإحباط، فالاستسلام للإحباط هو
من يجعل الهزيمة المؤقتة لأهدافنا، هزيمة دائمة.
إن
الإحباط له معنيان، الأول منهما هو الشعور بخيبة الأمل التي يحصل عليها بعض الناس
عندما لا يستطيعون الحصول على ما يريدون، بينما المعنى الثاني هو عرقلة خططنا أو
جهودنا بسبب شخص ما، فالإحباط بهذا المعنى أمر لا مفر منه، إذاً لا بد من إحباط
بعض خططنا، وهذا أمر قد لا نستطيع فعل شيء تجاهه في بعض الأحيان، وكل ما نستطيع
فعله إذا كان الأمر كذلك، هو قبول الحياة بما فيها من سلبيات وإيجابيات، وإن قبول
الحياة الواقعة هو أحد أسرار تجنب الإحباط ويذكرني هنا دعاء لبناء المستقبل:
رب
هب لي شجاعة وقوة وحماسة لتغيير الأشياء التي أستطيع تغييرها، رب أمنحني السكينة
والهدوء والرضا والقبول للأشياء التي لا أستطيع تغييرها. رب أمنحني الحكمة وبصورة
مستمرة لكي أعرف ما الذي أستطيع تغييره وما لا أستطيع تغييره، لكي أتخذ القرار
الصحيح دائماً لبناء المستقبل الأفضل ونوعية الحياة والأحسن والأجود.
إن
الإحباط يمكن أن يعلمك الكثير عن مشكلتك، عندما يتم التعامل معه بوعي وفهم وإدراك
عالي، فالإحباط يمكن أن يساعدك على اكتساب المهارات اللازمة لإدارة مشاعر أخرى
أساسية من الدرجة الأولى، (كما مر معنا سابقاً) الإحباط حسب مفهوم حكمة المشاعر هو
ليس بالشعور السيء هو مؤشر بلون أحمر يقول لك أن شيئاً ما يحتاج إلى الاهتمام به
أكثر وعدم تجاهله وخصوصاً مشاعر الغضب والقلق والنقص والملل.
وفيما
يلي إليك بعض النصائح للتغلب على الإحباط المحتمل:
1. حاول تحويل مشاعر الإحباط إلى شيء مريح،
فالشعور بالإحباط هو مفتاح لمنتج مستقبلي يمكنك أنشاؤه، فأنت محبط لعدم قدرتك على
القيام بشيء ما حتى تقوم بإيجاد الحل الخاص الذي يمكنك من الوصول إلى ما تريد. قم
بالبحث عن الحل.
2. أختر عدم العيش في الجهل، أبحث عن التعلم
المستمر لكي ترفع من وعيك وتزيل العقبات التي تقف في طريقك.
3. تذكر تجاربك السابقة التي تعرضت فيها للإحباط،
وكيف استطعت أن تنجح في معالجة إحباطك، فطالما أنك نجحت سابقاً، فأنت تستطيع أن
تنجح الأن.
4. تبادل الأفكار مع الأخرين، أبحث عن صديق موثوق
ومؤهل وناقش معه قضية إحباطك، وانصت على توجيهاته وقم بتطبيقها.
5. كن نشيطاً وحيوياً ومرناً، ولا تكن جامداً في
الحياة، ففي كثير من الأحيان يُولَد الإحباط بسبب التوقعات، وبسبب ميلنا إلى تنفيذ
الأمور بطريقة معينة، وعندما لا نستطيع أن نفعل ذلك يرتفع مستوى الإحباط لدينا،
حاول أن تكون مرناً، وأن تكون ممتناً لما لديك.
6. ذكّر نفسك أن العقبات والفشل ليست إلا تجارب
وخبرات على طريق النجاح.
7. لا تركز على إحباطك، بل ركز على ما يجب أن تكون
ممتناً له في هذه اللحظة، ثم ركز على إيجاد حل لإحباطك.
8. نظم حياتك وخطط لكافة المراحل والخطوات، واجعل
ذلك واضحاً في رأسك، فعدم الوضوح يؤدي إلى الفوضى، والفوضى تؤدي إلى الإحباط.
9. حاول أن تغيير نفسك باستمرار نحو الأفضل، ولا
تحاول أن تغير الأخرين، بمعنى أجعل تركيزك الأول على حياتك وكيفية بناء نموها
وتطورها، وبعدها ساعد من يحب أن يتطور.
إن
الإحباط عاطفة قوية ومفيدة عندما تقوم بمساعدتك في تحقيق أهدافك، وهذا لن يحدث إلا
إذا فهمت الرسالة الأساسية لحكمة الشعور بالإحباط والتي تدعوك إلى تجريب أشياء
جديدة للوصول إلى ما تريد.
وإليك
بعض الخطوات التي تساعدك على تحويل مشاعر الإحباط إلى عملية نجاح تعمل لصالحك:
أ. تحمل المسؤولية تجاه مشاعرك بالإحباط، ولا
تعتبر نفسك ضحية للظروف والأحداث والأشخاص.
ب. لا تَخف من مشاعر الإحباط، فالإحباط هي مجرد
مشاعر مؤقتة ما دمت غير مستسلم لها، فمفتاح التحكم بمشاعر الإحباط ليس الخوف منها
بل بالعمل عليها بشكل مناسب.
ت. أفهم العلاقة بين الإحباط والنجاح، مشاعر
الإحباط ليست بالروح الشريرة التي ستجعلك تنهار في الظلام، إنها قوة يمكن التحكم
بها لكي تدفعك إلى الأمام، فالإحباط محفز قوي للنجاح.
ث. أستفيد من فهمك للإحباط الذي سيمنحك فرصة
لإزالة الأشخاص السلبيين من حياتك، فالإحباط هو فأس يساعدك على تحديد ما يجب قطعه
في حياتك من أشخاص ومن منغصات وعقبات.
- الخطوات الأربعة لعلاج الإحباط:
استخدم
الإرشادات التالية لمساعدتك في علاج الشعور بالإحباط والاستجابة له بشكل مناسب
وعملي:
1. تذكر حكمة الشعور بالإحباط ورسالته الإيجابية،
فالشعور بالإحباط يخبرك أن ما تقوم به حالياً لا يعمل على تلبية احتياجاتك، ولذلك،
يجب ان تجرب أسلوباً مختلفاً.
2. تعرف على الشعور الذي تعيشه، فالإحباط يجعلك
تشعر كما لو كان لديك سيطرة ضئيلة أو معدومة على البيئة المحيطة بك، كما يمكن أن
يجعلك تشعر بالاستسلام لأن لا شيء تفعله يؤدي بك إلى تحقيق ما تريد. يترافق مع
الإحباط مشاعر الخوف والغضب.
3. قرر لماذا تشعر بالإحباط، إذا كنت تشعر
بالإحباط اسأل نفسك:
أ. ما هي الأعمال التي أقوم بها ولم تحقق نتائج؟
ب. هل شعوري بالإحباط قادم كنتيجة لي من إلهاء
نفسي عن مشاعري؟ أم هو ناتج عن مظاهر حقيقية ألمها بالواقع؟
4. اتخذ إجراءات لتغيير مشاعرك، لإنهاء حالة
الإحباط لديك، عليك أن تفعل شيئاً يعمل على تلبية احتياجاتك غير الملباة في الوقت
الراهن.
قم
أولاً بتحديد أي شعور أو مشاعر تسبب لك الألم الحالي ثم حدد الرسالة والحكمة التي
يحاولون إيصالها لك وفق ما تعلمت في الفصول الماضية، وإليك تلك المشاعر التي تساهم
وتؤدي إلى الإحباط والرسالة المحتملة التي تحملها لك:
أ. الشعور بالملل (الحاجة إلى التحفيز الذهني
والاهداف الجديدة).
ب. الشعور بالغضب (الشعور بأن هناك ظلم واقع
عليك).
ت. الشعور بالذنب (الظلم واقع منك على الاخرين).
ث. الشعور بالحزن (يخبرك عن الخسارة والفقد وضرورة
مواصلة الحياة).
ج. الشعور بالوحدة (الحاجة لأن تكون مع الأخرين).
ح. الشعور بالإجهاد (الحاجة إلى فهم الضغوط
والاسترخاء).
خ. الشعور بعدم الكفاية والنقص (عدم الثقة في
قدراتك).
د. الشعور بالخوف (توجيه نحو معرفة المخاطر
والتحديات).
أفحص أي من هذه المشاعر التي تعتقد أنها تسبب
لك الإحباط؟
ابحث عن الإجراءات المناسبة التي يمكن أن
تتخذها للتخفيف من الإحباط أو القضاء عليه، قم باتخاذ مساراً فعالاً يؤدي إلى
تلبية احتياجاتك الأساسية، وعندما تفعل ذلك، فسوف تتمكن حينئذٍ من التخلص من
إحباطك.
الخلاصة:
أن الشعور بالإحباط يأتي نتيجة عدم تلبية
الاحتياجات للمشاعر الأساسية من الدرجة الأولى، والتي يتم تجاهلها باستمرار عبر
الإلهاء والتشتيت للانتباه.
تأتي مشاعر الإحباط لتخبرنا بأن ما نعمله وما
نبذله من جهود لم تأت بالثمار المطلوبة، لذا يجب علينا محاولة القيام بأشياء أخرى
وأساليب جديدة من أجل الوصول إلى النتائج التي نرغبها.
إن الإنصات إلى حكمة مشاعر الإحباط يمنحك
الفرصة للتقليل من الالم الذي تعاني منه مع مشاعرك الأساسية، عبر اتخاذ طريق فعال
يؤدي إلى تلبية احتياجاتك.
وكذلك فإن الإنصات إلى حكمة مشاعر الإحباط
يمكن أن تمنع عنك الدخول في مشاعر الاكتئاب والكأبة، بينما عدم القيام باتخاذ
إجراءات تصحيحية في مرحلة الإحباط سوف يؤدي بك إلى حالة الاكتئاب.
د. أيمن قتلان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق