الاثنين، 28 أبريل 2014

التعاون مبدأ كوني

الحل في رؤوسنا


الحل موجود في رؤوسنا و غائب في واقعنا.
عندما تم جلب البندورة{ الطماطم} إلى أوربا من الأمريكيتين للمرة الاولى أطلق عليها عالم نبات فرنسي لفظ خوخة الذئب المخيف و هو الأسم الذي تحدث عنه العلماء القدامى محذرين من تناول هذه المادة الجديدة التي قد تسبب الوفاة و المشاكل الكثيرة للأنسان، لذلك عمد الأوربيون إلى الأكتفاء بزراعة هذه النبتة{ البندورة- الطماطم} في حدائقهم كنبات للزينة.
ومن المفارقات  العجيبة في الحياة أن الأوربيون كانوا يعانون من مرض الأسقربوط{ الاسقربوط أو ما يسمى بمرض بارلو هو ضعف الشعيرات الدموية. من أعراضه نزيف اللثة وتورم المفاصل، يؤدى إلى ضعف في الجسم عامة و آلام في الاطراف وقد يؤدى إلى الموت.} والذي كان يمكن علاجه بفيتامين ث{ مادة مقاومة للأكسدة ضرورية لصنع الكولاجين ، كما  أن هذا الفيتامين ضروري لإستقلاب البروتين، وهو مفيد في علاج مرض الأسقربوط} المتوفر بكثرة في تلك النبتة التي لم يتجرؤوا على تناولها لأن أحدهم قد قال بأنها سامة مما شكل لديهم مفهوم خاطئ عن هذه النبتة و عن فوائدها في علاج أهم و أخطر مرض منتشر فيما بينهم{ الأسقربوط} .
إذاً المعلومات الخاطئة قد أدت إلى معرفة خاطئة و إلى فهم خاطئ و إلى سلوك و فعل خاطئ  لا يحقق نتائج نافعة للناس في علاج مرضهم من أبسط المواد المتاحة لهم في حدائق منازلهم.
و كذلك الامر بالنسبة لمشاكلنا و صراعاتنا و حروبنا و مستقبلنا القادم فالناس قد اصبحت مصنفة لأنفسها من قبل ذاتها و من قبل الاخر ضمن نماذج، أو أنماط، أو أساليب، أو طوائف، أو مذاهب، فهناك المؤيد وهناك المعارض و هناك الديني و يقابله العلماني و هناك المسلم و يقابله المسيحي أو اليهودي و هناك النساء و هناك الرجال. و أيضاً الوطني و اللاوطني و الحزبي و اللاحزبي و الأخلاقي و غير الأخلاقي، أي هناك الشيئ وهناك ما يماثله بالتضاد الخير و الشر الحلال و الحرام الصح والخطأ.
و بالطبع و طالما حديثنا عن الناس فأن هناك فريقين أو أكثر وكل فريق ينتمي إلى طائفة او نموذج له أسلوب و موضوع تفكير يختلف تماما عن اسلوب و موضوع تفكير الفريق الاخر و هذا التفكير عند هذا الفريق أو ذاك نشأ نتيجة التربية و العادات و الدين و المذاهب و الاصدقاء و المعرفة المتحصلة و الوالدين و التعليم و الإعلام و التاريخ و المدرسين و القادة السياسيين و القادة الدينيين. و البيئة التي ترعرع بها الانسان و أخيرا الجهل والعمى المعرفي الذي يعتقد الانسان خلو نفسه منها.
إذا كل فريق و كل إنسان لديه و بسبب كل الامور التي تم عرضها على مسافة سطرين من هنا تصور ما عن الحياة و الواقع و المستقبل و الصح والخطأ و الحلال والحرام و الخير و الشر يختلف تماما عن الفريق و الانسان الاخر و هذا ما يُعرف بأن لكل فريق أو انسان نموذج أو خارطة عن الواقع و الحياة و المستقبل فمن خلالها يفسر و يحلل و يستنتج و يفكر و يتصرف و يفعل ويضنع نتائجه و يضاف إلى ذلك أمنيات و رغبات و تمنيات هذا الفريق أو ذاك لما يرغبون بحدوثه مستقبلاً و الذي يتوافق مع مفاهيمهم و معارفهم المزروعة في رؤوسهم كخرائط و تصورات للواقع قد نشأت بفعل المعلومة و التاريخ و التفسير و التحليل و الاستنتاج و الذي هو مختلف تماماً للواقع وليس الواقع على حقيقته أي كل إنسان و كل فريق لديه نموذج  يفسر به احداث الواقع يمكن صياغته بشكل رياضي بسيط.    
نموذجك/ نموذجي =
                               الخريطة الذهنية التي تفسر                   الأمنيات و الرغبات
                                      و تحلل الواقع و فق التاريخ      +   التي نتمناها وأتمناها
                                      و موروثات وتعاليم خاصة             أن تحدث في المستقبل
                                        من المعرفة.

هذا النموذج هو الذي يحدد مسيرتك في الحياة كما يحدد توجهك  و يحدد مستقبلك أو مستقبلي لكنه لا يحدد مستقبلنا معاً  انه نموذج إما أنا{ نموذجي} أو أنت{ نموذجك}.
هنا تكمن مشاكلنا و صراعاتنا في خرائطنا و تفسيراتنا و فهمنا و أمنياتنا و رغباتنا و التي هي في الأساس مرتبطة بهويتنا و بمواقعنا و أنتمائتنا مع هذا الفريق أو ذاك.
نستطيع أن نقول ببساطة شديدة أن مشاكلنا العظيمة مرتبطة بفهمنا و معرفتنا التي أفرزت سلوكياتنا و تصرفاتنا و التي بدورها هددت علاقاتنا و طبيعتها ليصبح كل طرف أو كل إنسان أو كل فريق معتقد و مؤمن بأنه هو الصح و الأخر هو الخطأ أو العكس حيث يتخذ كل طرف موقف المدافع و موقف المهاجم/ أو موقف المعارض أو موقف المؤيد.
و الأن هل يمكن أن نتجاوز هذا الأسلوب أو النموذج من التفكير الذي أفرز حالتنا هذه من الصراع و الحرب و القتل و التدمير؟
هل يمكن ان يوجد نموذج أفضل من نموذجك أو طريقك و أفضل من نموذجي و طريقي؟
هل يوجد نموذج ليس له علاقة بطريقتك أو طريقي ولا يشكل حلاً وسطاً يجمع بين ما تريد و ما أريد؟
طبعاً يوجد مبدأ كوني عظيم مغروس في رؤوسنا و عرفته الأنسانية منذ القديم و طبقته في حياتها فحقق لها  التقدم و الازدهار و التفاهم و النجاح و قضى على حروبها و صراعاتها و هناك أيضاً من الأمم من يعرفونه و لكنهم لا يطبقونه نتيجة  تكبرهم و غرورهم و أنانيتهم.وهناك امم لم تسمع به ابداً بسبب جهلهم ورفضهم للتعلم مكتفين بما لديهم .
إنه المبدأ الذي يقول الكل أكبر من مجموع أجزائه حيث الواحد+ الواحد يساوي عشرة أو مئة أو ألف و هو المبدأ الذي يقوم على التعاون الإبداعي بين البشر ليفكروا بحل صراعاتهم واصعب مشاكلهم و بناء مستقبلهم  الآمن بطريقة بديلة عن تفكيرك و تفكيري أو طريقي أو طريقك.
و هنا يكمن الإبداع و التغيير الحقيقي من قبل الأفراد الذين يرغبون بالانتقال من حال سيئ إلى حال أفضل من قبل أفراد لديهم ارادة قادرة على بناء المستقبل الأفضل من خلال التعلم و فهم هذا النموذج الذي يمكن تعليمه للناس بسهولة فقط أحتاج منكم رغبتكم و صدقكم بالتعلم حيث أريد أن أسمع منكم لنبني معاً مستقبلنا المزدهر.فمستقبلنا يكمن في رؤوسنا المتعاونة.                                                                         

                                                 بسم الله الرحمن الرحيم

                              {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}
                                                                                                                                        د. ايمن قتلان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق